أخطر من أوضاع ما قبل 2011.. ماذا ينتظر فلسطين ومقدساتها؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

رأت وكالة الأناضول التركية أن "فلسطين أصبحت الآن أكثر عزلة"، بعد العودة إلى نظام ما قبل 2011 (عام الثورات العربية) بالشرق الأوسط، في بيئة طبعت فيها دول عربية العلاقات مع إسرائيل من خلال اتفاقيات "أبراهام". 

وقال الكاتب جنكيز تومر: "أجرى العاهل الأردني الملك عبد الله، في القمة التي عقدت في العقبة نهاية مارس/آذار 2022، مشاورات من خلال الإشارة إلى الأحداث التي قد تشهدها فلسطين خلال شهر رمضان".

بعد ذلك، انعقدت قمة النقب في 27-28 مارس، واستضافتها إسرائيل وحضرها وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية ومصر والإمارات والبحرين والمغرب.

وعلق الكاتب بالقول: على الأغلب أن التحذيرات التي تلقتها إسرائيل من الوزارات في هذه القمة لم تكن كافية، وكما كان متوقعا بعد ذلك مباشرة: القدس وفلسطين تعيشان رمضان مليئا بالحزن مثل كل عام.

فلسطين وحيدة

وواصل القول: خسرت إسرائيل 14 من مستوطنيها في الهجمات التي نفذت في الأسابيع الماضية (بين مارس/آذار، وأبريل/نيسان)، وقتلت سبعة فلسطينيين في جنين ومدن أخرى. ثم تعدوا على الفلسطينيين الذين كانوا يصلون في المسجد الأقصى.

تتواصل الجهود والضغوط لمنع الفلسطينيين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى المبارك. 

وبعد صلاة الفجر، يحاولون إبعاد الفلسطينيين وطردهم ويتعرض من يقاوم للضرب، للسماح للمستوطنين الإسرائيليين بمداهمة المسجد الأقصى. 

وبدأت هذه المداهمات من اليهود المتعصبين تصبح منتظمة ومتكررة، وفق الكاتب. وأضاف: سياسة إسرائيل هي خطوتان الى الأمام وخطوة للخلف وهي تنذر بتبخر فلسطين.

 يمكن معرفة هذا من خلال إلقاء نظرة على خريطة المنطقة. فقد كانت إسرائيل تتخذ خطوات إلى الأمام منذ سنوات، وتختبر قياس ردود الفعل.

 فإذا جاء رد فعل تتوقف، وتتخذ خطوات أخرى عندما لا يكون هناك رد كاف. وتجرب سياستها المتصاعدة في المسجد الأقصى، بحسب تقييم الكاتب التركي.

واستدرك تومر: في الوقت الذي يحدق فيه العالم في أزمة أوكرانيا، لم يكن هناك أي رد فعل حتى الآن، باستثناء تركيا والشعب التركي، على الأخبار المثيرة للدموع التي وصلت إلى وكالات الأنباء الدولية، وفق تعبيره. 

وتابع أن الاحتلال، الذي يستمر بكل قسوته في فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، لا يجد مكانا حتى في القنوات الإعلامية التركية، ناهيك عن ردة الفعل.

فعزلة فلسطين غير مدرجة على أجندة الدبلوماسية الدولية، ناهيك عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية. 

وهذا تماما مثل عزلة الأويغور وأتراك القرم والمسلمين الهنود، حسب تقييم الكاتب.

وأضاف: في دولة قومية ونظام علاقات دولية يهيمن عليه الأقوياء والسياسيون، لا يمكن توقع الكثير في عالم يمكن فيه التضحية بالشعب الأوكراني من أجل المصالح الإمبريالية، تماما مثل البوسنيين في أوروبا. 

وأردف: "العالم الإسلامي يقاتل بعضه البعض في سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان وإيران ومصر لأسباب عرقية وأيديولوجية وانفصالية، تماما كما ذبح الأوروبيون بعضهم البعض منذ قرون في حروب استمرت 30 عاما أو 100 عام لأسباب دينية وانفصالية". 

وأكمل: لا يزال العالم الإسلامي يتحدث عن عمر، فاتح القدس، وصلاح الدين الأيوبي، الذي حرر المدينة من الاحتلال الصليبي، ويشاهد بصمت عميق ما كان منقسما ومجزأ، تماما كما كان خلال الغزو الصليبي. وفي غضون بضعة عقود، لن تكون هناك فلسطين لمشاهدتها.

احتلال خطوة بخطوة

 منذ نهاية القرن 19، فإن الهدف النهائي للاحتلال، الذي حدث خطوة بخطوة أمام أعين العالم الإسلامي، هو احتلال القدس بالكامل وهدم المسجد الأقصى وبناء دور العبادة الخاصة به بدلا من ذلك. 

وأضاف: عندما ننظر إلى تاريخ فلسطين والقدس على مدى السنوات الـ 200 الماضية، نرى أنهم قد حققوا هذه الخطط خطوة بخطوة. 

بالتوازي مع ضعف الإمبراطورية العثمانية من القرن الثامن عشر فصاعدا، حيث بدأ المستوطنون اليهود في القدوم إلى المنطقة، وعلى الرغم من أفضل الجهود التي بذلتها الإدارة العثمانية وخاصة السلطان عبد الحميد الثاني، فإنهم "اكتسبوا التفوق الديمغرافي في أوائل القرن العشرين".

في النصف الأول من القرن التاسع عشر، كان سكان القدس البالغ عددهم 11 ألف نسمة يتألفون من ستة آلاف مسلم وثلاثة آلاف و 500 مسيحي و1800 يهودي. 

وفي نهاية القرن ذاته، ورد أن 30 ألفا من سكان القدس البالغ عددهم 45 ألفا، كانوا يهودا يحملون جوازات سفر دول أوروبية. 

وفي عام 1900، بلغ تعداد اليهود 35 ألفا مقابل 10 آلاف مسلم و10 آلاف مسيحي.

 في تقرير صادر بالثاني من ديسمبر/كانون الأول 1897، مسجل في سجلات الشؤون الخارجية العثمانية، ورد أن القدس أصبحت تقريبا مدينة يهودية. 

فحقق اليهود التفوق الديمغرافي في القدس في بداية القرن العشرين. والكل يعرف عملية الاحتلال بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وفق الكاتب.

وأضاف: إن قدرة الإدارة الإسرائيلية على ارتكاب مثل هذا التنمر خلال شهر رمضان المبارك هي مشكلة في حد ذاتها. 

ونظرا لسياسة إسرائيل التي تتبعها على فلسطين والتي هي خطوتان للأمام وخطوة للخلف، ستكون المرحلة الأخيرة هي هدم المباني في المسجد الأقصى وبناء المعابد الخاصة بهم.

والمثال الأكثر واقعية على ذلك هو المسجد الإبراهيمي في الخليل. ففي 25 فبراير/شباط 1994، بعد أن ذبح مستوطن متشدد 29 فلسطينيا بأسلحة آلية وجرح 125 شخصا أثناء صلاة الفجر، جرى إغلاقه لمدة تسعة أشهر للتجديدات.

وعندما افتتح، جرى تحويل ثلثيه إلى معابد يهودية، وركبت كاميرات وأجهزة تحكم في المنطقة التي لا تزال مسجدا. واليوم، بالكاد يدخل المسلمون المسجد، بينما يقيم اليهود أعيادهم هناك بسهولة.

وختم الكاتب مقاله قائلا: إذا لم يظهر المجتمع الدولي والعالم الإسلامي رد الفعل اللازم، سينتهي المطاف بالمسجد الأقصى مثل الحرم الإبراهيمي.

ولعل الاستفزاز المستمر لعبادة المسلمين في الحرم من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين تريد أن توصلهم إلى هذا الغرض. 

وكما يقول المثل العربي، "بعد خراب البصرة"، أي، يجب عمل شيء للقدس والمسجد الأقصى قبل فوات الأوان، بحسب الكاتب التركي.