غاب الطعام وحضرت الذكريات.. كيف تتضاعف آلام نازحي سوريا في رمضان؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "المونيتور" الأميركي، الضوء على الظروف المريرة التي يعيش فيها السوريون شهر رمضان المبارك، في ظل نقص حاد بكميات الطعام والمياه الصالحة للشرب على خلفية الوضع الاقتصادي والسياسي الكارثي بالبلاد.

وذكر الموقع أنه لطالما كان رمضان يمثل للسوريين طقوسا اجتماعية محببة، مثل أطباق ومشروبات الإفطار وتبادلها مع الجيران، فضلا عن زيارات الأقارب، لكن ذلك أصبح الآن جزءا من الماضي فقط.

نقص حاد

وأكد الموقع الأميركي أن محافظة دير الزور شرقي سوريا تواجه أزمة مياه وخبز تتفاقم حاليا في أيام شهر رمضان المبارك.

وفقدت قرى دير الزور شرقي سوريا الوصول إلى الضروريات الأساسية مثل الخبز والمياه، رغم أن المحافظة التي تقع على طول نهر الفرات تعد لفترة طويلة سلة غذاء سوريا.

ويكافح سكانها هذه الأيام الجوع والعطش، حيث تنقطع المياه لفترات طويلة، وتمتد الانقطاعات في العديد من القرى والبلدات إلى أيام.

وأوضح إبراهيم الحسين، وهو صحفي من ريف دير الزور الشرقي، أن انقطاع المياه منتشر منذ أكثر من عام، وجميع مناطق المحافظة تتأثر به، وقد يستمر أحيانا لأكثر من أربعة أيام".

وتعمل محطات الضخ بالمحافظة لمدة أربع إلى ست ساعات فقط في اليوم، وقام العديد من السكان باختراقها بشكل غير قانوني، ما أدى إلى تعطيل التدفق وإجبار الناس على شراء المياه الموزعة في صهاريج.

ويتراوح سعر صهريج مياه يحمل 30 برميلا من المياه بين عشرة آلاف ليرة سورية (2.65 دولار) و15 ألف ليرة سورية (3.84 دولارات) حسب المسافة ونفقات الوقود.

وعزا الحسين تدهور شبكات المياه والتأخر في إصلاح خطوط الأنابيب الرئيسة إلى الفساد في المجالس المحلية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من أميركا، بما في ذلك  مجلس دير الزور المدني. 

لكنه أشار إلى أن الخدمات أسوأ بكثير في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، ويقع جزء من دير الزور تحت سيطرة النظام والباقي تحت "قسد".

وتعيش أم محمد وهي أم لأربعة أطفال  مع زوجها في إحدى قرى ريف دير الزور. وهي بحاجة إلى كيسين من الخبز على الأقل يوميا لإطعام أسرتها. ومع ذلك، في ضوء ارتفاع أسعار الخبز في الآونة الأخيرة، بدأت في خبز خبزها باستخدام صينية معدنية عميقة تعرف باسم الصاج.

وقالت"يستخدم الكثيرون هذه الطريقة لصنع الخبز. ويستخدم البعض أيضا الأفران الفخارية لإعداد الخبز وتلبية احتياجات أسرهم". وأرجعت الندرة إلى اكتناز الطحين من قبل الخبازين.

ندرة القمح

وتراوح سعر كيس الخبز الذي يزن 500-700 غرام، المدعوم من "قسد" بين 350 ليرة و500 ليرة. وتتراوح قيمة الخبز غير المدعوم من 2000 ليرة سورية إلى 2500 ليرة سورية، وذلك بعد أن انخفضت الليرة السورية مقابل الدولار، إلى مستوى 3900 ليرة للدولار.

ويجرى تداول كيس الدقيق في أسواق دير الزور بسعر 90 ألف ليرة سورية (23 دولارا) إلى 115 ألف ليرة سورية (29.48 دولارا).

واتهم صاحب مخبز في ريف دير الزور الشرقي، المهربين بإحداث أزمة خبز بتهريب دقيق من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية في المحافظة، حيث يباع بسعر أعلى، عبر معابر نهر الفرات بمساعدة القوات الحكومية.

وقال لـ"المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "بسبب النقص يخلط الطحين بدقيق الذرة".

وأشارت الدائرة الاقتصادية بـ"قسد"، المعادلة لوزارة الاقتصاد، في بيان أخيرا، إلى أن الطحين يتم تكديسه من قبل أصحاب المخابز والموزعين نتيجة نقص إمدادات القمح بسبب الجفاف.

وذكرت أن "شمال وشرق سوريا بحاجة إلى 700 ألف طن قمح ودائرة الاقتصاد لم تستقبل سوى  180 ألف طن فقط".

وأكدت الدائرة أن "قسد" تتكبد خسائر بدعم الخبز والدقيق بنسبة تصل إلى 90 بالمئة عن كل طن قمح. وتحتوي احتياطياتها الإستراتيجية على 200 ألف طن، ما يترك نقصا كبيرا.

وليست الحياة أكثر اخضرارا على الجانب الآخر في الشمال الغربي الخاضع لسيطرة قوات المعارضة السورية، التي تضم ملايين العائلات النازحة من مناطق مختلفة في سوريا.

ويعد الوضع هناك مشابها للوضع في شمال شرق سوريا. وسوء الأحوال المعيشية من أكثر مواضيع النقاش شيوعا بين أهالي شمال غرب سوريا، لا سيما في أيام شهر رمضان.

ذكريات رمضان

ونزحت أم ياسين وهي ربة منزل من الغوطة الشرقية جنوبي سوريا وتعيش الآن مع ابنها في ريف عفرين.

وقالت “شهر رمضان مميز جدا للعائلات السورية. يجتمع جميع أفراد الأسرة على مائدة الطعام. مشروبات رمضان مثل التمر الهندي والسوس في كل وجبة إفطار، لكن الآن كل شيء مختلف في سوريا".

وتابعت: "أعيش مع ابني الأصغر في ريف عفرين. توفي ابني الأكبر مع عائلته عندما قصفت الطائرات الحربية منزلهم في الغوطة الشرقية. ابني الأوسط معتقل في سجون نظام الأسد منذ عام 2012 ، ولا نعرف ما إذا كان حيا أم ميتا ".

وتابعت: "تغيرت عادات كثيرة في رمضان وسط الفقر المدقع الذي يصيب السكان. لم نعد قادرين على الحفاظ على التقاليد القديمة، مثل تبادل أطباق الطعام بين الجيران قبل الإفطار. أصبحنا لا نعد عدة أطباق لكل إفطار، بل واحدا فقط".

وزادت: "ارتفعت أسعار اللحوم والخضراوات والفواكه إلى درجة أننا لا نستطيع إلا أن نحلم بتناولها. حتى زيارات العائلة والجيران تكاد تكون معدومة. الجميع منشغل بالأسعار المرتفعة، ونقص فرص العمل، والأجور المتدنية إن وجدت".

وفي مخيمات النازحين المنتشرة في شمال غرب سوريا، تتجلى المعاناة بين السكان، الذين مزقت خيامهم المتعفنة بسبب عواصف شتاء 2022.

وقال يامن الخالدي، وهو نازح من حمص ويقيم في مخيم بريف إدلب: "لا مكان للفرح في المخيمات، خصوصا في رمضان، ربما يكون هذا هو الشهر الأكثر إيلاما للنازحين لأنه يستعيد ذكرياتهم القديمة عن منازلهم وعائلاتهم التي فقدوها نتيجة الحرب".

وأضاف: "كل أسرة لديها فرد واحد على الأقل تم اعتقاله أو قتله أو هاجر أو جرح في الحرب. قتلت الحرب كل شيء جميل فينا".