مصير مشترك.. موقع إيطالي: عاصفة الحرب في أوكرانيا تبعثر الأوراق بليبيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أشار موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إلى أن الوضع الحالي في ليبيا بات قاب قوسين أو أدنى من نشوب صراع مسلح، قد تستغله روسيا في معاقبة إيطاليا على مشاركتها القوية بالعقوبات الغربية ضد موسكو إثر غزو أوكرانيا.

وقال الموقع إن هناك خطا أحمر يربط بين مصير ليبيا وأوكرانيا، فعلى الرغم من آلاف الكيلومترات الفاصلة بين البلدين، إلا أنهما مرتبطان بمصير مشترك من الفوضى والصراع.

مصير مشترك

وذكر الموقع أنه بعد بضعة أشهر من إطلاق الرئيس الروسي فلادمير بوتين حملة عسكرية في شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس في فبراير/ شباط 2014، أعلن الجنرال الليبي الانقلابي خليفة حفتر في مايو/ آيار بدء عملية "الكرامة" العسكرية بمدينة بنغازي شرقي ليبيا ضد كتائب إسلامية، أدت لاحقا إلى اندلاع حرب أهلية بليبيا.

ويبدو اليوم أن التاريخ يعيد نفسه، فبينما تتصدر الحرب في أوكرانيا الصفحات الأولى لجميع الصحف، تخاطر ليبيا بالانزلاق إلى العنف في صمت عام.

ولفت الموقع إلى أن الوضع الحالي في ليبيا بات قاب قوسين أو أدنى من نشوب صراع مسلح بين حكومتين متعارضتين وذلك نتيجة التطورات التي عرفتها البلاد طيلة الأسابيع الأخيرة.

 من ناحية، حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وعلى الطرف المقابل، حكومة الاستقرار الوطني بقيادة وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا، المدعومة من حفتر ومجلس نواب طبرق.

وذكر "إنسايد أوفر" بأن أرتالا عسكرية موالية لباشاغا كانت قد وصلت في مارس/ آذار 2022، إلى مشارف العاصمة طرابلس فيما انتشرت كتائب موالية للدبيبة في شوارعها قبل أن تنجح الوساطة التي قامت بها الأمم المتحدة والولايات المتحدة في إقناع هذه القافلة العسكرية بالعودة إلى مصراتة.

وفي 3 مارس، صوت برلمان طبرق على منح الثقة لحكومة باشاغا وأدى أعضاؤها اليمين الدستورية على الرغم من رفض الدبيبة تسليم السلطة قبل إجراء الانتخابات.

وكشفت مصادر ليبية لوكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء بأن لقاء كان من المفترض أن يجمع بين رئيسي الحكومتين المتعارضتين في تركيا قبل أن يبوء بالفشل في اللحظة الأخيرة بسبب معارضة مصر ورفض الدبيبة مشاركة الحكم مع خصومه.

ثلاثة سيناريوهات

وأوضح الموقع الإيطالي أن ليبيا تتخبط في حالة من الفوضى من الناحية السياسية، مشيرا إلى وجود ثلاثة سيناريوهات مختلفة على الأقل للخروج من الأزمة.

من ناحية، يقترح الدبيبة إجراء انتخابات برلمانية بحلول يونيو/ حزيران 2022 ونهاية ولاية جميع المؤسسات القائمة بما في ذلك الحكومة.

بينما يعمل مجلس نواب طبرق على تنصيب حكومة باشاغا الجديدة وصياغة مقترح دستوري جديد ومن ثمة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل عام 2023.

من جانبها، تضغط الأمم المتحدة على البرلمان والمجلس الأعلى للدولة من أجل تشكيل لجنة مشتركة لصياغة قاعدة دستورية متفق عليها وتنظيم انتخابات في أقرب موعد ممكن.

في هذا المزيج من السيناريوهات واللجان المشتركة والحكومات الموازية، الشيء الوحيد المؤكد هو أن البلاد منقسمة بشدة ومعرضة للتدخل الأجنبي، يحذر الموقع الإيطالي.

ولفت إلى أنه بعد شهر من بدء الحرب في أوكرانيا، لا يخفي كثيرون مخاوفهم بشأن تداخل الملف الليبي في الصراع، لا سيما وأن لدى روسيا العديد من المصالح في ليبيا، كما أنها استثمرت كثيرا في البلاد على المستوى السياسي والعسكري.

وفي الأيام الأخيرة، انتعشت أنباء من كييف عن اتفاق بين الكرملين وحفتر بشأن إرسال عشرات من الميليشيات الموالية له للحرب في أوكرانيا إلا أنه لم يتم تأكيدها.

ويفترض الموقع بأنه "يمكن أن يكون لدى حفتر أمور أخرى ليفكر فيها بدلا من تقديم مساعدة خجولة لروسيا".

وأوضح "إنسايد أوفر" بأن تداخل الأزمة الأوكرانية ونظيرتها الليبية يتعلق بدور موسكو بالمعنى الدقيق للكلمة في ليبيا، حيث يبقي الكرملين جانبا كبيرا من مرتزقة فاغنر تحت تصرفه لاستخدامهم كسلاح تكتيكي.

ورأى أن اللاعب المهم الآخر في ليبيا هو تركيا، الوسيط الأول في الوقت الحالي بين الطرفين في أوكرانيا، لذلك ستكون القدرة على الاستفادة من وجود المرتزقة الروس أمرا أساسيا خصوصا وأنهم أكثر فاعلية في الصحراء مما هم عليه في دونباس.

علاوة على ذلك، أكد الموقع بأنه من الضروري فهم الطرف الذي ستنحاز إليه روسيا في الوقت الحالي في ليبيا وأي طرف سيرى بأنه من المناسب البقاء مع موسكو، نظرا للأوضاع الدبلوماسية الجديدة.

مصالح متشعبة

من الناحية النظرية، توقع الموقع الإيطالي أن يقف الكرملين في صف حكومة باشاغا المعيّن من برلمان طبرق.

ولفت إلى أن الأخير على غرار الدبيبة، أدان الهجوم على أوكرانيا وبالتالي يتخذ كلاهما موقفا مماثلا من العملية العسكرية الروسية، كما ليس في صالح أي طرف في طرابلس الانحياز بشكل قطعي مع موسكو.

ورجح أن خسارة الدعم الروسي بالنسبة لفتحي باشاغا لا يخدم مصالح الأخير على الإطلاق وهو ما يؤكد الانطباع السائد بأن العامل الأوكراني يقوم بخلط عدة أوراق وأن التوازن الجديد لن يظهر إلا في غضون أسابيع قليلة.

في نفس السياق، أكد الموقع بأن تهديد موسكو لروما بعد المصادقة على العقوبات الأخيرة، يفرض التفكير في تأثير ما يحدث على المصالح الإيطالية في ليبيا.

وأشار إلى أنه لطالما رأى الكرملين في روما ضفة أوروبية مهمة بفضل الروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية بين الجانبين.

لهذا السبب، رغم أن موسكو كانت تتوقع بأن تفرض إيطاليا عقوبات في إطار الاتحاد الأوروبي بسبب الهجوم على أوكرانيا، إلا أنها لم تكن تتوقع مثل هذا الموقع الحازم تجاهها من الطرف الإيطالي.

إذ لم يكتف وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو بإدانة الهجوم، بل وجه انتقادات شديدة للرئيس الروسي وهو ما أدى إلى توترات عديدة في العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين في الأسابيع الأخيرة.

وبذلك، لا يستبعد الموقع أن تشن موسكو حملة انتقام اقتصادي وسياسي من روما خصوصا وأن بإمكانها زيادة زعزعة استقرار الوضع الليبي، وبالتالي إلحاق الضرر بالمصالح الإيطالية هناك.

ويخشى الكثير من المراقبين قيام موسكو بأعمال تخريبية تستهدف منشآت طاقية وذلك لغاية التسبب في تضخم أزمة الطاقة الجارية بالفعل في إيطاليا.

في الختام، لا يستبعد الموقع وقوع مثل هذا السيناريو في حالة استمرار تدهور الأوضاع، كما أن هذا يؤكد بشكل قطعي ارتباط ليبيا بأوكرانيا.