ساحة جديدة.. صحيفة إيطالية: لهذا يخشى العالم اتفاق الصين وجزر سليمان

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إيطالية الضوء على خطوة جديدة اتخذتها الصين في رقعة الشطرنج الآسيوية المعقدة، من خلال إبرام اتفاقية تجارية وعسكرية سرية مع دولة "جزر سليمان" الواقعة جنوب المحيط الهادئ، وبذلك توجت بكين نفوذها خارج بحر الصين الجنوبي.

وتساءلت "إيل كافي جيوبوليتيكو" في تقريرها إن "كانت هذه الاتفاقية تعني نقطة انطلاق للتوسع الصيني الجديد، خاصة وأن هونيارا تحتل موقعا إستراتيجيا في المحيط الهادئ، كما أنها ارتبطت دائما بالعالم الأنجلوسكسوني".   

ساحة جديدة

في 24 مارس/آذار 2022، أعلنت "جزر سليمان" أنها وقعت بالأحرف الأولى على معاهدة أمنية واسعة مع بكين، قد تفسح الطريق أمام أول وجود عسكري صيني في جنوب المحيط الهادئ، وهو ما أثار مخاوف دول عديدة.

وتنص الاتفاقية، وفق تسريبات صحفية، على إجراءات تسمح بانتشار أمني وعسكري صيني في جزر سليمان، وهو ما رشح فرضية إنشاء قواعد عسكرية صينية بالأرخبيل.

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن "ردود أفعال أستراليا والولايات المتحدة، الحلفين والشريكين الأساسيين، لم تتأخر كثيرا حيث ناقش البلدان الآثار المحتملة لهذا التعاون غير المتوقع".

وأوضحت أن "الاتفاق يفتح ساحة معركة جديدة في سباق التنافس بين الصين والولايات المتحدة في المحيط الهادئ".

وأضافت أن بكين "تريد تأمين دور مهيمن في جزر سليمان، القريبة من أستراليا، من خلال اتفاقية سرية فاجأت العالم"، متسائلة إن كان بالإمكان "تفادي آثارها أم أن الوقت تأخر".

وشددت على أن "الاتفاق بات الآن على ألسن الجميع، خصوصا وأنه تعاون يمكن أن يغير الأصول الإستراتيجية لمنطقة المحيط الهادئ". 

وذكرت أن الاتفاق تصدر عناوين الأخبار لا سيما بعد تسريب وثائق نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في 24 مارس/آذار 2022، عن بنود هذا الاتفاق خصوصا من النواحي الأمنية والعسكرية. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الاتصالات الأولى بين الحكومتين وإقامة العلاقات الدبلوماسية انطلقت عام 2019. 

وذكرت أن "رئيس الوزراء، ماناسيه سوغافاره، قد وافق على طلب بكين الصريح بتقديم قرض تجاري بقيمة 100 مليون دولار، بشرط قطع العلاقات مع تايوان، وهو ما أثار انتقادات كبيرة من السكان ومن العديد من النواب". 

كما عبر السكان عن رفضهم في نفس السنة لمحاولة شركة تخضع لسيطرة الحكومة الصينية استئجار واحدة من أكبر جزر الأرخبيل لمدة 75 عاما، بهدف السيطرة على ميناء تجاري إستراتيجي، قبل أن يتم إلغاء الاتفاقية بعد احتجاجات عديدة.

 وتساءلت "إيل كافي جيوبوليتكو" عن "أسباب هذا الاهتمام الصيني الكبير بالدولة الجزرية الصغيرة؟".

موقع إستراتيجي

ونوهت الصحيفة بأن "جزر سليمان تحتل موقعا إستراتيجيا، إذ إنها واحدة من بوابات المحيط الهادئ، وهي قريبة من أستراليا التي تربطها بها اتفاقيات عسكرية وتجارية مربحة". 

وقالت إن هذه الاتفاقات تحققت في أعقاب المظاهرات الشعبية الكبيرة وأعمال الشغب التي عاشتها البلاد في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتي أرسلت خلالها أستراليا قوة حفظ السلام من أجل الحفاظ على النظام العام. 

وأوضحت أن هذه الاضطرابات كانت نتيجة المعارضة الشديدة لسكان الجزر للتدخل الصيني المتزايد باستمرار في البلاد.

ويذكر أن متاجر في الحي الصيني الواقع بالعاصمة هونيارا، تعرضت للنهب والحرق، ما دفع بسفارة بكين للتعبير لحكومة جزر سليمان عن "قلق بالغ". 

وكانت قد ذكرت في بيان أن السفارة "طلبت من جزر سليمان اتخاذ كافة التدابير الضرورية لتعزيز حماية المؤسسات الصينية والأفراد".

آنذاك، عرضت بكين إرسال قوة شرطة ومعدات  للمساهمة في الحفاظ على الأمن بهدف خفي يتمثل في حماية شركاتها العاملة بالبلاد، وفق قول "إيل كافي جيوبوليتيكو". 

وأكدت بالقول: "وعليه، يبدو الاتفاق الأخير المبرم مع الصين استمرارا طبيعيا لهذه العلاقات". 

ونص اتفاق مارس 2022 بين البلدين بأنه "يجوز لجزر سليمان أن تطلب من بكين إرسال قوات من الشرطة والجيش وغيرهما من القوات المسلحة، بغرض المساعدة في الحفاظ على النظام العام". 

ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن "البند الذي أثار قلقا أكبر ينص على أنه يجوز للصين، وفقا لاحتياجاتها الخاصة وبموافقة جزر سليمان، القيام بزيارات للسفن، وتنفيذ التجديد اللوجيستي والتوقف والانتقال في جزر سليمان".

وتساءلت "إن كان هذا المقترح يخفي احتمال تشييد منشآت عسكرية".

من جانبه، نفى رئيس الوزراء سوغافاره ذلك قائلا إنه "ليس هناك أي نية إطلاقا  للطلب من الصين بناء قاعدة عسكرية في جزر سليمان"، فيما ترى القوى الغربية والولايات المتحدة خاصة عكس ذلك.

"تحالف غير مريح"

وأفادت "إيل كافي جيوبوليتيكو" بأن "تسريبات الاتفاق دفعت حكومات واشنطن وكانبرا وتايبيه إلى التحرك". 

ففي حين عبر الرئيس التايواني، تساي إنغ وين، عن خشيته من أن يتكرر نفس الوضع في بحر الصين الجنوبي، كثفت الولايات المتحدة وأستراليا من اتصالاتهما حول الآثار المحتملة. 

وفي 28 مارس 2022، طالب رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، في بيان، بشكل صريح، فيجي وبابوا غينيا الجديدة، بالضغط على جزر سليمان للتراجع عن الاتفاقية مع الصين. 

ورد بيان صادر عن سوغافاره بوصف طلبات كانبرا بأنها "هجومية"، مضيفا أن الاتفاقية مع بكين جاهزة للتصديق عليها. 

وبحسب الصحيفة الإيطالية، تعد المسألة بالنسبة لواشنطن مختلفة، خصوصا وأن منطقة المحيط الهادئ  ظلت تحت نفوذها منذ عام 1945. 

لذلك تجزم بأنه "لا يمكن قبول فرضية إنشاء  قواعد عسكرية صينية من شأنها أن تهدد قاعدة غوام الإستراتيجية، أو في أسوأ الأحوال هاواي".

وأشارت الصحيفة إلى أن "إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعلنت في فبراير/شباط 2022، إعادة فتح سفارتها في جزر سليمان وذلك بعد 29 عاما من الغياب، في حركة استباقية لتحركات جديدة محتملة من الجانب الصيني". 

وترى "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن الاتفاق "فاجأ القوى الغربية في وقت يتجه فيه اهتمام المجتمع الدولي للصراع الدائر في أوكرانيا". 

وخلصت إلى القول إن "سياسة بكين التوسعية عبرت حلقة الاحتواء التي بنتها الولايات المتحدة تدريجيا، من خلال تعزيز تحالفات متعددة بمرور الوقت".

وختمت الصحيفة تقريرها بالتساؤل عن "ماهية الإستراتيجيات اللاحقة التي سيطبقها الطرفان لمواجهة تحركات الخصوم".