تقرير مجلس الشيوخ عن شركة "ماكنزي".. وصمة في تاريخ ماكرون فاز أو خسر

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الانتخابية الفرنسية، خاصة بعد فتح مكتب المدعي العام تحقيقا حول شركة الاستشارات الأميركية "ماكنزي" التي عينتها الحكومة الفرنسية، بتهمة الاحتيال الضريبي المزعوم.

وقالت صحيفة "لاراثون" إن "هذا الحدث يشكل عائقا أمام الرئيس إيمانويل ماكرون خلال الانتخابات الرئاسية التي انطلقت جولتها الأولى في 10 أبريل/نيسان 2022". 

وشددت على أن "الحملة الانتخابية الفرنسية لها طابعها الخاص هذه السنة".

"فضيحة دولة"

وبعد أن طغت الحرب في أوكرانيا على الجدل السياسي في فرنسا، اندلعت "فضيحة هزت عرش ماكرون من شأنها أن تغير قواعد اللعبة الانتخابية"، وفق الصحيفة الإسبانية.

وخلال هذه الفترة تحديدا، كانت استطلاعات الرأي مختلفة عن سابقتها، حيث ساوت تقريبا ماكرون مع منافسه المباشر، اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، بنسبة 51 بالمئة مقابل 49 بالمئة.  

وأوردت "لاراثون" أن كل شيء بدأ في 17 آذار/مارس 2022، عندما ندد مجلس الشيوخ الفرنسي (في أيدي المعارضة المحافظة)، في تقرير بـ"التأثير المتزايد للهيئات الاستشارية الخاصة على السياسات العامة"، لصالح كبار المسؤولين.

وفي مرحلة موالية، أصبح هذا التقرير بمثابة حجة وظّفها بعض المرشحين الذين اتهموا ماكرون بالوقوف وراء "فضيحة دولة". 

وأشارت الصحيفة إلى أن "أعضاء مجلس الشيوخ كشفوا أن الإنفاق على خدمات الاستشارة الخارجية تضاعف عمليا بين عامي 2018 و2021، حيث ارتفع من 380 ألف إلى مليار مليون يورو".

من بين الأمثلة التي تم جمعها في النص، تظهر قيمة 950 ألف يورو، في عرض "باوربوينت" وكتيب من 50 صفحة، لفائدة إصلاح نظام التقاعد، احتفظ به ماكرون في مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية.

وفي هذا السياق، ندد السيناتور، إليان أساسي، بذلك بقوله "إنها باهظة الثمن". 

ولفتت "لاراثون" إلى أن "الاستعانة بمصادر خارجية للمهام التي لا تملك الإدارة العامة الوسائل اللازمة لها، ليس ممارسة حصرية في فرنسا، ولكنها شائعة في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة".

وقال المتحدث باسم الحكومة، غابرييل أتال: "يجب التعويل على الشركات الاستشارية الأجنبية متى كان الأمر يتعلق بمهارات ليست داخل الدولة".

"كبح النيران"

ونقلت الصحيفة أن "الأمر المثير للجدل يتمثل في أن الشركات الأجنبية لا تدفع ضرائب في الدولة التي توظفها، وهذا بالضبط ما يندد به مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي يتحدث عن (مثال كاريكاتوري لتحسين النظام المالي)". 

وأكد مجلس الشيوخ الفرنسي أن "شركة ماكنزي تخضع لضريبة الشركات في فرنسا، ولكن تم تحديد مدفوعاتها عند صفر يورو لمدة 10 سنوات على الأقل، بينما يصل حجم مبيعاتها في الأراضي الفرنسية إلى 329 مليون يورو عام 2020، بما في ذلك خمسة بالمئة في القطاع العام، ويعمل بها حوالي 600 موظف". 

ونوهت الصحيفة بأن "القضية التي استخدمتها المعارضة حتى الآن لمهاجمة ماكرون المتهم بأنه رئيس الأغنياء ويحكم فرنسا كما لو كانت شركة خاصة، أصبحت أكثر خطورة منذ أن أعلن مكتب المدعي المالي في 6 أبريل 2022، أنه فتح تحقيقا أوليا في المخالفات المزعومة". 

وذكرت أن المتحدث باسم الحكومة، في إطار ممارسة دوره المعتاد في "كبح النيران" التي تهدد ماكرون، سارع إلى التأكيد على أنه "منذ البداية طلبنا توضيح الحقيقة الكاملة حول الممارسات الضريبية لتلك الشركة الاستشارية، التحقيق في مكتب المدعي العام هو جزء من نفس الخط، وستدفع هذه الشركة ما يتعين عليها دفعه". 

وتابعت: "تجدر الإشارة هنا إلى أنه في الحقيقة، قبل إعلان النيابة المالية، كانت العقود العامة مع الشركات الخارجية قد وصلت بالفعل إلى المحاكم".

وفي هذا الصدد، رفعت رئيسة الجمعية الفرنسية لضحايا كورونا، جولي جاسيت، دعوى قضائية ضد شركة ماكنزي وشركات استشارية أخرى بتهمة "الفساد" وأيضا "استغلال النفوذ"، بينما نددت "باختلاس أموال". 

وذكرت "لاراثون" أن "الحكومة تعاقدت مع هذه الشركات لخدمة حملة التطعيم ولأداء مهام لوجستية أخرى رغم كونها غير كفؤة في المجال الطبي، ممّا حال دون تنفيذ سياسة عامة فعالة لمكافحة الفيروس"، وفقا للشكوى. 

وبينت أن "المعارضة الحريصة على إيجاد ثغرة لمهاجمة ماكرون، وهي غير راضية عن تفسيرات الحكومة، وتصر على أن القرارات السياسية تتخذ من قبل الوزراء، وليس من خلال الشركات الاستشارية".

وفي رأي المرشحة عن الحزب الجمهوري المحافظ، فاليري بيكريس، تصرّ على "ضرورة أن يفسر الرئيس اللجوء المكثف للدولة إلى شركة ماكنزي".

وأكدت بيكريس، في مقابلة تلفزيونية، أن "هناك شعور بأن ماكرون ليس شفافا ولديه أجندة خفية، مالية أو سياسية، وهذا قد يؤثر على مساره الانتخابي". 

نصائح غير مجدية

بدورها، ذهبت لوبان إلى أبعد من ذلك بالتنديد "بفضيحة الدولة"، في حين يضيف اليساري المتطرف، جان لوك ميلينشون، مرشح حركة فرنسا الأبية، قائلا: "يجب التوقف عن التعويل عن الشركات الخاصة مثل ماكنزي التي تقدم نصائح غير مجدية ولا تدفع الضرائب في فرنسا".

على نفس المنوال، وعد المرشح الأخضر، يانيك جادوت، بأنه في ظل حكومته "لن يوظفوا بعض الشركات التي بتكلفة مئات الملايين من اليوروهات سنويا، فكرت نيابة عن الحكومات في إلغاء العديد من الأسرة من المستشفيات، والحد من توفير المساكن والإصلاحات الوحشية الأخرى".

وأشارت الصحيفة إلى أنه "في مواجهة الضجة السياسية التي أحدثتها الشكاوى ضد ماكنزي، لم يكن أمام ماكرون خيار سوى التحدث عن القضية في مقابلة مع قناة (فرنسا 3)".

وقال ماكرون: "لم تتم الموافقة على أي عقد في الجمهورية دون احترام قاعدة المشتريات العامة"، على حد قوله.

وتابع: "أي شخص لديه دليل على وجود تلاعب، يمكنه أن يطعن في العقد أمام محكمة جنائية".

من جانبها، أصدرت ماكنزي بيانا قالت فيه إنها تحترم "جميع اللوائح الضريبية والاجتماعية الفرنسية السارية".

وأفادت بأنها دفعت ضريبة دخل الشركات "في السنوات التي حققت فيها الشركة أرباحا في فرنسا".

وأشارت الشركة إلى أنها "دفعت 422 مليون يورو كضرائب ورسوم اجتماعية أو ما يقرب من 20 بالمئة من حجم أعمالها التراكمي فيما يتعلق بموظفيها في فرنسا، ومع ذلك، تعتمد ضريبة الشركات على الأرباح وليس حجم الأعمال". 

وختمت "لاراثون" تقريرها بالقول: "عموما، يستبعد المحللون السياسيون أن يكون لشركة (ماكنزي) تأثير كبير على الفرنسيين عندما يتعلق الأمر بالتصويت".