"صورة قاتمة".. مجلة فرنسية: الأصول البنكية في تونس على وشك الانهيار

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، الضوء على تدهور الأصول المصرفية في تونس بشكل متواصل، مؤكدة أن هذا الوضع يرسم صورة قاتمة في البلاد التي تعيش أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة.

وذكرت المجلة أن المؤسسات التونسية البنكية هي الأكثر تأزما في القارة الإفريقية، ويُعد اليوم 23 مصرفا بالبلاد ضحايا للظروف المحلية والدولية المتوترة، لاسيما بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وضع خطير

وأشارت المجلة إلى أن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الأميركية خفضت التصنيف السيادي لتونس في مارس/ آذار 2022، من B- إلى CCC.

وقالت إن المؤسسات المصرفية في البلاد من بين الأكثر عرضة للضرر في القارة الإفريقية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

وتعمل المؤسسات البنكية التونسية بشكل أساسي على المستوى المحلي، لذا فهي تمتلك القليل جدا من الأصول في البلدين المتحاربين.

لكن النتائج غير المباشرة للصراع، مثل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية الأساسية، نتيجة التضخم الذي بلغ 7.2 بالمئة في مارس، فضلا عن انخفاض معدلات السياحة وتدفقات رأس المال الأجنبي، وكل ما سبق من شأنه تسريع مخاطر إفلاس البنوك.

ووفقا للمعهد التونسي للإحصاء، ارتفعت واردات الطاقة بنسبة 87.2 بالمئة في الربع الأول من 2022، وهي تمثل حوالي ثلث العجز التجاري.

ومع ذلك، فكلما طال الصراع في أوروبا، من المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة أكثر، ما يجبر القطاع الصناعي على وجه الخصوص على الاقتراض أكثر لتزويد نفسه بالمواد الخام والمنتجات شبه المصنعة، بينما من المتوقع أن ينخفض ​​الطلب المحلي.

وفي عام 2021، مثلت القروض الممنوحة للقطاع الصناعي 44 بالمئة من القروض المصرفية للمهنيين. 

كما سيتأثر قطاع السياحة سلبا مع بداية موسم الذروة في تونس.

وينتمي الأوروبيون من السياح الذين يزورون تونس بشكل أساسي إلى الطبقة الوسطى، ويمكنهم تخطي عطلتهم في تونس هذا العام.

وخسرت وزارة السياحة التونسية بالفعل السياح الروس، الذين شكلوا 6 بالمئة من الزوار الأجانب في عام 2019، العام المرجعي.

والسياحة هي أحد المصادر الرئيسة لعائدات العملات الأجنبية للبنوك التونسية.

تداعيات صعبة

ومع توقف الصناعة والسياحة، تتوقع وكالة فيتش زيادة قروض التخلف عن السداد بنسبة 14 بالمئة.

وكان البنك الدولي قد رجح في تقرير نشره بتاريخ 14 أبريل/ نيسان 2022، ارتفاع  نسبة التضخم في تونس واستقرارها  في حدود 6.5 بالمئة في 2023، وهي نفس النسبة التي وقع تسجيلها في 2022 .

وانخفض رصيد المالية العمومية من إجمالي الناتج المحلي من 6.3 - إلى 5.6 -.

وحدد البنك الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بـ 3 بالمئة خلال السنة الحالية و بـ 3.5 بالمئة في 2023 .

وأشار البنك في تقريره إلى تأثير الأزمة الصحية على الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبصفة خاصة على الدين العام الذي ارتفع بسبب الجائحة، حيث أدت أزمة كورونا إلى زيادة مستويات الدين العام بحوالي 10 إلى 15 نقطة مئوية بشكل عام في المنطقة .

وتسجل البحرين أعلى نسبة دين عام فيما يتجاوز حجم الدين العام في تونس ومصر والأردن الـ 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ورجح البنك الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 3.3 بالمئة في 2021 ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 5.2 بالمئة  في 2022، بحسب التقرير.

ووفق البنك الدولي، لن تتمكن 11 دولة من أصل 17 في الشرق الأوسط من استعادة مستوى معيشتها مقارنة بما قبل الأزمة الصحية.

في نفس السياق توقع تقرير البنك الدولي تعافي البلدان المصدرة للنفط بطريقة أسرع منه في البلدان المستوردة للنفط.

وأمام الوضع الاقتصادي العالمي والأزمة في أوكرانيا سيكون من الصعب دعم قطاع النفط والغذاء بسبب محدودية الموارد.

وأشار البنك الدولي إلى المثال اللبناني، إذ علقت لبنان برنامجها لدعم المواد الغذائية بسبب تدهور وضع الميزانية.

كما تواجه تونس صعوبات في الحفاظ على دعم المواد الغذائية ويمكن أن تؤخر أسعار النفط الإصلاحات الاقتصادية في المنطقة بحسب التقرير.

وتظل التوقعات لعام 2022 محدودة بسبب حالة عدم اليقين التي يسببها الوباء بالإضافة إلى تشديد السياسة النقدية العالمية والحرب في أوكرانيا.

في هذا الإطار تحدث البنك الدولي في تقريره عن التوقعات المتفائلة وغير الدقيقة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .

ورأى أن شفافية البيانات تقلل من عدم الدقة والتفاؤل في توقعات النمو.

ودعا التقرير في هذا الإطار إلى تحسين نظام البيانات من أجل توفير أرقام أكثر دقة .

مخاوف كبيرة

على الصعيد المحلي، رجحت المجلة الفرنسية أن يؤدي ارتفاع أسعار الحبوب المستوردة، التي يأتي نصفها من أوكرانيا، إلى زيادة التوترات الاجتماعية في تونس. 

من ناحية أخرى، عدلت وكالة فيتش توقعاتها للنمو في تونس من 3.4 بالمئة إلى 2.3 بالمئة في 2022 ومن 3.6 بالمئة إلى 2.5 بالمئة في 2023.

ونظرا لضعف قدرتهم الشرائية، ينبغي أن يكون لدى التونسيين نسبة لجوء أقل إلى القروض المصرفية.

وتأتي الحرب وتداعياتها الاقتصادية في وقت حرج بشكل خاص بالنسبة للبنوك التونسية بالنظر إلى أن معظم إجراءات دعم البنك المركزي التونسي للتخفيف من آثار الوباء انتهت في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2021.

ولا تتوقع وكالة فيتش أن تعيد السلطات العمل بإجراءات لدعم البنوك وعملائها، ما قد يؤدي إلى تدهور سريع في مؤشرات جودة أصول البنوك".

ووصف المحلل المالي باسم النيفر الوضع الحالي بـ"صورة قاتمة"، مؤكدا أن تدهور الأصول البنكية في تونس أمر واقع، لكنه يعود إلى ما قبل الحرب في أوكرانيا.

وأضاف: "صحيح أن هذا الصراع يمثل مشكلة إضافية، لكنه لا يغير الوضع بشكل جذري".

وأوضح أن تحليل فيتش يستند إلى المعايير التنظيمية للدول المتقدمة، "وهذا ليس هو الحال بالنسبة لتونس في القطاع المصرفي".

ولكن، مثل فيتش، يخشى باسم النيفر بشكل خاص ارتفاع سعر الفائدة الرئيس للبنك المركزي، الأمر الذي من شأنه أن يعاقب بشكل أكبر على منح الائتمان، الذي تدعم تكلفته متوسط ​​سعر السوق الداخلية (TMM).

فيما أكد مسؤول تنفيذي سابق في أحد البنوك أن "ما تراه وكالة فيتش على أنه عيب يمكن أن يكون ميزة"، مشيرا إلى أن مخاوف وكالة التصنيف من أن المدخرين من البنوك الصغيرة سوف يتحولون إلى منافسين أكبر، وبالتالي يحتمل أن يكونوا أقوى. 

كما يضيف نفس المصدر أن "الكل يعرف أن تونس بها الكثير من البنوك، إذا كان هذا يساعد في إعادة هيكلة القطاع، فسيكون شيئا جيدا."