آفاق مفتوحة.. صحيفة تركية: لهذا ستحسن واشنطن وأوروبا علاقاتهما مع أنقرة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "ستار" التركية، أن التغييرات الجديدة التي طرأت على خريطة الأمن والطاقة بأوروبا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا تدفع كلا من أميركا والاتحاد الأوروبي لتحسين العلاقات مع تركيا.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتبة "نورشين جونيه"، أنه في إطار المساعي الأميركية لوقف اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، يتعين نقل غاز شرق المتوسط عبر تركيا إلى القارة العجوز في أقرب فرصة.

تغييرات جديدة

وذكرت الصحيفة أن الحرب التي بدأت مع الغزو الروسي لأوكرانيا في القارة الأوروبية، أظهرت أنه لا تزال هناك بعض المشاكل الأمنية الخطيرة التي يتعين على أوروبا التعامل معها.

وهذا الوضع يجبر الأوروبيين على تنظيم آلياتهم الأمنية، وأدت جهود الاتحاد الأوروبي في هذا الاتجاه بالفعل إلى ظهور عديد من الإستراتيجيات والمبادرات التي لم تتحقق بالكامل.

وكان لتركيا دور كبير في التخفيف من حدة الصراع الأوكراني الروسي، فهي ثاني أكبر قوة في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ونفذت اتفاقية "مونترو" للمضائق بشفافية.

كما أن تركيا نجحت في عقد اجتماعات مع كلا الجانبين، والتي نتج عنها اجتماع وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، ثم الاجتماع المهم في إسطنبول، الذي أفضى عن نتائج إيجابية مهمة.

فمن الواضح أن تركيا ستلعب دورا مركزيا في الجيش الأوروبي وأمن إمدادات الطاقة على المدى القصير والمتوسط، حيث إن أنقرة تقع في قلب طرق نقل الطاقة المحتملة التي ستكون بديلا للغاز الروسي.

لذلك، قد نرى في المستقبل تعاونا بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في ظل صيغ جديدة، خاصة في مجال الأمن والدفاع.

وكان الاتحاد الأوروبي قد نشر وثيقة البوصلة الإستراتيجية التي تحدد الرؤية الإستراتيجية للتكتل الأوروبي، على أمل أن تساهم هذه الوثيقة في تحقيق الاستقلال الذاتي.

ومعنى هذه الوثيقة هي القدرة على التصرف بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، في حين لم تطور كل من ألمانيا وفرنسا القدرة الإستراتيجية على التصرف بشكل مستقل عن أميركا.

حاجة مصيرية

وأكدت الصحيفة التركية أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى التعاون مع بلدان ثالثة ليست أعضاء في الاتحاد لضمان أمن أعضائه، وعندما ننظر إلى البوصلة الإستراتيجية، فإن أميركا وبريطانيا على رأس قائمة التعاون.

ويعتقد الاتحاد الأوروبي أن بإمكانه أيضا ضمان التعاون الأمني مع تركيا عندما تنشأ الظروف في المستقبل.

فالاتحاد الأوروبي يريد أن يكون له دور فعال في إدارة الأزمات خارج حدوده من أجل الحفاظ على أمنه.

لهذا السبب، رسم مجالا واسعا جدا من العمليات، من البحر المتوسط ​​إلى دول الساحل، ومن البلقان إلى القوقاز، ومن المحيطين الهندي والهادئ إلى أميركا اللاتينية.

ولهذا فإن عولمة الاتحاد الأوروبي تمر من خلال العلاقة الإستراتيجية التي ستقيمها مع واشنطن ولندن.

وعندما هاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا، اتخذ الناتو إجراءات أمنية جديدة قد تساهم في تعزيز التنسيق وقابلية التشغيل البيني بين الاتحاد الأوروبي وبقية الأعضاء بالحلف.

ومن التجارب التي مر بها الاتحاد الأوروبي، يجب النظر في كيفية تطوير طريقة "معيارية ومرنة" للتعاون العسكري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

لأن هذا النموذج يمكن أن يشكل سابقة مهمة للعلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في المستقبل. وفق "ستار".

حلم جديد

وأشارت الصحيفة التركية إلى أن أميركا تحاول أن تشبث يدي إسرائيل ببعض دول الخليج وشمال إفريقيا، وإثارة عملية التطبيع بين تل أبيب وأنقرة، وتحلم بنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا.

ولفتت إلى أن محللين يونانيين توصلوا إلى استنتاج مفاده أن خريطة طاقة جديدة تم رسمها في البحر المتوسط ​​منذ فترة، تتضمن نقطتي انهيار كبيرتين.

الأولى هي سحب الولايات المتحدة دعمها لخط أنابيب شرق المتوسط ميد إيست ​​لأسباب مختلفة والذي كان سينقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر قبرص الرومية واليونان.

ونقطة الانهيار الثانية هي ظهور تقارير جديدة في بحث الاتحاد الأوروبي عن بديل للغاز الروسي، وفي هذه التقارير يُعلن غاز شرق البحر المتوسط ​​كمصدر بديل من حيث تأمين إمدادات الاتحاد.

وعندما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل مفاجئ أنه تخلى عن دعم مشروع ميد إيست​​، الذي كان شبه مستحيل تنفيذه بسبب تكلفته العالية، لم يُفاجأ أحد في تركيا.

واعتبرت الصحيفة هذا الانسحاب أنه فتح الباب لتركيا في معادلة البحر المتوسط.

وأردفت أن إدارة بايدن بعثت رسالة إلى أوروبا والمنطقة مفادها أنها تدعم مشاريع بديلة للغاز الروسي، سواء كان ذلك مع تحالف متعدد الأطراف في شرق المتوسط يضم تركيا أو كنموذج جديد محتمل للتعاون في مجال الطاقة.

وجهة جديدة

ولفتت الصحيفة التركية إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدف إلى خفض إمدادات الغاز من روسيا بمقدار الثلثين بحلول نهاية عام 2022.

ووفقا لقرار آخر للاتحاد الأوروبي، ستنهي بروكسل اعتمادها على الغاز والفحم الروسيين في عام 2027.

 وبقدر ما تبدو هذه الأهداف جيدة، لا أحد يعرف ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيكون قادرا على تعويض اعتماده بنسبة 40 في المائة على الغاز الروسي في غضون خمس سنوات من خلال العمل في إطار هذه الأهداف المعلنة.

ومن المهم للاتحاد الأوروبي أن يكون الغاز المتاح في البحر المتوسط ​​بديلا للغاز الروسي ويتم احتسابه من بين مصادر بديلة أخرى.

ولفتت الصحيفة إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن إسرائيل وحتى اليونان، التي أدركت هذا الواقع الجديد، أقامتا اتصالات جديدة مع تركيا.

وأرجعت "ستار" انسحاب واشنطن من مشروع إيست ميد، لمخاوف بيئية محتملة، والتكلفة الباهظة للمشروع، فضلا عن التوترات المحتملة في المنطقة إذا تم تنفيذه.

وأوضحت أنه يمكن تفسير السببين الأولين بمخاوف بايدن المتعلقة بالمناخ والتكلفة، لكن السبب الثالث يمكن تفسيره فقط بأنه لا يريد توترات كبيرة مع تركيا.

وأردفت الصحيفة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعرب خلال زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، عن استعداد أنقرة للتعاون مع تل أبيب في مجال الطاقة.

كما تحدث المستشار الألماني أولاف شولتز إلى موقع تركيا الإستراتيجي في أمن إمدادات الطاقة الأوروبية، خلال زيارته الأخيرة إلى أنقرة أيضا.

لذا فعلى الولايات المتحدة بناء إمبراطورية الغاز الجديدة في أوروبا بهدوء من خلال ربح متبادل وعبر شق طريق مباشر إلى أنقرة.