ظاهرة خطيرة.. موقع إيطالي يحذر من عاصفة عاتية تهدد مستقبل العراق

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

دق موقع "تراكاني" الإيطالي ناقوس الخطر بشأن تزايد وتيرة العواصف الرملية المميتة في العراق، محذرا من تحول الأمر إلى كارثة بيئية ستدفع بكثير من السكان للهجرة إلى مناطق أكثر أمنا.

واجتاحت عاصفة رملية في 8 و9 أبريل/نيسان 2022 معظم أنحاء العراق، وتسببت مصرع 4 أشخاص شمالي البلاد، إضافة إلى دخول العشرات إلى المستشفيات جراء معاناتهم من مشاكل بالجهاز التنفسي.  

كما أدت العاصفة إلى إلغاء تام للرحلات الجوية إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان شمالي العراق، وإغلاق مطاري بغداد والنجف بشكل مؤقت، فيما ألغيت عشرات الرحلات الجوية.  

ظاهرة خطيرة

وذكر الموقع الإيطالي أن العراق معرض بشكل خاص لظاهرة التغيرات المناخية، بعد انخفاض هطول الأمطار بصورة قياسية وتسجيله درجات حرارة عالية في السنوات الأخيرة.

وكان البنك الدولي قد حذر في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، من أن العراق قد يشهد انخفاضا بنسبة 20 بالمئة في الموارد المائية بحلول عام 2050 .

وقال مدير مكتب الأرصاد الجوية العراقي، عامر الجابري، إنه على الرغم من أن العواصف الترابية شائعة في العراق إلا أنها أصبحت أكثر تواترا في الآونة الأخيرة، بسبب الجفاف والتصحر وتراجع معدلات تساقط الأمطار.

بدوره، دق عيسى رحيم دخيل الفياض، مدير عام وزارة الصحة والبيئة العراقية ناقوس الخطر، قائلا إنه

"من المنتظر أن يشهد العراق في عام 2050 قرابة 300 يوم من العواصف الترابية على مدار العام".

وأوضح الفياض أن الزيادة في عدد هذه العواصف ناتجة عن انخفاض الموارد المائية، مؤكدا أن "نقص المياه يتسبب في تناقص مستمر في المساحات الخضراء في العراق".

وأشار الموقع الإيطالي إلى أن مشكلة التصحر العميق الذي يؤثر على البلاد يعود إلى مجموعة من العوامل، مثل انخفاض المياه الجوفية في باطن الأرض، وسوء إدارة المياه، ومشكلة التملح، ما يؤثر بشدة على ظاهرة العواصف الرملية.

في هذا الصدد، يُذكر أن جينين بلاسخارت، رئيسة البعثة الأممية في العراق (يونامي)، كانت قد حذرت في 22 مارس/آذار 2022، من التداعيات الخطيرة لندرة المياه على حاضر ومستقبل العراق.

ويأتي ذلك بينما تشهد البلاد موجة جفاف شديدة نتيجة عدم هطول الأمطار وتراجع مناسيب مياه معظم أنهارها، ما دفع وزارتي الموارد المائية والزراعة إلى تقليل مساحة الأراضي المزروعة إلى نحو 50 بالمئة عن السنوات الماضية.

أضرار الغبار

بالإضافة إلى العوامل السابق ذكرها، أدى بناء السدود وتجفيف الأراضي الرطبة للزراعة إلى إضعاف المناسيب المائية بشدة في جميع أنحاء المنطقة ما تسبب في التصحر، يشرح الموقع الإيطالي.

وأوضح أن العواصف الرملية تنشر غبارا معدنيا ذا تركيبات مختلفة في الغلاف الجوي، بما في ذلك الكوارتز، والفلسبار، والكالسيت، والدولوميت، والميكا، والأمفيبولات، والبيروكسين.  

ويمكن أن تكون رواسب الغبار مفيدة في بعض الأحيان للمناخ كمصادر للمغذيات الدقيقة للنظم البيئية، لكن يمكنها أيضا أن تلحق الضرر بالمحاصيل وتسبب أمراض الجهاز التنفسي عن طريق حمل المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والمعادن الثقيلة والمواد المشعة.  

كما يمكن أن تنشر العواصف الإشعاعات على مستوى العالم، ما يؤثر على تغير المناخ بطرق لا تزال مجهولة.     

بالإضافة إلى ذلك، أدت الحروب والعسكرة الشديدة في منطقة الخليج إلى إطلاق مواد خطرة مشعة في البيئة يمكن أن تنتقل بواسطة العواصف الرملية. 

 وذكر "تراكاني" أن التحليلات التي أجريت على الغبار المنبعث من الصحراء الكبرى إلى فرنسا في 2021، أظهرت مستويات غير طبيعية من الإشعاع يُعتقد أنها من بقايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر خلال ستينيات القرن العشرين.

من جانبهم، أصر العلماء على أن مستويات التلوث الإشعاعي كانت آمنة وفي مستوى تلك الموجودة بشكل طبيعي في المعادن.

 وبحسب محمد محمود، مدير برنامج المناخ والماء بمعهد الشرق الأوسط الأميركي، فإنه على الرغم من أن العواصف الرملية لا تسبب تغيرا مناخيا بشكل مباشر، إلا أن زيادة الغبار أو الترسبات على المياه السطحية للمحيطات يمكن أن تؤدي إلى زيادة امتصاص الإشعاع الشمسي في المحيطات.  

حلقة مفرغة

ويؤدي هذا إلى ارتفاع درجة حرارة سطح البحر وبالتالي يمكن أن يرفع درجات الحرارة الإقليمية ويضخم من الظواهر المناخية السلبية.  

وأردف الموقع أن من العوامل المرتبطة بالعواصف الرملية المشتبه في تسببها بشكل غير مباشر في تغير المناخ، هناك رواسب الجسيمات الدقيقة المنقولة جوا، والتي تخلق رواسب يمكن أن تلوث البحيرات والأنهار القريبة.

وتغطي هذه الرواسب في بعض الأحيان مساحات شاسعة من المساحات المائية الموجودة في الخليج.

وأكد الموقع الإيطالي أنه بالنظر إلى هذه العوامل، يتضح أن العواصف الرملية تؤدي إلى حلقة مفرغة، فبينما يتسبب تغير المناخ في تسبب العواصف تعمل الأخيرة على تفاقم آثار الأولى.

وأوضح أن الحياة الاجتماعية والاقتصادية تدور حول الطقس لذا فإن مظاهر الحياة تصبح مهددة بشكل خطير.

 وعندما لا يستطيع الناس الاعتماد على الأرض في معيشتهم، فإنهم يهاجرون إلى المناطق الحضرية مثل البصرة أو النجف بحثا عن عمل. 

 من جانبه، قال عادل العطار، المستشار العراقي لشؤون المياه والسكن في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن "المستقبل هو الهجرة".

وأضاف أن "البطالة مرتفعة وكذلك التوترات التي لا تبشر بتحقيق التعافي والاستقرار". 

من جهته، علق إيغور مالغراتي، المستشار الإقليمي للجنة الدولية لشؤون المياه والسكن في الشرق الأدنى والأوسط، قائلا: "يوجد في جنوب العراق بيئة متضررة بسبب سنوات من النزاع وسوء الإدارة البيئية وضعف الحوكمة. وعند إضافة تغير المناخ إلى هذا المزيج من المشاكل، ينتج عن ذلك عاصفة عاتية."