بفعل الخروقات المتواصلة.. هل تنتهي مبكرا هدنة الشهرين المعلن عنها في اليمن؟

12

طباعة

مشاركة

تهدد الخروقات المتبادلة، الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في اليمن، بعد فصل ساخن من المعارك والغارات الجوية على الحوثيين، وهجمات من المليشيا على السعودية والإمارات.

وأعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ عن دخول الهدنة حيز التنفيذ، اعتبارا من الساعة السابعة من مساء الثاني من أبريل/نيسان 2022.

وحظي إعلان الهدنة في اليمن بترحيب من قبل الحكومة والحوثيين، إضافة إلى مباركة دولية وأممية وعربية واسعة.

ويرى مراقبون أنها فرصة نادرة للتهدئة بالمعنى الإنساني وتخفيف آثار الحرب على المواطنين، فيما يصفها البعض بالهشة خصوصا مع عدم وجود تفاهمات سياسية واضحة مع الحوثيين تضمن استمرارها.

وبالفعل، ساد مختلف الجبهات هدوء حذر خلال الساعات الأولى لدخول الهدنة حيز التنفيذ، قبل تسجيل خروقات في وقت لاحق.

وينص إعلان الهدنة، على خطوات ليست بالكبيرة وبنطاق زمني مدته شهران، لكن أهميتها تكمن فيما تقدمه من مسار لناحية إمكانية الحل السياسي في اليمن.

ويعتمد نجاح الهدنة على الاستفادة منها لتمديد سقفها الزمني وتوسيع نقاط الاتفاق، حتى تؤسس لحالة من التسوية السياسية لاحقا، بحسب مختصين.

وحدث أن أعلن التحالف السعودي الإماراتي في 9 أبريل 2020، وقفا لإطلاق النار من جانب واحد لمدة أسبوعين، ثم أعلن تمديد هذه المبادرة لمدة شهر إضافي.

لكن التجارب السابقة في اليمن تقول إن الهدنة تصمد ارتباطا بمدى الحاجة لها، لكنها لا تشكل أرضية لتدشين مسار سلام فعلي.

ويعد هذا أول اختراق جوهري للمبعوث الأممي إلى اليمن لتحريك الجمود الذي أصاب عملية السلام، منذ تعيينه مطلع سبتمبر/أيلول 2021.

وتأتي الهدنة وسط أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة يعيشها اليمنيون، بالتزامن مع دخول شهر رمضان وانعدام المشتقات النفطية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

أبرز السيناريوهات

وحول هذا الموضوع، قال الباحث اليمني عادل دشيلة، إن "الهدنة خطوة إيجابية وموفقة في نفس الوقت أولا على المستوى الإنساني".

وبين لـ"الاستقلال" أنه "بالإمكان أن تؤدي إلى تخفيف المعاناة عن المواطنين سواء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين أو في المناطق الأخرى، وخصوصا إذا جرى فك الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات ومطار صنعاء الدولي للمرضى والمحتاجين للمغادرة منها وإليها".

وأضاف دشيلة أنه "بالإمكان أن تؤسس هذه الهدنة لعملية سياسية شاملة في المستقبل في حال جرى تنفيذها والبناء عليها".

 وأوضح أنه "يمكن القول بأن العملية السياسية المستقبلية أو التسوية مرهونة بمدى تنفيذ جماعة الحوثي لهذه الهدنة".

وأشار الباحث اليمني أنه " إذا نفذت جماعة الحوثي الهدنة خلال الشهرين القادمين ولم يحدث أي اختراق عسكري في تصوري الشخصي بالإمكان إذابة الجليد والدخول في تفاوض بين القوى اليمنية".

واستدرك بالقول، "إذا حصل اختراق عسكري للهدنة فلا أتوقع أن تكون هناك أرضية صلبة يمكن البناء عليها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة".

ورأى دشيلة أن "هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة؛ الأول أن تصمد هذه الهدنة وبالتالي تكون مقدمة لعملية سياسية، وهذا مرهون بمدى التزام الحوثيين بها".

السيناريو الثاني أن يجري خرق الهدنة ومن ثم عودة المعارك من جديد.

أما السيناريو الثالث فيتمثل بتمديد الهدنة وأن يبقى الوضع في حالة اللا سلم واللا حرب، وهنا يمكن التفاوض، وفق قوله.

وختم دشيلة بالقول، "يبدو أن هناك إرادة دولية وإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن، ولكن يبقى السؤال: هل ستنجح هذه القوى الخارجية في إنهاء الحرب والدخول في تسوية شاملة؟".

وتأتي الهدنة بالتزامن مع انعقاد المشاورات اليمنية-اليمنية، في العاصمة السعودية الرياض، تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي بمشاركة جميع الأطراف اليمنية، باستثناء الحوثيين الذين رفضوا الحوار في المملكة.

إجراءات شاملة

وأكدت الأمم المتحدة في مبادرتها أنه "إدراكا للاستعجال اللازم لخفض تصعيد العنف ولمعالجة الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية سينفذ الأطراف هدنة مدتها شهران تنتهي في 2 يونيو/حزيران 2022 قابلة للتمديد".

والهدف من الهدنة توفير بيئة مواتية للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع، فليس القصد منها التوقف لإتاحة الفرصة لأي طرف بإعادة مجموعاته أو استئناف العمليات العسكرية، وفق قولها. 

وتتضمن الهدنة، وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه، وتجميد عمل المواقع العسكرية الحالية على الأرض.

ولتخفيف حدة الأزمة الخانقة في الوقود، سيجري إدخال 18 سفينة من سفن المشتقات النفطية خلال شهري الهدنة إلى موانئ الحديدة.

وفيما يتعلق بالرحلات الجوية، تتضمن بنود الهدنة تشغيل رحلتين جويتين تجاريتين أسبوعيا إلى صنعاء ومنها خلال شهري الهدنة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية.

كما تتضمن بنود الهدنة، تعاطي الأطراف مع المبعوث الخاص بشأن المقترحات حول الخطوات القادمة نحو إنهاء الحرب.

وطبقا للمبادرة فإنه "سيعين الأطراف ضباط ارتباط للعمل مع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن على جميع جوانب الهدنة، بما فيها الجوانب العسكرية لدعم الامتثال لها واحترامها". 

وكان التحالف الذي تقوده السعودية ويحارب الحوثيين في اليمن قد أعلن أنه سيوقف العمليات العسكرية اعتبارا من 30 مارس/آذار 2022، بعد إعلان المليشيا الحوثية المتحالفة مع إيران في نفس الأسبوع تعليق الهجمات عبر الحدود والعمليات الهجومية البرية في اليمن لمدة ثلاثة أيام.

وجاءت المبادرات التي أعلنها كل جانب على حدة بعد دعوة من الأمم المتحدة لهدنة خلال شهر رمضان في إطار الجهود المبذولة لإنهاء الحرب، التي حصدت أرواح عشرات الآلاف ودفعت الملايين إلى هاوية الجوع. 

خروقات متبادلة

وتبادل أطراف النزاع، الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار، بعد ساعات من دخوله حيز التنفيذ، وذلك في عدد من جبهات القتال في مأرب والساحل الغربي وتعز.

وأعلن الجيش اليمني في 4 أبريل، رصد أكثر من 44 خرقا ارتكبتها المليشيات الحوثية ضد الهدنة الإنسانية، في جبهات الحديدة وحجة وتعز والجوف ومأرب.

وقال المركز الإعلامي للجيش اليمني، في بيان إن جبهات القتال المحيطة بمحافظة مأرب، شهدت تحركات كثيفة للحوثيين، شملت الجبهة الشمالية الغربية والجبهات الغربية والجنوبية، والدفع بمجاميع لمهاجمة مواقع عسكرية وحشد تعزيزات، واستحداث خنادق ومتارس وتحصينات.

في الساحل الغربي، أعلنت القوات اليمنية المشتركة المدعومة إماراتيا، رصد عدد من الخروقات الحوثية، في محوري البرح غرب محافظة تعز وحيس جنوب محافظة الحديدة.

وأشارت إلى أن "خروقات الحوثيين للهدنة في الساعات الأولى شملت أربعة خروقات بالطيران المسير وثلاثة بقذائف الهاون و36 بالأسلحة الرشاشة بمختلف أنواعها".

من جانبهم، تحدث الحوثيون عن رصد 159 خرقا من جانب القوات الحكومية خلال الساعات الماضية.

ونقلت وكالة أنباء "سبأ" الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عن مصادر عسكرية في المليشيا قولها إن "طيران الاستطلاع التابع للتحالف (السعودي الإماراتي) خرق الهدنة واستهدف بقذيفة أحد مواقع قواتنا في البرح بتعز، ويحلق في الصوح وعكوان بمحافظة صعدة".

وأشارت إلى قصف للتحالف على مواقع الحوثيين، في الحماد بنجران بقذيفة هوزر وأربع قذائف دبابة.

وتخشى الحكومة اليمنية تصاعد وتيرة الخروقات من جانب الحوثيين، واستغلالهم لغياب الطيران الحربي لمقاتلات التحالف بقيادة السعودية في شن هجمات برية على مأرب، التي تشهد معارك ضارية منذ أشهر.

وجددت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ضرورة رفع الحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي على مدينة تعز منذ سبع سنوات كعامل رئيس لاستمرار الهدنة بجانب وقف إطلاق النار

وتأتي الهدنة الأممية بعد تصعيد كبير شهدته الأسابيع الأخيرة عقب شن مليشيات الحوثي المدعومة من إيران سلسلة من الهجمات استهدفت منشآت حيوية واقتصادية في السعودية.