ما حقيقة المجازر الروسية بحق المدنيين في بلدة بوتشا الأوكرانية؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع إيطالي أحدث الأنباء وردود الفعل الواردة حول اكتشاف مقابر جماعية لمدنيين والاتهامات ضد القوات الروسية بارتكاب مجازر في مناطق أوكرانية خصوصا في بلدة بوتشا غربي العاصمة كييف.

قال موقع "إنسايد أوفر" إن "الحديث في خضم الحرب عن مقابر جماعية يعني أنه جرى تجاوز عتبة نفسية معينة لتتحول بعد ذلك إلى سياسية أيضا".  

ويرى الموقع أنه "لهذا السبب، الأخبار التي وصلت في الأيام الأخيرة من المناطق الواقعة شمال كييف، حيث جرى العثور على عدة مقابر جماعية، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الصراع في أوكرانيا".  

وأضاف بأن "بلدة بوتشا، الواقعة في الضواحي الشمالية الغربية لكييف، باتت مرادفا لفظائع الحرب"، مطلقا عليها تسمية "سربرنيتسا" جديدة في أوكرانيا. 

وسربرنيتسا مدينة بوسنية اجتاحتها القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش، في 11 يوليو/تموز 1995، بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة، وارتكبت فيها خلال أيام مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، تراوحت أعمارهم بين 7 إلى 70 عاما.

من جانبه، تحدث عمدة  بوتشا، عن  العثور على 300 قتيل على الأقل في مقابر جماعية، بينما أبلغ مسؤول الإغاثة المحلي "سيرهي كابليشني" وسائل الإعلام عن اكتشاف 57 جثة على الأقل في منطقة بالغابة ليست بعيدة عن بوتشا. 

بينما أصدر مكتب المدعي العام في كييف حصيلة رسمية أولية في وقت متأخر من مساء 3 أبريل/نيسان، تحدثت عن 410 قتيلا وذلك بعد جمع الجثث التي اكتشفت في مقابر جماعية وتعداد القتلى في الشوارع. 

مقابر جماعية

وصف الموقع الإيطالي الوضع بالخطير للغاية بغض النظر عن الأرقام بعد شهر ونصف الشهر من المعارك تحديدا في المناطق التي دخلها الروس من بيلاروسيا وقصفوها كذلك جوا في طريقهم نحو كييف. 

وقال الموقع إن "جوستوميل، المدينة التي تستضيف أول مطار استولى عليه الروس في 24 فبراير/شباط وعلى بعد بضعة كيلومترات فقط من بوتشا وإيربين، ظهرت على شكل جسر للهجوم على العاصمة في الساعات الأولى من الصراع".

 وهو ما أكدته صور القافلة العسكرية الطويلة الممتدة على مسافة 60 كم والتي دخلت منطقة تشيرنوبي بعد مرورها عبر الحدود البيلاروسية.

استنكر الموقع الإيطالي أن "ستة أسابيع من المعارك العنيفة خلفت دمارا كبيرا في المنطقة وتركتها تحت الأنقاض قبل أن تخير موسكو بين التراجع وإعادة تموضعها نحو الشرق". 

في المقابل، يتقدم الأوكرانيون منذ مطلع أبريل 2022 ببطء لاستعادة الأراضي بأكملها وإعادة سلطة دولتهم على هذه المناطق، وفق الموقع.

ولفت إلى أنه في هذه العملية الجارية لاستعادة السيطرة على شمال كييف بدأت الأخبار المتعلقة بالمقابر الجماعية بالتداول. 

وأفاد بأن عمداء المدن المجاورة للعاصمة يتكلمون بصيغة الجمع أي اكتشاف أكثر من مقبرة جماعية أغلبها في بلدة بوتشا على وجه التحديد، مشيرا إلى أنه لا تتوفر أرقام دقيقة إلى حين كتابة التقرير. 

بينما الصور المنشورة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة وتظهر وضعا مأساويا حقا، وفق قول الموقع. 

وتابع "بالإضافة إلى الأنقاض، يمكن رؤية العديد من الجثث في شوارع بوتشا، وكذلك في جوستوميل وإيربين وماكاريف، في حين يؤكد مصورو مقاطع الفيديو أن معظم الضحايا مدنيون وظهرت عليهم علامات التعذيب أو كانت أيديهم مقيدة".

بحسب الموقع الإيطالي، يسود الارتباك في الوقت الحالي فيما حاولت النيابة العامة في كييف تقديم معلومات دقيقة تفيد بالعثور على 410 جثث مدنية في المناطق الواقعة شمال العاصمة في الوقت الحالي. 

لفت إنسايد أوفر بأنه لم يجر تحديد ما إذا كانت البيانات تتعلق فقط بـ "بوتشا" أم أضيف إليها أرقام جميع المدنيين الذين عثر عليهم في كامل المنطقة المعنية.

في العموم، أكد الموقع أن الأخبار المختلفة التي جرى تداولها ونشرها في الساعات القليلة الماضية تؤكد أمرا واحدا وهو أنه في شمال كييف، قُتل عدد كبير من المدنيين أكثر مما قد يتصوره المرء عشية الانسحاب الروسي.

ردود الفعل

اعتبر الموقع أن "الصدمة النفسية تتحول إلى سياسية بعد الإعلان عن ردود الفعل الأولى من مختلف الأطراف الدولية فور انتشار الخبر الأول". 

من جانبها، تحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن وضع غير مقبول يجب أن يؤدي إلى إجراءات جديدة ضد روسيا. 

فيما ألمحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك إلى أن صور بوتشا ستؤدي إلى تشديد العقوبات ضد موسكو. 

في إيطاليا، لفت الموقع إلى أن ردود الفعل أتت متناغمة مع الموقف الذي أعرب عنه العديد من القادة الأوروبيين. 

واقترح رئيس الحزب الديمقراطي، إنريكو ليتا وقفا فوريا لواردات النفط الروسي، فيما أدان رئيس الوزراء ماريو دراغي صور المجازر في بوتشا ولم يتحدث عن الإجراءات التي يتعين اتخاذها للرد على ذلك.

بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى إجراء تحقيق سريع وإدانة صارمة للمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. 

من جهته، أدان نظيره الأميركي أنتوني بلينكن روسيا، بسبب العثور على جثث مدنيين في مدينة بوتشا القريبة من العاصمة الأوكرانية كييف.

وذكر بلينكن في بيان، 4 أبريل أن بلاده ستستخدم الأدوات المتاحة كافة لمعاقبة المسؤولين عن "مذبحة المدنيين في بوتشا"، وأنهم سيوثقون العنف الحاصل هناك.

في المقابل، بدأت ردود الفعل من نوع آخر في الظهور بوضوح من العاصمة الروسية. 

وقال ويل فيرنون، مراسل شبكة بي بي سي البريطانية، إن وزارة الدفاع الروسية نفت رسميا وجود مقابر جماعية شمال كييف ووصفت الأخبار الواردة من بوتشا بأنها "أنباء كاذبة". 

وأشار إلى أنه في التقرير الذي نشرته وزارة الدفاع الروسية، وجهت أصابع الاتهام إلى "النشر المفاجئ في جميع وسائل الإعلام الأجنبية لصور بوتشا".

ووصفت الوزارة ما يحدث بأنه حملة إعلامية مزعومة خصوصا أن "روسيا غادرت المنطقة في 30 مارس/آذار، لذلك كيف جرى الاحتفاظ بهذه الصور لـ 4 أيام؟".