رغم الهدنة.. مركز أميركي: هكذا تضاعف حرب أوكرانيا معاناة اليمنيين

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد مركز "بروكينغز" للدراسات الأميركي، أن الحرب الروسية في أوكرانيا تزيد يوميا من معاناة اليمنيين بسبب إمدادات القمح الغائبة، على الرغم من الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمام المتحدة بداية أبريل/ نيسان 2022، لمدة شهرين.

ولفت المركز إلى وجود أموال ضخمة متاحة في النظام المالي العالمي لدعم المحتاجين وتحفيز الحلول السلمية بمناطق الصراعات، يمكن أن تخفف من أزمة الغذاء في اليمن، حال وافقت الدول الكبرى على تخصيص جزء منها لليمن.

انفراجة محدودة

وذكر المركز أنه في 1 أبريل 2022، وافقت الأطراف المتحاربة في اليمن على هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة لمدة شهرين.

وبحلول 7 أبريل، وتحت وصاية سعودية إماراتية، نقل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي السلطة إلى مجلس رئاسي يوحد القوات المعارضة للحوثيين المدعومين من إيران بهدف تسهيل المفاوضات بين الجانبين.

كما تم إلغاء الحظر السعودي على واردات الوقود والسماح برحلات تجارية محدودة في اتجاه العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. كما أودعت الدولتان الخليجيتان ثلاثة مليارات دولار في البنك المركزي اليمني.

وتعد هذه فترة راحة مرحب بها لليمن، الذي تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ودخلت الحرب عامها الثامن وتصاعدت حدتها في الآونة الأخيرة.

ومنذ يناير 2022، صد التحالف السعودي الإماراتي تقدم الحوثيين في محافظتي مأرب وشبوة الإستراتيجيتين، قابل ذلك هجمات حوثية بصواريخ وطائرات بدون طيار استهدفت البنية التحتية والمنشآت المدنية في العمقين السعودي والإماراتي.

ويتواصل الحصار الجوي والبحري السعودي المفروض على اليمن للعام السابع، مع استمرار القيود على واردات الوقود منذ يناير 2021، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.

وكانت المنشآت الصحية والتعليمية الأكثر تضررا، رغم أنه كانت بالفعل في حالة يرثى لها، وأصبحت  نصف مستشفيات اليمن خارج الخدمة وأكثر من 2 مليون طفل خارج المدارس.

وأدى تدمير النظام الصحي والأضرار التي لحقت بمرافق المياه والصرف الصحي إلى الانتشار السريع لأمراض مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة وشلل الأطفال وحمى الضنك.

ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الحرب تسببت في مقتل 377 ألف شخص منهم 150 ألفا مرتبطون بشكل مباشر بالحرب والبقية بسبب الجوع والأمراض، ومعظم القتلى من الأطفال.

ومن بين سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة، يعيش 24 مليونا تحت حكم الحوثيين. أما البقية فهم تحت سيطرة الحكومة وأعداد أقل تحت سيطرة جماعات مختلفة، بما في ذلك الجماعات المدعومة من الإمارات، والتي تعارض كلا من الحوثيين والحكومة.

حاجة ضرورية

وأوضح المركز الأميركي أن حوالي 17.3 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية - وهو رقم من المرجح أن يرتفع إلى 19 مليونا في الأشهر المقبلة، وقد يكون حوالي 7.3 ملايين شخص في مستويات طارئة من الجوع بحلول ديسمبر/ كانون الأول 2022.

ويقول برنامج الأغذية العالمي إن 5 ملايين شخص معرضون لخطر الانزلاق إلى ظروف شبيهة بالمجاعة. ويواجه حوالي 2.2 مليون طفل سوء التغذية، بما في ذلك أكثر من 500 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد الذي يهدد حياتهم.

وتعاني حوالي 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضع من سوء التغذية الحاد. ويعتمد ما يقرب من 70 بالمئة من اليمنيين - 20.7 مليون - على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وتشير التقديرات إلى أن 80 بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وحوالي ثلثيهم يعيشون في فقر مدقع.

ومن المرجح أن تتفاقم هذه المأساة نتيجة الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا. ويمثل كلا البلدين معا 30-40 بالمئة من واردات اليمن من القمح، الذي يستود 95 بالمئة من احتياجاته منه من الخارج.

وتضاعفت أسعار المواد الغذائية في اليمن بالفعل في عام 2021 ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، ارتفعت بنسبة 150 بالمئة منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

وعلى الصعيد الدولي، ارتفعت أسعار القمح بنسبة 25-30 في المائة منذ بداية الحرب واستمرت في بلوغ مستويات قياسية تاريخية، مع ارتفاعات أكبر في الأسواق المحلية كما في اليمن.

وما يثير القلق أنه من غير المرجح أن تعود أوكرانيا قريبا كمصدر زراعي رئيس، فقد بدأ موسم الزراعة بالفعل، فيما لا يزال الوضع في جزء كبير من أوكرانيا خطيرا للغاية لاستغلاله في الزراعة، حيث أصبح العديد من المزارعين مقاتلين أو مشردين.

وتعني الحرب في أوكرانيا أيضا أن أموال المانحين ستصبح أكثر ندرة، في ظل ضعف تركيز المانحين على اليمن بالفعل. وستنفق ألمانيا، على سبيل المثال، أكثر على الدفاع واللاجئين الأوكرانيين وستنفق أقل على المساعدات في أماكن أخرى.

تعهدات غائبة

ولفت المركز إلى أنه بعد أشهر قليلة فقط من اضطرار برنامج الأغذية العالمي إلى قطع الحصص الغذائية عن 8 ملايين يمني، تعهد مؤتمر المانحين لليمن في 16 مارس/ آذار 2022 بتقديم 1.3 مليار دولار فقط مقابل الـ4.2 مليارات دولار المطلوبة.

وعلى الرغم من أن 36 دولة تعهدت بتقديم أموال، بما في ذلك الولايات المتحدة (585 مليون دولار)، ودول الاتحاد الأوروبي (407 ملايين دولار)، والمملكة المتحدة (115 مليون دولار)، كان هذا هو العام السادس الذي تفشل فيه خطة الاستجابة الإنسانية لليمن في التوصل إلى التمويل الكامل.

ولم تتعهد السعودية والإمارات، اللتان قدمتا 350 مليون دولار و230 مليون دولار على التوالي في عام 2021 بتقديم أموال لليمن هذا العام.

لكن الهدنة الأخيرة تعني أنه بصرف النظر عن ثلاثة مليارات دولار المودعة في البنك المركزي الذي يسيطر عليه المجلس الرئاسي، فإن هناك 300 مليون دولار إضافية فقط في المساعدة الإنسانية.

كما أن هناك أموالا متاحة في النظام المالي العالمي لدعم المحتاجين وتحفيز الحلول السلمية. وفي عام 2021، وافق صندوق النقد الدولي على تخصيص جديد لحقوق السحب الخاصة  للتعامل مع أزمة كورونا.

وتعتبر الأصول الاحتياطية الإضافية البالغة 650 مليار دولار والتي سيتم ضخها في البنوك المركزية بمثابة دفعة مهمة، خاصة بالنسبة للبلدان الفقيرة.

ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من الأموال المخصصة على أساس حصص صندوق النقد الدولي لكل بلد، ستذهب إلى البلدان الغنية التي لا تحتاج إليها حقا.

وكانت هناك دعوات لاستخدام هذه الأموال لتعويض ارتفاع أسعار الغذاء والوقود في البلدان الضعيفة.

وقد يتمثل أحد النماذج في قيام الدول الغنية بإقراض مخصصاتها من حقوق السحب الخاصة للبلدان الضعيفة من خلال ذراع صندوق النقد الدولي الميسر، صندوق النمو والحد من الفقر، بأسعار فائدة صفرية.

كما أن هناك طرقا أخرى، مثل توجيه هذه الأموال إلى الذراع الميسرة للبنك الدولي، وكالة التنمية الدولية.

ولم يحدث شيء حتى الآن من هذا القبيل.

واختتم المركز بالقول: "يبدو أن التمويل موجود، وكذلك الملايين من الأشخاص المستضعفين، إنها مسألة جمع الاثنين معا وتقليل التأثير الكارثي المحتمل لحرب روسيا على أوكرانيا في اليمن وأماكن أخرى".