شنت هجمات سياسية مباشرة.. لماذا تصاعد غضب روسيا من إيطاليا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

اعتبر موقع إيطالي أن روما قد تكون ثالث أكثر العواصم بعد كييف وواشنطن التي انتقدتها القيادة الروسية منذ بداية غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022. 

وقال موقع "إنسايد أوفر" في مقال تحدث عن أسباب غضب الروس أكثر من موقف بلاده، إن "موسكو شنت هجمات عديدة مباشرة ضد طبقتنا السياسية، بسبب موقفها الداعي إلى فرض عقوبات أوروبية شديدة إثر الحرب في أوكرانيا".

حرب تصريحات

وأشار إلى أن وزير الخارجية لويجي دي مايو كان أكثر من استهدفته الانتقادات بسبب تصريحاته المضادة.

وفي 5 أبريل/نيسان، أعلن دي مايو أن روما طردت 30 دبلوماسيا روسيا "لأسباب تتعلق بالأمن القومي".

وأضاف بأن "القرار، الذي اتخذ بالاتفاق مع شركاء بلاده في أوروبا وحلف شمال الأطلسي، كان ضروريا لأسباب مرتبطة بأمننا القومي في سياق الوضع المتأزم الحالي الناجم عن الهجوم غير المبرر على أوكرانيا من جانب الاتحاد الروسي".

وذكر إنسايد أوفر أن وزارة الخارجية الروسية كانت قد توجهت بانتقادات إلى رئيس الدبلوماسية الإيطالية قبل اندلاع الحرب في بيان قالت فيه إنه "يملك فكرة الشارع عن الدبلوماسية". 

في 10 أبريل، هاجمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا مجددا دي مايو قائلة "وزير  الخارجية الإيطالي أثار الارتباك كما هو الحال دائما".

وفي هذا إشارة إلى التصريحات التي أدلى بها الوزير الإيطالي قبل ساعات من توجهه إلى العاصمة الجزائر في 11 أبريل/نيسان ضمن وفد حكومي بقيادة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي لإبرام عقود من أجل زيادة كميات الغاز المستوردة.

قال الموقع إن تصريحات وزير الخارجية الإيطالي قبيل زيارة الجزائر كان لها صدى سيئا في موسكو.

وكان دي مايو قد شدد على ضرورة أن "نكون أكثر استقلالية عن ابتزاز روسيا بالغاز".

نوه الموقع بالقول إن الجزائر تعد بالفعل أحد موردي الغاز الرئيسين اليوم لروما بفضل خط أنابيب غاز يربط البلاد ويمر بالأراضي التونسية نحو جزيرة صقلية. 

لفت الموقع إلى أن مصطلح "الابتزاز" كان أكثر ما أثار حفيظة الجانب الروسي، لذلك ردت ماريا زاخاروفا في بيان بالقول إن "روسيا  ليست من يبتز الاتحاد الأوروبي بإمدادت الغاز، لكن الأخير هو من يبتزها بفرض عقوبات وتهديدات بفرض قيود جديدة".

وأضافت أن "أوروبا تبتز روسيا أيضا بإرسال تعزيزات عسكرية على طول الحدود الروسية وإمداد أوكرانيا بجميع أنواع الأسلحة".

بدورها، ردت وزارة الخارجية الإيطالية على هذه التصريحات بالقول "الابتزاز الحقيقي والوحيد هو طلب الدفع بالروبل لعقود الغاز الجارية، ومن الواضح أن الطلب الروسي غير مقبول".

وأكد أن "إيطاليا تعمل على تنويع مصادر التوريد لتجنب مواجهة أي أزمة محتملة ناتجة عن هذه الظروف غير المقبولة"، مضيفا "بصفتنا الاتحاد الأوروبي، فإننا نعزز خطة لأمن الطاقة لحماية مواطنينا".

وبالتالي، حدث تبادل اتهامات وتصريحات في مرحلة حساسة للغاية من الصراع والعلاقات بين حلف شمال الأطلسي وموسكو، يشير الموقع الإيطالي.

غضب روسي

يجزم إنسايد أوفر بأنه من المؤكد أن لويجي دي مايو ليس السياسي الوحيد في أوروبا الذي يفكر في فكرة تقليص واردات الغاز الروسي.

ويضيف بأنه لم يكن أول من أجرى جولة دبلوماسية للبحث عن مصادر بديلة لإمدادات الطاقة عن موسكو لكن الدبلوماسية الروسية ردت على الفور على  تصريحات الوزير الإيطالي كما حدث في فبراير/شباط.

يرى الموقع الإيطالي في ذلك دلالة على غضب كبير من جانب الكرملين بسبب الموقف الذي اتخذته روما خصوصا وأنه كان يتوقع موقفا مختلفا بشأن قرار الحرب على أوكرانيا. 

من ناحية أخرى، كان البلدان مرتبطان ارتباطا وثيقا لا سيما وأن التبادلات التجارية بينهما كانت مكثفة للغاية قبل اندلاع الصراع وفرض العقوبات الجديدة، يشرح الموقع. 

ويذكر في مقاله أن بلاده اتخذت موقفا "أكثر ليونة" بين دول الاتحاد الأوروبي في تأييد فرض عقوبات على موسكو عام 2014 على إثر ضم شبه جزيرة القرم.

في ذلك العام أيضا، على الرغم من المقاطعة الدبلوماسية من الجانب الأوروبي، كان رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك إنريكو ليتا رئيس الحكومة الغربية الوحيد الذي حضر حفل افتتاح أولمبياد سوتشي.

وأوضح بأن موسكو كانت تتوقع صدور مواقف واضحة عبرت عنها الحكومات الأوروبية الأخرى، إلا أنها كانت تنتظر من إيطاليا العكس من ذلك، أي موقف يتماشى مع التقاليد الدبلوماسية بين الطرفين. 

بحسب إنسايد أوفر، كان هذا الموقف محتملا عشية الصراع من خلال الزيارات التي أداها دي مايو إلى كييف وموسكو قبل أيام قليلة من الهجوم الروسي. 

وقال إن "الموقف تغير بعدما أعلن الجانب الإيطالي استبعاد إمكانية عقد لقاءات جديدة بين المسؤولين الإيطاليين ونظرائهم الروس على إثر إحاطة قدمها وزير الخارجية إلى مجلس الشيوخ في 23 فبراير/شباط". 

وهو ما أثار حفيظة دبلوماسية موسكو، التي ردت في بيان شهير بأن دي مايو يملك "طريقة غريبة في فهم الدبلوماسية".

اعتبر الموقع حرب التصريحات المتبادلة الأخيرة بأنها تعكس خلافا مباشرا بين إيطاليا وروسيا، معتبرا أن الكرملين يستهدف روما ليس لأنها عضو في الاتحاد الأوروبي ولكن لأنه كان ينتظر من حكومتها اتخاذ موقف أكثر ليونة تجاه الأزمة الراهنة. 

ولاحظ بالقول إنه "لم يكن لدى أي أحد في موسكو أي شك بشأن إمكانية أن تؤيد إيطاليا عقوبات لكن كانوا يأملون تحركات وأقوال أقل حزما". 

في الختام، يرى إنسايد أوفر بأن النهج الإيطالي في الوقت الحالي واضح، خصوصا أن كلا من دراغي ودي مايو لم يشيرا إلى خصوصية العلاقات الإيطالية الروسية التقليدية منذ اندلاع الحرب.

بل على العكس من ذلك، فضلا التركيز على  اتخاذ موقف متناغم مع معظم دول الحلف الأطلسي.