تدعمه أبوظبي وترفضه الحوثي.. ما خطط العليمي بعد تفويضه بصلاحيات هادي؟

12

طباعة

مشاركة

في أول خطاب له بعد يوم واحد من توليه المنصب الجديد، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، إنه سينهي الحرب المستمرة منذ سبع سنوات من خلال عملية سلام تضمن تطلعات الشعب اليمني.

وتعهد العليمي في 7 أبريل/نيسان 2022، بالعمل على تجنيب البلد "أطماع الطامعين الذين يستهدفون عروبته ونسيجه الاجتماعي والجغرافي. والعمل على تغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح الأخرى".

وتابع: "هذا اليوم من أيام تاريخ شعبنا اليمني، تم فيه اجتماع الكلمة ورص الصفوف وتوافقت فيه القوى السياسية كافة في بلادنا سعيا منها لإنهاء الحرب وبناء السلام، وذلك بإعلان مجلس القيادة الرئاسي والذي يمثل الكيانات كافة بمختلف أطيافهم وهو تعبير عن الهدف والمصير المشترك".

وأضاف: "نتطلع إلى أن يكون هذا المجلس نقطة تحول في مسيرة استعادة الدولة ومؤسساتها وتحقيق تطلعات شعبنا في الأمن والاستقرار والتنمية".

كما أكد العليمي أن "المجلس سيقف سدا منيعا لمواجهة الإرهاب بأشكاله كافة كما سيعمل على مكافحة النزاعات الطائفية الدخيلة".

وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي يتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرا له، قد فوض في 7 أبريل/نيسان 2022، سلطاته إلى المجلس وعزل نائبه علي محسن الأحمر.

وجاء هذا الإعلان بعد محادثات يمنية جرت في الرياض، بهدف تصحيح مسار الشرعية وتعزيز الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإحياء المفاوضات السياسية وإنهاء الحرب المستمرة منذ سبع سنوات بين مليشيا الحوثي المدعومة من إيران والحكومة اليمنية المسنودة بتحالف سعودي إماراتي.

وهي خطوة يراها كثيرون أنها في إطار مساع سعودية، للخروج من الحرب وتعزيز التحالف المناهض للحوثيين وسط جهود أممية لإحياء مفاوضات السلام.

بدورها رأت مليشيا الحوثي أنها غير معنية بتسليم الرئيس هادي لسلطته ووصفت الخطوة بأنها مهزلة، وأنها إجراءات غير شرعية صادرة خارج حدود اليمن.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام، في بيان، إن "طريق السلام يكون بوقف العدوان ورفع الحصار وخروج القوات الأجنبية من البلاد".

أولويات محددة

وتعليقا على الخطاب، قال الباحث والأكاديمي اليمني فارس البيل، إنه "بدا واضحا من الخطاب استفادته من التجارب السابقة وإدراكه طبيعة المرحلة بشكل كبير".

وأضاف في حديث لـ"الاستقلال": "لذلك كان الخطاب بالمجمل مختصرا ومكثفا ومركزا على عدد معين من القضايا بمعنى أن هناك أولويات لهذه المرحلة".

ومضى شارحا "لا ننسى أن هذه التغيرات هي في إطار مرحلة انتقالية وبالتالي نحن أمام فترة بمهام محددة بالإضافة إلى تسيير شؤون الدولة لكن لدينا مسألة القضية الأولى وهي الخروج من حالة التكلس في إدارة الدولة لمواجهة مشروع الحوثي".

واستطرد بالقول: "ولذلك كان خطاب الرئيس رشاد العليمي واضحا في هذه المسألة أننا سنسعى للسلام وهو أسلوب سياسي ودبلوماسي بمراعاة الزخم الذي يحدث من المفاوضات والوساطات والمبادرات التي تجرى الآن".

ورأى الباحث اليمني أن "خطاب رئيس مجلس القيادة كان مهما للرأي العام العالمي والمجتمع الدولي بأننا سنسعى للسلام وسنقدم الكثير من الفرص لمليشيا الحوثي لتقترب من السلام لكنه أشار إلى أننا مجلس دفاع وقوة".

ويعتقد أن "الرسالة واضحة في هذه الحالة خصوصا أننا نتحدث عن أربعة أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي هم قادة فصائل عسكرية مهمة سيجرى توحيدها".

وتابع: "في حال لم تلتزم مليشيا الحوثي بأي جهد حقيقي للسلام فإن البديل هو مواجهة الكتلة العسكرية الموحدة".

ومضى يقول: "ركز خطاب الرئيس أيضا على قضايا أخرى وأنه سيحاول قدر الإمكان أن ينجز الكثير من الملفات على الصعيد السياسي والعسكري مع توفر الدعم الخليجي اقتصاديا".

"عميل الإحداثيات"

نشرت صحيفة اليمن اليوم التي كان يملكها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، في 10 نوفمبر/ كانون ثاني 2015، وثيقة تكشف العلاقة بين رشاد العليمي والنظام السعودي والمخابرات البريطانية تحت عنوان "عميل الإحداثيات".

وتضمنت الوثيقة عرضا من الأمير محمد بن نايف لولي عهد السعودية محمد بن سلمان بتعيين العليمي عضوا في مجلس الشؤون السياسية والأمنية.

وذلك لما قدمه من تقارير ومعلومات مهمة جرى على إثرها تحديد بنك الأهداف لعملية عاصفة الحزم التي قادتها السعودية ضد الحوثيين في عام 2015، بحسب الوثيقة.

وكشفت عن ترأس العليمي غرفة عمليات صنعاء التي أنشأها التحالف والمعنية ببنك الأهداف وجمع المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى علاقته القوية مع المخابرات البريطانية.

ويرى متابعون للشأن اليمني، أن تعيين العليمي هو قرار سعودي إماراتي، نظرا لما قدمه الرجل من خدمات كبيرة طوال فترة حرب التحالف في اليمن.

وهو ما دفع السعودية للضغط بشتى الوسائل، على عبدربه منصور هادي، من أجل تفويض المجلس الرئاسي بصلاحياته ومغادرته المشهد السياسي اليمني بصورة غير متوقعة.

وعلق الباحث اليمني عادل دشيلة بالقول، إن "التصرفات السعودية تجاه القيادات اليمنية بتلك العجرفة لن تزيد الطين إلا بلة".

وأضاف في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك" "نحمل السلطات السعودية مسؤولية سلامة الرئيس هادي وطاقمه لتهنأ إيران وأذرعها المسلحة الحوثيين".

وأكد الباحث، أن "قرارات الفجر التي أصدرها قصر الدرعية من خلال تشكيل قيادة يمنية خارج رغبة اليمنيين لن تنجح، ومصير المجلس الرئاسي الفشل".

ويشهد اليمن منذ أكثر من سبع سنوات حربا بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري سعودي إماراتي، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء، إضافة إلى محاولات انفصالية في الجنوب مدعومة من أبوظبي.

وقد بات واضحا أن الفشل في تحقيق الحسم الميداني أو الدفع باتجاه حل سياسي هو النتيجة الأبرز للتدخل العسكري الذي بدأ في 25 مارس 2015.

مرحلة جديدة

من جانبه يرى الصحفي اليمني، أحمد عايض أن أول خطاب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي من أرض يمنية بحسب الأعراف الدبلوماسية هو مؤشر يحمل الكثير من الدلالات والتأكيدات.

وأضاف في تغريدة على حسابه بتويتر، "رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، بعث أول خطاب له من السفارة اليمنية بالرياض، وهو حمل مؤشرات كبيرة، تضمنت وعودا وتأكيدات على مواجهة قادمة مع الإرهاب الحوثي وطائفية المسيرة". 

ورأى الأكاديمي البيل، أن "الخطاب كان موجزا وشاملا وموضوعيا وقريبا للمصداقية بشكل كبير في أن المرحلة القادمة مرحلة توحد واجتماع كلمة ومحاولة إنعاش الدولة ودور السلطات المهمة فيها والوصول إلى مرحلة السلام ورفع المعاناة عن اليمنيين بشكل أو بآخر".

وختم بالقول، "أعتقد أنه خطاب لاقى ارتياحا كبيرا من الناس ولم يكن مبالغا في رص الوعود لكنه كان موضوعياً وحصيفا ومركزا على قضايا بسيطة ومهمة".

ويرى متابعون، أن وصف رئيس مجلس القيادة الرئاسي الجديد، لعبدربه منصور هادي بالرئيس السابق هو طي لصفحته إلى الأبد، خصوصاً بعد الحديث عن أنه نقل صلاحياته ولم يتخل عن منصبه كرئيس شرعي.

وكان الرئيس اليمني تولى رئاسة البلاد في 25 فبراير/شباط 2012، بعد إجراء انتخابات في البلاد، كان فيها المرشح الوحيد عقب تسليم الرئيس السابق علي عبدالله صالح السلطة وفقا للمبادرة الخليجية بشأن اليمن بسبب احتجاجات شعبية عام 2011.

ويعد رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، أحد أبرز مستشاري هادي منذ عام 2014.

وقبل ذلك، كان أحد أبرز وجوه النظام السابق، عندما تقلد مناصب أمنية واستخباراتية رفيعة منذ 2000 وحتى عام 2011.

ويتهم ناشطون العليمي بالفساد وتأسيس شركات واستثمارات في الخارج وجمعت بطرق غير مشروعة، مستفيدا من الوظائف التي شغلها في الحكومة اليمنية.

 إذ كان أحد المسؤولين الذين أدرجت أسماؤهم ضمن دراسة تجميد الأموال من قبل الاتحاد الأوروبي، وبلغت أرصدته المجمدة في البنوك الألمانية 85 مليون يورو و300 مليون دولار أميركي بحسب منظمة الشفافية الدولية.

سياسي مخضرم

وعلى مدى السنوات الماضية، تقلد العليمي عددا من المناصب الحيوية في عدة مجالات.

وقد عمل مديرا للشؤون القانونية في وزارة الداخلية عام 1989 قبل تحقيق الوحدة اليمنية بعام واحد، واستمر في ذلك العمل لمدة خمس سنوات.

كما جرى تعيينه رئيسا لمصلحة الهجرة والجوازات عام 1994، ثم مديرا لأمن محافظة تعز التي ينتمي لها عام 1996.

وعين وزيرا للداخلية عام 2001، واستمر حتى جرى تعيينه بمنصب رئيس اللجنة الأمنية العليا ونائب رئيس الوزراء في 2006.

وعام 2008، أصبح العليمي نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للداخلية لشؤون الدفاع والأمن.

وهو عضو في اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، وأحد أبرز قيادات الحزب، وقريب من حزب الإصلاح الإسلامي ويعد من الشخصيات المقبولة يمنيا على نطاق واسع، ويحظى بعلاقات جيدة مع معظم المكونات السياسية.

اختير عام 2019 رئيسا للتحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية الذي تشكل حينها، ضمن جهود توحيد صف المكونات اليمنية من أجل مواجهة الحوثيين، عقب اجتماع تاريخي لمجلس النواب بمنطقة سيئون التابعة لمحافظ حضرموت شرقي اليمن.

وسبق للعليمي العمل عن كثب مع السعوديين في مجال الأمن، عندما تولى قيادة وزارة الداخلية التي شكل أثناء عمله فيها علامة فارقة من حيث تطوير الأداء الأمني، وهو صاحب خطة الانتشار الأمني.

كما أن له علاقات واسعة مع الأميركان خصوصا في مجالات مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني، بالإضافة إلى علاقاته بالجهات والمنظمات الأوروبية.

ويقول الحوثيون إنه جرى اختيار رئيس المجلس الرئاسي الجديد رشاد العليمي لأنه رجل أميركا.

وحتى نهاية عام 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، وبات معظم السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.