ما تأثير أزمة واشنطن وطهران على حزب الله؟

12

طباعة

مشاركة

تغيرت لهجة خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر خلال الفترة الماضية تماما، في ظل ضغوط يمارسها الغرب على لبنان بشأنه، فيما لاحظ مراقبون عدم اهتمامه بالعمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة ضد أهداف إيرانية بسوريا، فهل وضع "أجندته الإيرانية" في الخلف، في محاولة لتأكيد لبننة مصالحه، والحصول على تغطية سياسية رسمية في نهاية المطاف؟

وأوضحت صحيفة "لوريون لو جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، أنه بحسب رأي المراقبين السياسيين، تغيير لهجة حسن نصر الله، الذي أيد أيضا موقف رئيس المجلس نبيه بيري فيما يتعلق بالمفاوضات المصاحبة لترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، يتماشى مع التحذيرات الغربية الرسمية الواردة في لبنان، وخاصة من واشنطن وباريس، حول ضرورة امتثال لبنان لسياسة المسافة وتجنب التورط في النزاعات الإقليمية ككل، عن طريق الاصطفاف إلى جانب أحد.

وأشارت إلى أنه خلال الخطاب الذي ألقاه أمين "حزب الله" الأسبوع الماضي، أكد حسن نصر الله، أهمية الاستقرار في لبنان وتجنب التصعيد الذي قد يقوضه، وذلك ببساطة عن طريق ذكر الملفات المتعلقة بالقضايا المحلية.

تغيير في سياسته

ورأت الصحيفة أن حزب الله، مثل بقية الأطراف المتورطة سياسيا أو عسكريا في المنطقة، يدرك المخاطر التي يواجهها إذا اندلعت الحرب في المنطقة، في ظل الأزمة المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة، رغم أن طهران وواشنطن تشتركان في التأكيد على أنه لن تكون هناك حرب في المنطقة.

وأكدت، أن التصعيد الإيراني الأمريكي سيكون مقصورا على كونه أداة لكلا الجانبين لتحسين ظروف التفاوض حول مناطق النزاع في المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق واليمن، وفقا لخبير عسكري، فإن الحرب المحتملة ستكون بالوكالة وستقتصر على تحييد الأسلحة العسكرية لإيران في المنطقة، بما في ذلك حزب الله.

وبينت الصحيفة أن الحزب مدرك تمامًا لهذا الأمر، ولا يفسره فقط تغيير نغمة زعيمه حسن نصر الله، ولكن الاستعداد الذي أبداه منذ الانتخابات البرلمانية للانخراط أكثر وأكثر في الحياة السياسية، بينما قبل هذه الفترة، كانت التدخلات الإعلامية مكرسة بشكل أساسي للملف الإقليمي.

وأردفت: "لم يكن حسن نصر الله يتردد في ذلك الوقت في طرح نفسه كلاعب إقليمي رئيسي وإبراز الدور العابر للحدود لقوته، واليوم، يركز كل اهتمامه على القضايا المحلية، كما لو كان يحاول تأكيد لبننة مصالحه، من أجل الحصول على تغطية سياسية رسمية في نهاية المطاف".

وتابعت الصحيفة: "أشار زعيم حزب الله إلى عودته على الساحة المحلية بإعلان الحرب ضد الفساد والرشوة، المفسدين والمرتشين، من الممكن أن يتيح له هذا التحول مكتسبات يستفيد منها، ومحاولة تحقيق حلم قديم، يتمثل في التغلب على المثالثة التي ينص عليها الدستور؛ وتعني أن يُحكم البلد وفق أضلاع ثلاثة متساوية من السنة والشيعة والمسيحيين".

يتفق المراقبون الدبلوماسيون الغربيون على الاعتراف بالتغيير في سياسة الحزب، ويقولون إنهم أمام حزب جديد اليوم ويلاحظون أنه يبدو مفتقدا الاهتمام بالعمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة ضد الأهداف الإيرانية، أو حتى أهدافه الخاصة في سوريا، والتي بالكاد يذكرها في وسائل الإعلام التابعة إليه.

أزمة مالية

من ناحية أخرى، أعاد التقرير الذي نشرته "الواشنطن بوست" الأمريكية عن أزمة "حزب الله" المالية واتجاهه إلى إقفال مؤسساته، الحديث عن الأزمة المالية التي تطرق أبواب الحزب، بعد العقوبات المالية الأمريكية القاسية.

فوفقا لما ذكره موقع "لف إنفو" الإسرائيلي الناطق بالفرنسية، الأزمة الاقتصادية العميقة التي تغرق فيها إيران جراء العقوبات الأمريكية، لحقت بـ"حزب الله"، حيث إن الخسائر المالية الضخمة الناتجة عن العقوبات الجديدة المفروضة على صادرات النفط، أجبرت طهران على تقليص دعمها للمنظمات التي تمولها في الخارج.

وأوضح، أن "حزب الله" كان يحصل سنويا على مساعدات إيرانية تبلغ 700 مليون دولار، والتي جاءت من إيرادات صادرات الخام، لكن هذه المبالغ قد انخفضت إلى النصف الآن.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الصعوبات المالية التي تواجه المنظمة الشيعية تأتي أيضا من عوامل أخرى، من بينها السيطرة الصارمة المتزايدة التي تمارسها الولايات المتحدة على دوائر تمويلها، بما في ذلك حساباتها المصرفية والمنظمات أو الأفراد الذين يساهمون في "حزب الله" بشكل مباشر أو غير مباشر في جميع أنحاء العالم.

وأكد الموقع، أن هذه الأزمة أصبحت الآن واضحة للعيان فلأول مرة منذ إنشائه قبل 36 عاما، تقلصت أجور عناصره بشكل كبير، بأكثر من 30 بالمئة، بالإضافة إلى ذلك بدأ حزب الله في بيع العقارات التي تقدمها له إيران جنوب العاصمة اللبنانية ومؤسسات مغلقة تابعة لها في وادي بعلبك، المعقل السابق للمنظمة.

كما تتأثر وسائل الإعلام الدعائية التابعة للحزب، حيث تم خفض رواتب الصحفيين والعاملين في تلفزيون المنار ومحطة النور الإذاعية، كما حدثت بعض عمليات تسريح للموظفين، كما أوقف حزب الله أو خفض الكثير من المساعدات أو المكافآت الممنوحة لـ "مقاتليه".

كما تحدث الموقع عن عامل آخر يساهم في مشاكل حزب الله، وهو الموقف الذي اتخذته دول الخليج، حيث تقود المملكة العربية السعودية الدول السنية لحصار الحزب اقتصاديا، في إطار نزاعها مع إيران.