رغم ترحيبهم بها.. لماذا تواصل الأطراف اليمنية خرق الهدنة الإنسانية؟

عصام الأحمدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

فتحت خروقات وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع في اليمن أحاديث جدية عن إمكانية انهياره وعرقلة جهود الحل السياسي وسط اتهامات متبادلة.

وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أعلن عن دخول هدنة إنسانية حيز التنفيذ، بدءا من مساء الثاني من أبريل/نيسان 2022، تستمر لمدة شهرين.

وحظي إعلان الهدنة في اليمن بترحيب من قبل الحكومة اليمنية والحوثيين، إضافة إلى مباركة دولية وأممية وعربية واسعة.

اتهامات متبادلة

وتبادل أطراف النزاع، الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار، بعد ساعات من دخوله حيز التنفيذ، وذلك في عدد من جبهات القتال في مأرب والساحل الغربي وتعز.

وسجل معدل يومي أكبر للخروقات الحوثية في جبهات القتال كافة، وتحديدا محافظة حجة الحدودية مع السعودية، ومأرب الغنية بالنفط التي استهدفتها المليشيا بصاروخ باليستي صباح 9 أبريل 2022.

واتهم الجيش اليمني، مليشيا الحوثي بارتكاب 1230 خرقا للهدنة، منذ بدايتها في جبهات ومحاور القتال كافة بمحافظات مأرب (وسط)، وتعز (جنوب غرب) والجوف وصعدة (شمال) وحجة (شمال غرب) والضالع (جنوب)".

وبحسب بيان صادر عن الناطق الرسمي باسم الجيش العميد عبده مجلي، "تنوعت تلك الخروقات في استهداف مواقع الجيش بسلاح المدفعية والأسلحة المتوسطة والعيارات المختلفة، وأيضا بالطائرات المسيرة المتفجرة وكذا نشر قناصين أمام مواقع القوات".

وأضاف أن المليشيا الحوثية استخدمت في هجماتها بمحافظتي مأرب وتعز الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المتفجرة التي تسببت في إصابة العديد من المدنيين، وإلحاق أضرار مادية بالمنشآت والمنازل السكنية دون ذكر إحصائية لعدد الضحايا.

وأعلن الجيش اليمني، أن قواته رصدت 80 خرقا ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق الهدنة الأممية في 11 أبريل 2022، في جبهات القتال بالحديدة وتعز والضالع وحجة والجوف ومأرب.

وذكر المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، أن الخروقات توزعت في 20 خرقا في جبهات القتال غرب حجة، و17 خرقا للهدنة في محور تعز و17 في محوري البرح وحيس، و15 خرقا في جبهات القتال جنوب وغرب وشمال غرب مأرب، بالإضافة إلى 6 خروقات شرق الجوف، و5 في محور الضالع.

في المقابل، أعلن الحوثيون في 13 أبريل، عن رصدهم 95 خرقا للقوات الحكومية، 64 منها كانت عبارة عن تحليق للطيران الاستطلاعي في أجواء عدد من المحافظات.

ونقلت وكالة "سبأ" الخاضعة لسيطرة المليشيا، عن مصدر أمني، لم تسمه، قوله إن قوات الجيش اليمني استحدثت تحصينات قتالية وطرقا جديدة، بمديرية الجوبة بمأرب، ونفذت عملية تسلل في السائلة بمديرية الصلو بتعز.

تهديد مستمر

وتهدد الخروقات الحوثية، الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في اليمن، بعد فصل ساخن من المعارك والغارات الجوية على الحوثيين، وهجمات من المليشيا على السعودية والإمارات.

ومنذ اليوم الأول لإعلان الهدنة الإنسانية، كان المعدل اليومي للخروقات المتبادلة لوقف إطلاق النار، يتجاوز 250 خرقا من الطرفين.

وأعلن الجيش اليمني في 4 أبريل، رصد أكثر من 44 خرقا ارتكبتها المليشيات الحوثية ضد الهدنة الإنسانية، في جبهات الحديدة وحجة وتعز والجوف ومأرب.

في الساحل الغربي، أعلنت القوات اليمنية المشتركة المدعومة إماراتيا، رصد عدد من الخروقات الحوثية، في محوري البرح غرب محافظة تعز وحيس جنوب محافظة الحديدة.

وأشارت إلى أن "خروقات الحوثيين للهدنة في الساعات الأولى شملت أربعة خروقات بالطيران المسير وثلاثة بقذائف الهاون و36 بالأسلحة الرشاشة بمختلف أنواعها".

وحول هذا الموضوع، قال محمد الصالحي رئيس تحرير صحيفة "مأرب برس"  إن "الخروقات الحوثية مستمرة والتحشيد مستمر في جبهات مأرب بشكل كبير".

وأوضح لـ"الاستقلال" أن "هناك دبابات ومدرعات وأعدادا بشرية كبيرة من مليشيات الحوثي وصلت في إشارة واضحة إلى أنها ترفض السلام والهدنة وتعد العدة لإعادة المواجهات في مأرب".

وبين الصالحي، أن "هناك خروقات في مأرب وتعز وغيرها من المحافظات بما يثبت عدم جدية هذه الجماعة في إحلال السلام".

ومضى يقول، "الحكومة الشرعية ومجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة دعت الجماعة إلى مشاورات للسلام لكن حتى الآن الحوثيون يرفضون هذه الدعوات، بل إن خطابهم ما زال متشنجا وبعيدا عن الواقعية وعن أي منطق سلام". 

ويعتقد أن "السبب الأساس لتعنت الحوثي هو أنه لا يزال يمتلك قوة ودعما إقليميا ورضى دوليا، ولذلك إذا لم تنكسر هذه الترسانة العسكرية فإنه سيظل بعيدا كل البعد عن أي حوار أو سلام".

هدنة هشة

ويصف مراقبون الهدنة التي أعلنها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، بالهشة مع استمرار الخروقات المتواصلة وعدم فتح المنافذ واستئناف الرحلات الجوية التجارية من وإلى مطار صنعاء الدولي.

وهو ما دفع المبعوث الأممي إلى زيارة صنعاء لأول مرة منذ تسلم مهامه في سبتمبر/أيلول 2021، لمحاولة تثبيتها، والانتقال إلى ما تبقى من الملف الإنساني وكذلك الملف الاقتصادي في الأزمة.

وتأتي زيارته إلى صنعاء في 11 أبريل، بعدما سلم الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي في السابع من ذات الشهر، السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي، في مسعى لتوحيد الصفوف في المعسكر الذي يقاتل الحوثيين في البلاد منذ أكثر من سبع سنوات.

ومجلس القيادة مكلف بالتفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في أنحاء الجمهورية كافة، والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام، بحسب قرار التفويض الذي أعلنه هادي.

ويدور النزاع في اليمن بين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في شمال وغرب البلاد، وقوات الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.

وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأمم المتحدة.

وفي هذا الصدد قال محمد الصالحي، إن "زيارة المبعوث الأممي الأولى إلى صنعاء منذ تعيينه والتي تأتي بعد مشاورات الرياض والمشاورات غير المعلنة في مسقط قد تكون في جعبته عدد من المقترحات والحلول". 

وأضاف "نتمنى أن تستمر الهدنة وأن يلتزم الحوثي بفتح المعابر في تعز ومأرب وغيرها خصوصا أن التحالف العربي (السعودي الإماراتي) والحكومة الشرعية أبدت مرونة جدا في التعامل معه تجاه المتطلبات الإنسانية مثل إدخال الوقود وفتح مطار صنعاء".

وحول إمكانية استمرار الهدنة، أوضح الصالحي، أن "الخروقات الحوثية تهددها بشكل كبير، وإذا ما استمرت فإنها ستنعكس بشكل كبير على وقف إطلاق النار".

التقاط الأنفاس

وأكد أن "الحوثي على مدار السنوات الماضية منذ التمرد في صعدة حتى الآن يستغل دائما اتفاقيات الهدنة في مصلحته".

وأردف: "فهو لا يرضخ للهدنة إلا في حال كانت هناك مكاسب سيحققها على أرض الميدان، ودائما ينقض كل الاتفاقيات والمواثيق والهدن ومن بينها التي ترعاها الأمم المتحدة".

ومضى يقول: "رأينا عندما حدث اتفاق ستوكهولم في الحديدة (ديسمبر/كانون الأول 2018) كيف جير الاتفاق لصالحه وحشد القوات إلى جبهة مأرب واستخدم قوته التي كانت موجودة هناك".

وبين أن "الحوثي استمر في خرق الاتفاق واستفاد بشكل كبير من تحييد جبهة الحديدة التي كانت قوية جدا واستهلكت الكثير من قواته البشرية ومعداته وهددت وجوده".

وختم الصالحي بالقول: "الحوثي بعد أن وقع الاتفاقية تفرغ بشكل كبير لمأرب ولذلك دائما ينقض العهود المواثيق ويستغلها لمصلحته، ولا نستبعد أن يشن هجوما كبيرا على مأرب خصوصا أنه يحشد لهذا الأمر بشكل كبير".

وكان عضو الوفد الحوثي المفاوض، عبدالملك العجري، قال في تغريدة على "تويتر": "حاليا المحك الحقيقي للسلام هو في مدى الاستجابة للقضايا الإنسانية التي ستطرح على الطاولة سواء باستكمال إجراءات رفع القيود على المطار والميناء، أو المتعلقة بالحقوق والخدمات الأساسية وعلى رأسها المرتبات والكهرباء".

وحتى نهاية 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألف شخص، وكبدت اقتصاد اليمن خسائر 126 مليار دولار، وفق الأمم المتحدة، بينما بات معظم سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.