حلول صعبة.. لوبوان: لا مهرب من إفلاس تونس سوى صندوق النقد الدولي

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بدون خطة ضخمة من المؤسسة المالية، سيكون الإفلاس حليف تونس، ولن تصبح البلاد قادرة على مواجهة تسديدات ديونها الكبيرة.

وتقول صحيفة لوبوان الفرنسية عن الأزمة المتفاقمة: "يحوم التحول الدراماتيكي مثل عطر متجول من أوكرانيا إلى تونس".  

أوكرانيا التي كانت في 2014 بمأمن من القنابل الروسية وغارات الكرملين الدموية أصبحت اليوم على الطريق المنحدر الذي يؤدي إلى الإفلاس. 

أخذ وعطاء

يصبح صندوق النقد الدولي في بعض الأحيان رفيقا جيدا، وذلك اعتمادا على البلد الذي لديه متطلبات اقتصادية جذرية إلى حد ما.  

لكن عندما استفادت أوكرانيا من إحدى خطوط الصندوق الشهيرة فيما يتعلق بالإقراض (ثلاثة قروض في سبع سنوات)، بدا في مظهر الرفيق الصالح وطلب منها تنفيذ الإصلاحات المطلوبة للاستفادة من المبالغ المخصصة. 

واليوم يمكن القول إن مثل هذا السيناريو آخذ في الظهور في تونس، التي حصلت منذ عام 2011، على إعفاء من الصندوق لكنها لم تف بأي من وعودها.  

ومن الآن فصاعدا، تجد تونس نفسها في وضع كييف في عام 2014 حيث كان من الضروري للدولة تنفيذ على الأقل أحد عشر إصلاحا لتسلم أول دولار جديد من الصندوق، وهي مساعدة كانت البلاد بحاجة ماسة إليها، وفق لوبوان.  

بمجرد إبرام الاتفاقية التي تشمل التخفيض في الدعم الطاقي، وزيادة أسعار الغاز بنسبة 50 بالمئة، سوف يضخ مجموعة من المانحين المحترفين من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي عشرة مليارات لصالح الدولة التونسية. 

في رمضان، تكون تونس أكثر شغفا بالمسلسلات التي تذاع كل مساء بعد الإفطار أكثر من شغفها بالمسلسلات السياسية والاقتصادية التي لا تعد ولا تحصى، وفق وصف الصحيفة.  

ومع ذلك، فإن ظل صندوق النقد الدولي أصبح أكثر وضوحا. وفي الواقع، فقد وجدت تونس نفسها أمام حلين لا ثالث لهما: إما التوجه نحو صندوق النقد الدولي أو الإفلاس.

 وانتهت مذكرة حديثة وقصيرة صادرة عن المديرية العامة للخزانة الفرنسية بهذه الجملة: "إن اللجوء الهائل إلى الاقتراض الخارجي المخطط لعام 2022، لتغطية ما يقرب من ثلثي احتياجات التمويل السنوية يجعل من الضروري الانتهاء من برنامج مع صندوق النقد الدولي". 

لكن بدون الصندوق، لا توجد أموال جديدة؛ لأن الأسواق المالية تقرض فقط في تونس العاصمة بأسعار فائدة من رقمين. وتتمتع البلاد بسمعة الشيطان عندما يتعلق الأمر بالمالية العامة، تقول لوبوان. 

وبينت أن "كل الإشارات تبدو وكأنها تدق ناقوس الخطر: 18.4 بالمئة من السكان عاطلون عن العمل، بما في ذلك 42 بالمئة من الشباب (البطالة في تونس غير مدفوعة الأجر)، وانهيار إجمالي الاستثمار ومعدلات الادخار في عام 2021".

كما أن التضخم وصل إلى 7.2 بالمئة في مارس/آذار 2022، مع تراجع حاد لمعدلات الاستثمار الأجنبي المباشر.

ووفقا للبنك المركزي، سيصل النمو إلى 2.6 بالمئة في عام 2022 في الوقت الذي يجب أن يكون بين 7-8 بالمئة.

وتعتقد وزارة المالية أن "الأزمة الروسية الأوكرانية تعيق آفاق النمو بشكل أكبر (تباطؤ الطلب الأوروبي، وتجفيف السياحة الروسية)". 

حلول صعبة

على مدى ست سنوات، أرهق الخبراء ضمائرهم وهم يبكون بحرقة، بسبب عدم مسؤولية الحكام منذ 2014 (إسلاميي حركة النهضة، نداء تونس - الباجي قائد السبسي)، كما تقول الصحيفة الفرنسية. 

ويبدو أن الخلافات السياسية في تونس لها الأسبقية على المصلحة الوطنية، وأن الدولة قد خصخصت المؤسسات العمومية ليستفيد منها ثلة من التجار.

وأوضحت الصحيفة أن الدولة، الحسابات العامة، أسطول الشركات العمومية (من الخطوط التونسية إلى التبغ، الدولة تصنع كل شيء، حتى الإطارات) لم يعد بإمكانها العيش على الائتمان. 

بينما يستمر الاقتصاد في التدهور، لم يعد العديد من الوزراء يخفون أن تونس قد وجدت نفسها بين حلين وهما  "صندوق النقد الدولي أو الإفلاس".

لكن يكرس رئيس الجمهورية قيس سعيد أيامه في السلطة لإلغاء البناء الديمقراطي الناتج عن ثورة 2011. بيد أن الاقتصاد لا ينتظر أكثر من ذلك. 

انتخب سعيد في 2019، وتولى جميع السلطات في 25 يوليو/تموز 2021 بعد انقلاب على السلطة.

"جمد" مجلس نواب الشعب قبل حله في مارس، وألغى المجلس الأعلى للقضاء، و"أقام العدالة على خصومه". 

 وتضيف الصحيفة الفرنسية: "كرس سعيد استشارة وطنية عبر الإنترنت لاستطلاع آراء التونسيين بشأن رغباتهم المستقبلية".

 ووضع نصف مليون علامة في مربعات هذا الاستطلاع، أي أقل من 8 بالمئة من الناخبين (سبعة ملايين مسجل).  

بعد خمسة عشر يوما من بدايتها، كان قيس سعيد يعلن بالفعل عن نتائج استفتاء عام لإجراء انتخابات رئاسية. 

ويحكم قيس سعيد منذ عشرة أشهر بمرسوم لا يمكن لأي سلطة قانونية الطعن فيه بعد اتخاذه الإجراءات الانقلابية. 

وبينت الصحيفة أن السبب الأول للكارثة الحالية المرتبط بإهمال القادة الذين خلفوا بعضهم البعض في السلطة لمدة خمسة عشر عاما على الأقل.  

لكن على الرغم من تصريحاته العدوانية، لا يزال قيس سعيد حذرا، بحسب وصف الصحيفة. 

يقول أحد المراقبين مازحا: "إنه لا يهاجم القوي الحقيقي في البلاد، لأنه يعلم أنه إذا ذهب بعيدا فسيحلون محله". 

خلال هذا الوقت، بدأ سباق غريب مع الزمن للحصول على تصديق صندوق النقد الدولي على الرسوم الجمركية. 

وجرى تخفيض دعم الطاقة، وهو أحد البنود التي تثقل كاهل ميزانية الدولة ليزيد سعر البنزين.

وتؤكد الصحيفة أنه قبل الحصول على الدولار، يجب على تونس أن تثبت أنها تجري إصلاحات.

وبينما يتحدث قيس سعيد عن الدستور و"تنقية" المجتمع، فإنه يفتح الباب على مصراعيه لخطة صندوق النقد الدولي.