رافع العيساوي.. قيادي سني مؤثر قد تقلب عودته الطاولة السياسية في العراق

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثار إفراج القضاء العراقي عن وزير المالية الأسبق، القيادي السني البارز رافع العيساوي، جدلا واسعا في البلاد، بعدما كان يواجه اتهامات أمنية وإدارية متنوعة، كانت سببا في تفجر أزمات متلاحقة انتهت باجتياح تنظيم الدولة ثلث العراق عام 2014.

وفي 7 أبريل/ نيسان 2022، قررت محكمة التمييز العراقية، الإفراج عن العيساوي بكفالة بعد الحكم عليه بالسجن لمدة سنتين في قضية تتعلق بالنزاهة، بتاريخ 20 فبراير/ شباط 2022.

وبعد التضييق عليه لسنوات تنقل خلالها بين إقليم كردستان شمالي العراق ودولة الإمارات، سلم العيساوي نفسه إلى القضاء العراقي في 16 يونيو/ حزيران عام 2020، تمهيدا لإعادة محاكمته بناء على قرارات غيابية صدرت بحقه.

وفي 30 يونيو 2020، برأ القضاء العراقي، العيساوي، من تهم عديدة أسندت إليه مرتبطة بقضايا "إرهاب"، وأفرج عنه مع التأكيد أنه مطلوب على ذمة قضايا إدارية أخرى قيد المحاكمة، وسجن على ذمة واحدة منها في فبراير 2022. 

ويرجح مراقبون أن يكون العيساوي المعروف بمعاركه العديدة مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي (شيعي)، مصدر قلق لقيادات سياسية سنية متصدرة المشهد السياسي حاليا.

مشعل التظاهرات

رافع العيساوي كان سببا رئيسا في إشعال التظاهرات الشعبية بالمناطق السنية، في غرب وشمال العراق عام 2012، بعد إصدار مذكرة قبض بحقه، وحينها كان وزيرا للمالية، واعتقال جميع أفراد فوج الحماية في مقر الوزارة بالعاصمة بغداد.

وعد العيساوي أن ما صدر بحقه هو استهداف سياسي عمد إليه رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي، بعد عام واحد من إصدار مذكرة مماثلة صدرت بحق نائب رئيس الجمهورية السياسي السني البارز طارق الهاشمي، وتوجيه اتهامات له بالإرهاب.

وامتدت التظاهرات التي اندلعت من محافظة الأنبار مسقط رأس العيساوي، إلى باقي مدن العراق ذات الغالبية السنية بالإضافة إلى بغداد، رافضين للاستهداف السياسي الطائفي الذي ينتهجه المالكي ضد الزعامات السنية، ومطالبين بالإفراج عن عشرات آلاف المعتقلين من أبناء المكون، الذين اعتقلوا وانتزعت منهم اعترافات نتيجة دعاوى كيدية.

التظاهرات التي استمرت لمدة عام كامل، لجأ المالكي إلى فضها بالقوة في الأنبار وكركوك والموصل، في يناير/ كانون الأول 2013، لكن الأوضاع بقيت متوترة في هذه المدن بين العشائر والقوات الأمنية، والتي استغلها تنظيم الدولة واجتاح مدينة الموصل في يونيو/ حزيران 2014.

 وخرج العيساوي من محافظة الأنبار إلى إقليم كردستان العراق، ثم انتقل للعيش في الإمارات، وقاد حملة دولية ضد حكومة نوري المالكي والإقصاء والاضطهاد الذي يتعرض له المكون السني، والذي تسبب بإيجاد أرضية خصبة للجماعات المتطرفة.

وفي هذا الصدد، يقول الكاتب العراقي علي حسين، إنه "بالأمس كنا نقرأ المدونات حول جرائم رافع العيساوي وخرج علينا نوري المالكي وجماعته وهم يهددون ويتوعدون كل من يتحدث عن براءة العيساوي، لكننا اليوم اكتشفنا أن ما جرى كان فصلا من تمثيلية دفع المواطن العراقي سوء إخراجها وكتابتها".

وأضاف بمقال نشرته صحيفة "المدى" المحلية في 11 أبريل 2022: "فبعد أحكام بالإرهاب والاختلاس والانضمام إلى تنظيم الدولة.. ينتبه القضاء العراقي إلى أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، فيصدر قرارا ببراءة العيساوي، فالذين صدعوا رؤوسنا بخطابات الوطنية، ومطاردة العيساوي.. صمتوا وكأن شيئا لم يكن".

وتابع حسين قائلا: "هذه الفصول التمثيلية التي كبدت العراق عنفا وقتالا على الهوية، ومطاردات، تنتهي بلحظة واحدة حيث نكتشف أن الأمر لم يكن سوى معركة لكسر العظم بين المالكي وشركائه في الحكم، وكان منهم رافع العيساوي".

وأردف: "نحن هنا أمام اعتراف من القضاء بأن رافع العيساوي بريء.. إذن لماذا حكم عليه وتمت مطاردته؟ وأين كان القضاء آنذاك؟ هذه الأسئلة تثبت لنا بالدليل القاطع أننا نعيش في ولاية بطيخ".

كاريزما زعامة

وبخصوص تأثير العيساوي السياسي في العراق، قال النائب عن تحالف "عزم" السني منصور المرعيد، إن "رافع العيساوي شخصية محترمة، ومشهود له من جميع الأطراف بمهنيته، ونزوله إلى الساحة السياسية سيغير كثيرا في المعادلة، وهذا الأمر يقلق الآخرين".

وأوضح المرعيد خلال مقابلة تلفزيونية، في 12 أبريل 2022 أن "هناك تفاهما بين تحالف عزم والعيساوي وربما يكون جزءا من هذا المشروع، لكن ذلك لم يحسب بشكل نهائي، ونحن في مرحلة انتقالية ستشهد متغيرات كبيرة".

وفي السياق ذاته، قال النائب عن تحالف "السيادة" السني مشعان الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية في 13 أبريل، إن "العيساوي شخصية قوية ومؤثرة، لكن يحق له المشاركة في الانتخابات بعد أربع سنوات، وأن القضاء قال إنه خرج بكفالة وقضاياه لم تنته بعد".

وزاد: "مع أن العيساوي شخص قوي جدا ولديه كاريزما زعامة، لكنه لا يمتلك الإمكانيات لمنافسة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي في السنوات المقبلة، ولن يكون له تأثير في استبعاد الأخير من رئاسة البرلمان"، في إشارة إلى الحديث عن منافسة محتملة بين العيساوي والحلبوسي على زعامة المكون السني.

وكان العيساوي قد سلم نفسه إلى القضاء العراقي في 16 يونيو 2020 تمهيدا لإعادة محاكمته بناء على قرارات غيابية كانت صدرت بحقه قبل سنوات، حيث قرر القضاء حينها قبول اعتراض الأخير على الأحكام الغيابية نظرا لتسليم نفسه واستنادا لأحكام المادة 247 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وفي 30 يونيو 2020، برأ القضاء العراقي، العيساوي، من القضايا المرتبطة بـ"الإرهاب"، حسبما أعلن المركز الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى في العراق.

وقال القضاء إن "محكمة التحقيق المختصة بقضايا الإرهاب في الرصافة، أكملت التحقيق مع وزير المالية السابق رافع العيساوي، بعد تسليم نفسه لجهات التحقيق المختصة، مع إنكاره ما نسب إليه".

وأوضح المركز أنه وبالنظر لكون الدليل الوحيد المتحصل ضد العيساوي، في القضايا المرفوعة ضده هو إفادة أحد المتهمين الذي غير أقواله عند تدوين إفادته كشاهد في القضية، وأنه عملا بأحكام المادة (125) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن الدليل يكون قد انتفى في تلك القضايا المتهم بها العيساوي وفق قانون مكافحة الإرهاب.

وعليه أصدر المجلس قراره بالإفراج عنه وغلق الدعاوى بحقه مؤقتا. وزاد القرار القضائي بالقول: "أما بخصوص الأحكام الغيابية في الدعاوى الخاصة بالفساد الإداري، وبالنظر لتسليم نفسه واعتراضه على الأحكام الغيابية فيها، فإنه وبحسب القانون، تم قبول اعتراضه وإطلاق سراحه بكفالة شخص ضامن يتكفل بإحضاره، وحدد موعدا لإجراء محاكمته عنها مجددا لاحقا".

ابن الفلوجة

رافع حياد العيساوي (56 عاما) من مواليد عام 1966 في مدينة الفلوجة، بمحافظة الأنبار غرب العراق، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية في المدينة ذاتها، وحصل على  شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة بغداد عام 1989.

وكان العيساوي ينتمي فكريا إلى جماعة الإخوان المسلمين، ودخل العمل السياسي بعد عام 2003 وشغل مناصب عدة منها وزير دولة للشؤون الخارجية (2006-2007) ونائب رئيس الوزراء عام 2008، ووزير للمالية (2010-2013).

وتدرج العيساوي  في العديد من الوظائف العامة قبل ذلك، حيث عمل طبيبا في مستشفيات وزارة الصحة بين (1990-1998) ثم اختصاصيا بجراحة العظام والكسور جامعة البصرة (1999).

وتولى إدارة مستشفى الفلوجة لعام (2003-2004) وبعدها أصبح مديرا عاما لصحة محافظة الأنبار (2004-2005)، ثم فاز بعضوية مجلس النواب العراقي عن جبهة التوافق العراقية السنية عام 2005.

وحينما كان العيساوي مديرا لمستشفى اليرموك دخل ضمن الحوارات التي جرت بين قوات الاحتلال الأميركي وأهالي مدينة الفلوجة، حيث اندلعت بين الطرفين معركة كانت الشرارة الأولى لانطلاق المقاومة العراقية عام 2004.

ويتمتع العيساوي بشعبية واسعة بين أهالي الفلوجة والأنبار عامة، حيث قدم خدمات كبيرة هناك، عندما شغل مناصب حكومية، لا سيما أنه كان وراء الحصول على تعويضات مالية لأهالي المدينة نتيجة للمعارك التي شهدتها ضد القوات الأميركية.