بعد تراجع الأحزاب.. لهذا تشهد انتخابات لبنان ارتفاع عدد المرشحين الشباب

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع "المونيتور" الأميركي أن العشرات من الشباب والنساء في لبنان يأملون في كسر "دائرة المحسوبية السياسية" وجلب وجوه جديدة إلى البرلمان في البلاد، خلال الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في مايو/أيار 2022.

وأغلق الموعد النهائي للمرشحين لتقديم الترشيحات في الانتخابات البرلمانية منتصف ليل 15 مارس/آذار 2022، حيث تم تسجيل 1043 مرشحا، بينهم 155 امرأة.

واللافت للنظر هو عدد المرشحين الشباب والمستقلين الذين يخوضون الانتخابات.

أعلى رقم

وقال الباحث اللبناني، محمد شمس الدين، إن "88 شخصا تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عاما سجلوا ترشيحاتهم في الانتخابات التشريعية".

وأكد لـ"المونيتور" أن "هذا الرقم أعلى من السابق في الانتخابات، وهؤلاء المرشحين يخوضون الانتخابات في مناطق مختلفة من لبنان".

وفي هذا السياق، قال المهندس في الطب الحيوي، مصباح ساكت (26 عاما)، والذي رشح نفسه للمقعد السني في مدينة طرابلس الشمالية وهو أصغر مرشح هناك، للمونيتور: "قررت الترشح لأن الأزمة الاقتصادية الحالية دمرت مستقبلنا، لأننا شباب، وعلينا أن نفعل شيئا حيال ذلك".

وأضاف: "أخبرني الكثير من الناس أنه إذا كان من هم أكبر منك لا يستطيعون فعل أي شيء، فكيف تتوقع من نفسك أن تحدث فرقا؟ رغم ذلك، أنا واثق من أن الناس يريدون التغيير، وسيصوتون لنا".

وأوضح ساكت أن برنامجه الانتخابي "واقعي ولا يتضمن وعودا غير قابلة للتحقيق، وهي تتألف من أربع نقاط أساسية: إصلاح القطاع التربوي، إقرار قانون صحي شامل يمنع السياسيين من السيطرة على الناس عبر الرعاية الصحية، وضع حد للانهيار المالي بتقديم مشاريع قوانين، وإصلاح القضاء وهو موضوع يشمل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت عام 2020".

ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية اللبنانية يومي 6 و8 مايو 2022 للمقيمين في الخارج، وفي 15 من الشهر ذاته داخل البلاد.

وهذا هو أول اقتراع بعد انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، عندما اجتاحت مظاهرات حاشدة البلاد؛ احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

إحداث التغيير

ويواجه لبنان حاليا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، وسط انخفاض قيمة العملة والتضخم ونقص الوقود والأدوية.

وهناك عدد متزايد من الشباب المستعدين لـ"إحداث التغيير والإصلاحات" في البلاد، بما في ذلك "ساكت" وغيره من الشباب الذين يخوضون الاستحقاقات في مختلف الدوائر الانتخابية.

وترشح ريان حاجو الذي يبلغ من العمر 28 عاما في الدائرة الانتخابية الجنوبية الثانية، وقال للمونيتور: "نحن اللبنانيين نعاني كثيرا، أنا أكافح في وجه القمع الذي نعيشه لأن النظام البالي والأحزاب الستة الحاكمة في البلاد لا يمكنها إحداث أي تغيير".

ويسعى حاجو الذي يعمل في قطاع الطب التجميلي حاليا للحصول على درجة الدكتوراه في فرنسا، وأوضح: "منذ عامين ونصف التحقت بـ(مواطنون ومواطنات في دولة)، وهي حركة سياسية مشروعها جاهز وليست طائفية.. لغتها تشبهني، وما يميز حركتنا هو أن لدينا 65 مرشحا يتنافسون في جميع الدوائر".

وأضاف "مشروعنا مشروع وطني وليس إقليميا، نسعى جاهدين لبناء دولة مدنية ومحاسبة أصحاب البنوك وتحقيق تغطية صحية شاملة وقطاع تعليمي جيد".

أما المهندسة المعمارية، رشا عيتاني (35 عاما) والمرشحة للمقعد السني في بيروت، فقالت للمونيتور: "لدي 12 عاما من الخبرة في الشؤون العامة، تقدمت للترشح في الانتخابات لأن لدي رؤية للمدينة التي أحبها".

وأضافت "لدي مشروع متكامل يحررنا من أي تأثير سياسي، نريد أن يكون القرار بيروتيا بحتا، دعونا نقولها بصراحة، البيروتيون يعانون من الظلم والعديد من سكان المدينة يعيشون الآن خارج بيروت".

وتابعت عيتاني: "برنامجي الانتخابي له عدة بنود، الأول يتعلق بأمن المدينة، بمعنى آخر: بيروت يجب أن تكون خالية من السلاح، والثاني اقتصادي ويستند إلى خلق فرص عمل لسكان بيروت، والثالث اجتماعي ويقوم على استرداد الأموال المسروقة والحد من تلوث المدينة".

غياب الحريري

من جانبه، قال المهندس في الطب الحيوي، ساكت: "نجري مفاوضات مع مستقلين تطلعاتهم مشتركة معنا، بهدف تشكيل قوائم مشتركة للانتخابات، سيكون لهذه القوائم نفس البرنامج الانتخابي، هدفي هو إحداث التغيير من خلال عضويتي في البرلمان، إذا فشلت، سأطلب من شخص من خارج الحركة اعتماد البرنامج".

كما لا يرى "حاجو" أي مشكلة في الانسحاب لصالح أي حركة معارضة تتبنى مشروعه، قائلا "الفوز بمقعد في البرلمان ليس هدفا في حد ذاته، بدلا من ذلك أريد أن يتم تنفيذ مشروعي، لكن هل يستطيع أحد أن يفعلها؟ نعمل حاليا على توحيد صفوف المعارضة لإحداث التغيير".

وأكدت عيتاني: "سأستمر في العمل بجد بعد خوض الانتخابات، هدفي الرئيس هو أن أكون في قائمة تشبه شعبنا في بيروت، وقد قطعت شوطا طويلا، ووفقا لإحصائياتنا لدي فرصة جيدة جدا للفوز في الانتخابات، ولا شيء مستحيل".

وشهد العام الحالي ثلاثة ملايين و967 ألفا و507 ناخبين، وسط مخاوف محلية ودولية من تأجيل الانتخابات أو نسفها.

وكل أربع سنوات، ينتخب اللبنانيون 128 نائبا، موزعين بالتساوي بين مسلمين ومسيحيين، ويحق للمرشحين سحب قرار ترشيحهم، والموعد النهائي لتشكيل القوائم الانتخابية هذا العام هو 4 أبريل 2022.

وشاب انتخابات هذا العام غياب "تيار المستقبل" بعدما أعلن رئيسه، سعد الحريري، في يناير/كانون الثاني 2022، انسحابه من السياسة وأنه لن يشارك في الانتخابات.

وسيؤثر انسحاب "تيار المستقبل"، أكبر وأبرز تيار سني في البلاد حتما على التحالفات الانتخابية، وسيترك فراغا "لا يمكن لأحد أن يملأه في الساحة السنية"، يشدد الموقع الأميركي.

مؤشر جيد

وتتجه كل الأنظار نحو الجماعات والمرشحين المنبثقين عن انتفاضة 2019، مثل "الخط الأحمر"، و"لي حقي"، ومرصد "الشعب لمكافحة الفساد"، بالإضافة إلى شخصيات بارزة بينهم رئيس نقابة المحامين السابق، ملحم خلف، والمحامون علي عباس، واصف حركة، وأيمن رعد، والناشط يحيى مولود.

ويتمتع هؤلاء المرشحون بفرص جيدة للفوز بالانتخابات في بعض الدوائر "إذا وحدوا صفوفهم"، خاصة وأن شعبية الأحزاب التقليدية قد تراجعت منذ احتجاجات 17 أكتوبر 2019.

ويشار إلى أن غالبية هذه الأحزاب رشحت نفس النواب الذين فازوا في 2018 لإعادة انتخابهم هذا العام.

وقال الناشط السياسي والاجتماعي، رياض عيسى، لـ"المونيتور": "لطالما سعت السلطات السياسية إلى إقصاء الشباب عن الشأن العام، والدليل عدم السماح لهم بالتصويت في سن 18 (سن الاقتراع في لبنان هو 21)".

وتابع: "هذا تمييز واضح ضد الشباب، رغم أنهم الأكثر حماسة وأول دافع للثورة، يشار إلى أنه من الصعب أيضا تعيين الشباب في مناصب قيادية في الأحزاب التقليدية".

ولفت عيسى إلى أن "الشباب اللبناني أخذ اليوم على عاتقه الضغط من أجل المساءلة، إنه يقود الحركات ويعزز وعيها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لقد لعبت ثورة 17 أكتوبر دورا رئيسا وبارزا في ذلك".

واعتبر أن "هذا مؤشر جيد للغاية، هذا الزخم يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تخفيض سن الاقتراع وسن الأهلية للترشح للمناصب السياسية، هناك حاجة لشباب مفعمين بالطاقة ويمكنهم تقديم أفكار جديدة ليكونوا حاضرين في البرلمان".

وخلص عيسى إلى أن "هذه الفئة من الشباب حضرت العديد من ورش العمل واختبارات الحياة الميدانية والحركات الاحتجاجية وحملات المناصرة خلال السنوات الأخيرة".