حرب أوكرانيا وأسعار الغاز.. قضايا شقت صف أوروبا وتهدد وحدة الاتحاد

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط إعلام ناطق بالإسبانية الضوء على توتر العلاقات بين فرنسا وألمانيا، حيث يواجهان أسوأ لحظة لهما منذ رحيل المستشارة أنجيلا ميركل عن منصبها أواخر عام 2021، ونتيجة لذلك جرى إلغاء الاجتماع السنوي لمجلس الوزراء.

وقالت صحيفة "كلارين" الأرجنتينية إن "فرنسا وألمانيا في أزمة، وقد ألغى البلدان لأول مرة مجلسهما السنوي الذي تأسس عام 2003".

وأوضحت أن "الحرب الروسية الأوكرانية (منذ 24 فبراير/شباط 2022)، والخلافات حول الأمن الأوروبي، وأزمة الطاقة، والتردد بشأن مساعدة كييف والعلاقة مع موسكو، كانت القضايا التي قسمت البلدين منذ مغادرة ميركل الحكم".

اختلافات صارمة

وأفادت الصحيفة بأن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فعل كل ما بوسعه ليظهر للعالم أن التحالف مع ألمانيا سائر المفعول وعلى ما يرام، لكن، لا يعد المستشار أولاف شولتز أفضل مساعد في هذه المسرحية".

وأضافت "في الواقع، لا يزال شولتز مترددا، مثلما كان الحال مع ميركل، لأن المصالح الألمانية تختلف عن مصالح فرنسا". 

وفي غضون أسابيع قليلة، في ظل ويلات الأزمة تلاشت مظاهر التضامن الفرنسي الألماني وتحولت إلى نوع من المرارة والاستياء، وتزايدت قائمة الخلافات بين باريس وبرلين، وفق "كلارين".

ونوهت الصحيفة بأن "خير دليل على انعدام الثقة السائد بين العاصمتين تمثل في إلغاء مجلس الوزراء السنوي، وهو الأول منذ وصول زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي إلى السلطة، والذي كان مقررا عقده في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022 في مدينة فونتينبلو الفرنسية".

واستطردت: "يعد هذا قرارا غير مسبوق منذ تنظيم هذه الاجتماعات السنوية، التي أسس لها الرئيس الفرنسي الأسبق الراحل جاك شيراك عام 2003".

ونقلت الصحيفة أن "دبلوماسيا ألمانيا اعترف بأن الاختلافات بين باريس وبرلين حادة وجدية". 

من جهته، حاول وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، التقليل من شأن هذه الخلافات بالقول: "إنها مشكلة جدول أعمال لا علاقة لها بالصعوبات السياسية".

واستدركت الصحيفة الأرجنتينية قائلة: "لكن في الحقيقة، على القائمة الطويلة للخلافات المتبادلة، تمثل إدارة أزمة الطاقة في جدول أعمال المجلس الأوروبي قمة جبل الجليد". 

وفي افتتاحية لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية، انتقدت الصحيفة إستراتيجية ماكرون وشولتز في مواجهة التحدي الذي يفرضه الوقف الافتراضي لتوصيل الغاز الروسي.

وعدت أن "الزعيمين يشكلان تحالفا يركز بشكل كبير على موضوع واحد، على حساب تجاهل القضايا المهمة الأخرى".

وانتقدت الصحيفة الأسبوعية الألمانية حكومتها لـ"استخدام سلطتها في الميزانية، من خلال إنفاق 200 ألف مليون يورو فقط لصالح مواطنيها، دون استشارة شريكها".

وعدت أن قرارها "يمكن أن يؤدي إلى خطر زعزعة استقرار السوق الداخلية للمجتمع الأوروبي". 

أبرز الخلافات

ونقلت كلارين أن ماكرون صرح لصحيفة "ليزيكو" المالية الفرنسية أنه "ليس من الممكن التمسك بالسياسات الوطنية، لأن ذلك يخلق تشوهات داخل القارة الأوروبية".

وفي 18 أكتوبر 2022، أفاد الرئيس الفرنسي بأن هناك "تضامنا أوروبيا من التكتل تجاه ألمانيا، ومن الطبيعي أن يكون هناك تضامن من برلين تجاه أوروبا".

وقالت الصحيفة: "في الحقيقة، ترفض حكومة شولتز بشكل ملحوظ فكرة مبادرة تمويل المجتمع للطاقة، والتي ستكون مماثلة لصندوق التعافي بعد الوباء الذي وضعه ماكرون وميركل.

وتابعت: "يمكن تفسير ذلك بأن برلين قد تلقت الغاز من موسكو عقب اتفاقية سابقة موقعة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وميركل".

وتعليقا على ذلك، قال وزير المالية الألماني، كريستيان ليندنر: "على عكس الأزمة الصحية، لدينا مشكلة في العرض، ولكن ليست مشكلة في الطلب، وتتمثل مخاوفنا في التضخم المحتمل".

وخلال تصريحات صحفية في 19 أكتوبر أضاف ليندنر: "لذلك لا أرى ضرورة لأداة مالية أوروبية جديدة".

بمعنى آخر، تعارض برلين باسم "الدفاع عن الآليات الأساسية للسوق" وضع سقف لأسعار الغاز.

وذكرت صحيفة كلارين أن "مقابل التوسيع لمدة ثلاثة أشهر على الأقل لمحطاتها النووية الثلاث لتزويد فرنسا بالكهرباء على وجه الخصوص، تنتظر برلين قيام شريكها بتمديد خط أنابيب الغاز الفرنسي-الإسباني ميدكات إلى الشرق، عبر جبال البيرينيه، ودعت إلى توفير الهيدروجين الأخضر بدءا من عام 2030.

وعموما، يعد تمديد خط الأنابيب وسيلة ستسمح بتسليم الغاز إلى ألمانيا، وذلك باسم "التعاون الأوروبي في مجال الطاقة"، على حد قول وزير الاقتصاد والمناخ الألماني، روبرت هابيك.

في المقابل، رفض الإليزيه الإقدام على هذه الخطوة، واصفا مشروع القسم الألماني هذا بأنه "غير ضروري".

وتقدر فرنسا أن أعمال التوسيع هذه لن تكتمل قبل عام 2026، وفي الوقت نفسه سيكون لدى برلين بالفعل، منذ يناير/كانون الثاني 2023، محطتا الغاز الطبيعي المسال العائمتان، وقد بدأ تشييدها.

وأوضحت الصحيفة أن "ألمانيا تعد هذا المنطق منافقا، وترى أنه في هذه الحالة تحمي باريس مصالحها أولا ومصالح شركات الطاقة الخاصة بها في مرحلة أخرى". 

وحدة في خطر

وكشفت صحيفة "إلباييس" الإسبانية أن الدول الـ27 تحاول التوصل إلى اتفاقيات لمواجهة فواتير الطاقة المرتفعة أثناء محاولتها التغلب على الانقسامات الداخلية الكامنة.

وقالت "في الواقع، بدأت التوترات المخيفة الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا تؤثر على وحدة الاتحاد الأوروبي".

وتؤثر معركة الطاقة التي يخوضها الكرملين ضد الاتحاد والطرق المختلفة للتعامل معه، سلبا على تنسيق التكتل الأوروبي.

ويضاف إلى ذلك الاضطراب الناجم عن أزمة ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء التي حاول القادة الأوروبيون الحد منها في قمة المجلس الأوروبي التي انعقدت في 20 أكتوبر 2022 بالعاصمة بروكسل.

وأشارت الباييس إلى "ضعف المحور الفرنسي الألماني، الذي عمل بمثابة محرك دفع للنهوض بالاتحاد الأوروبي، لكنه يعاني من تحديات الحرب".

ومن بين هذه العوائق يبرز موقف برلين، الذي يركز بشدة على السياسة الوطنية، ولا يهتم  للمخاطرة بالسوق الأوروبية الموحدة.

فضلا عن مشاكل الرئيس الفرنسي، الذي أجبر على الموافقة على ميزانياته بمرسوم، ويمكن الحديث أيضا عن المشاكل المستمرة للحكومة الإيطالية اليمينية المتطرفة، والتي هي أقل قدرة على إخفاء مواقفها المؤيدة لروسيا، بحسب "الباييس".

وأكدت الصحيفة الإسبانية أن "هشاشة المحور الفرنسي الألماني تعد أحد العناصر التي تجعل البيئة أكثر توترا".

وتابعت: "من هذا المنطلق، فإن العلاقة بين برلين وباريس، أكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي التي تشهد أزمة غير مسبوقة بسبب الاختلافات في مشاريع الدفاع المشتركة وسياسات الطاقة، قد تجعل من الصعب على الاتحاد الاستمرار في التجديف في نفس الاتجاه".