آثار الأزمة السياسية في ليبيا.. هكذا انعكست على قطاع الطاقة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

رأت مجلة إيطالية أن ليبيا تمر بمرحلة حرجة بدأت تستشعر آثارها المباشرة على قطاع الطاقة في البلاد، محذرة من تداعيات إغلاق حقول نفطية بسبب الانقسامات الداخلية على السوق العالمية.

وقالت "فورميكي" إن حقول إنتاج النفط في الشرارة والفيل جنوب طرابلس، وميناء الزويتينة ومرسى البريقة في الهلال النفطي، تشكو أولى النتائج الواضحة للمأزق السياسي الذي يجري في ليبيا منذ عدة أسابيع. 

توقف الإنتاج

وأفادت بأنه في الوقت الحالي أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط توقيف الإنتاج لتجنب المزيد من التوتر والفوضى والإغلاقات التعسفية، محذرة من أن الوضع يهدد بالتدهور أكثر إذا لم يجر التوصل إلى حل سريع ومتفاوض عليه.

وجاء في بيان صادر عن الشركة "في خطوة عبثية مثلت عنوانا جديدا للصراع الدائر في البلاد، مارست مجموعة من الأفراد ضغوطا على المستخدمين في حقل الشرارة النفطي".

وهو الأمر الذي اضطرهم إلى إيقاف تدريجي للإنتاج في الحقل، مما جعل من تنفيذ المؤسسة لالتزاماتها التعاقدية أمرا مستحيلا.

عليه فإن "المؤسسة الوطنية للنفط مضطرة لإعلان حالة القوة القاهرة على حقل الشرارة النفطي حتى إشعار آخر"، وفق البيان. 

توجد في ليبيا في الوقت الحالي حكومتان، حكومة الوحدة بقيادة عبد الحميد الدبيبة، الذي عين في العام 2021 خلال عملية انتخابية برعاية الأمم المتحدة. 

ومن الناحية المقابلة، حكومة فتحي باشاغا، التي منحها برلمان طبرق الثقة السياسية لقيادة البلاد نحو انتخابات رئاسية ونيابية من المقرر إجراؤها في العام 2023. 

وقالت فورميكي إن "الدبيبة لا يريد تسليم السلطة ويستمد شرعيته من انتخابات عملية ملتقى الحوار السياسي الليبي"، معبرا عن عزمه قيادة البلاد نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. 

في المقابل، جرى تكليف خصمه باشاغا برئاسة حكومة جديدة على إثر تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 لمدة شهر قبل أن يجري تأجيلها تماما، وبالتالي يعد برلمان طبرق أن مهمة حكومة الوحدة الوطنية قد انتهت.

وأردفت المجلة الإيطالية بأن جماعة تسمى "حكماء جنوب ليبيا" مقربة من الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، قادت تظاهرات خلال أبريل/نيسان 2022 ضد إنتاج النفط، مؤكدة في بيان بأن هذا الإجراء سيستمر حتى تغادر حكومة الدبيبة مقراتها في طرابلس وتسلم السلطة. 

وقالت "إن وراء تأجج هذه التوترات قرار إحالة المؤسسة الوطنية للنفط ثمانية مليارات دولار على دفعتين لحساب وزارة المالية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بمصرف ليبيا المركزي، جرى تجميدها سابقا بموجب اتفاق للتوزيع العادل للموارد، ويريد الشرق أن يدير باشاغا هذه الموراد لأنهم في الأساس لا يثقون في الدبيبة".

وضع متوتر

ووصفت المجلة الوضع بالمتوتر للغاية، لا سيما مع اندلاع اشتباكات في الأسابيع الأخيرة بين الكتائب الموالية للطرفين السياسيين المتنازعين. 

وبينت إلى أنه بينما يتطلع باشاغا إلى دخول طرابلس دون استخدام القوة، لا يستسلم الدبيبة لأنه يعد نفسه شرعيا ويعد التصويت بسحب الثقة عدم شرعي. 

عدت المجلة قطاع الطاقة بأنه الأكثر حساسية للاضطرابات، لأنه وسيلة للفت الانتباه في هذه اللحظة التي يتركز فيها الاهتمام بالحرب الروسية في أوكرانيا وما ترتب على ذلك من ارتفاع في أسعار النفط والغاز وخاصة مساعي أوروبا لتحقيق الاستقلالية عن موسكو. 

وأشارت المجلة إلى أن عملية إيجاد بديل للطاقة الروسية بدأت من قبل العديد من البلدان، بما في ذلك إيطاليا.

وعدت أن ليبيا، التي يمكن أن تلعب دورا في هذا السياق، تعيد التذكير بأن تنويع مصادر الطاقة قد يشمل مناطق وجهات فاعلة تعاني مشاكل استقرار معقدة.

ولفتت فورميكي إلى أنه من المستحيل التفكير في التعامل فقط مع الإمداد بالمواد الأولية للطاقة (والزيادة فيه)، دون التطرق إلى المسائل السياسية والجيوسياسية التي خيمت على دول معينة طيلة فترات من الزمن. 

وترى أن ليبيا شكلت لسنوات ساحة صراع بين مصر والإمارات والسعودية جزئيا ضد تركيا وقطر، مشيرة إلى أنه سيناريو استفادت منه روسيا ووقفت وانحازت فيه إلى الطرف الداعم لإقليم برقة.

وأشارت إلى انتشار مرتزقة فاغنر الروسية في الشرق وفي الوسط وفي الجنوب الليبي، وقد دعموا حفتر في محاولته الإطاحة بحكومة الوفاق السابقة في طرابلس قبل أن تنجح في دحره بفضل التدخل العسكري التركي. 

زعزعة الاستقرار

وبحسب قول المجلة، بات الآن زعيم مليشيا برقة (لم تذكر اسمه) بطريقة ما جزءا من اتفاق باشاغا، وقد بدأ هؤلاء اللاعبون الخارجيون أشكالا من الحوار.

بينما لا تزال هناك جهات فاعلة ومليشيات تعمل على زعزعة الاستقرار، تضيف المجلة الإيطالية. 

وذكرت أنه في الأيام الأخيرة، بعد تداول بعض صور باشاغا في تونس ضمن مشاورات مزعومة مع وزراء الدبيبة وعدد من القادة العسكريين في مدينة مصراتة للتوصل إلى إطار متفق عليه، انتشرت فرضيات حول اقتراب الاستيلاء على الحكم في العاصمة. 

ونتيجة لذلك، انتشرت كتائب تدعم الآن الدبيبة في العاصمة طرابلس للدفاع عن حكومته.

قالت المجلة إن حصار حقول النفط لا يحدث لأول مرة، مذكرة بأن حفتر كان قد أصدر أوامره في حملته العسكرية على طرابلس في عامي 2019 و2020 خلال عدة مناسبات بحصار على الإنتاج.

 وتميز ذلك بدور عملياتي لعبته فاغنر، التي استخدمت عناصرها في ليبيا احتلال حقول النفط كأولوية تكتيكية وإستراتيجية. 

ويقع حقل الفيل على سبيل المثال بالقرب من سبها، وهي واحدة من المعاقل التي يسيطر عليها حفتر وفاغنر في جنوب شرق البلاد.

فيما ينتج حقل الشرارة نحو 450 ألف برميل من النفط الخام يوميا من إجمالي مليون برميل في ليبيا.

 لذلك ارتفعت أسعار النفط بعد أنباء عن تعليق الأنشطة في أكبر حقل نفطي في ليبيا. 

وخلصت المجلة إلى القول إن المسألة السياسية الداخلية الليبية توتر سوقا متأثرا بالفعل بالشؤون الدولية والتي أثقلت كاهلها انعكاسات وباء كورونا.

صعدت التعاقدات الآجلة لخام برنت إلى أكثر من 113 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أواخر مارس/آذار، بينما أغلق خام غرب تكساس الوسيط فوق 108 دولارات يوم 18 أبريل 2022.