قرار مفاجئ.. هكذا ترى صحيفة فرنسية "إفلات" عمران خان من حجب الثقة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أفلت رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بصعوبة من التصويت بحجب الثقة عن حكومته، في 3 أبريل/نيسان 2022، وذلك هربا من مواجهة التضخم والاقتصاد المتعثر.

لكنه وجد نفسه في قلب أزمة سياسية جديدة في باكستان، وفاجأ القرار بحل مجلس النواب الباكستاني معظم الحاضرين في البرلمان صباح ذلك اليوم، وفق صحيفة لاكروا الفرنسية.

وبالكاد وبعد نصف ساعة من بدء الجلسة المخصصة لحجب الثقة عن حكومة عمران خان، أعلن قاسم خان سوري نائب رئيس مجلس النواب، إلغاء التصويت، في خطوة مفاجئة استندت إلى المادة الخامسة من الدستور.

وعد سوري أن مشروع طرح الثقة كان نتيجة "تآمر من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية العليا".

وعبر نائب رئيس المجلس، الموالي لخان، عن رفضه لمشروع القانون هذا، نظرا إلى "ارتباطه الواضح" بدولة أجنبية (لم يحددها) تهدف إلى تغيير الحكومة التي يرأسها خان.

وبالتالي أعلن رفضه مستندا على المادة الخامسة من الدستور التي تمنع التصويت على أي مشروع قرار لا تتمتع دوافعه بالمصداقية.

"خيبة أمل"

وعلى الفور، اندفع أنصار حزب رئيس الوزراء (تحريك إنصاف باكستان) إلى المنصة وهم يهتفون بأيديهم في الهواء: "عمران خان فخرنا". 

وقد أصيب أمامهم أعضاء المعارضة بخيبة أمل ووقفوا على مقاعدهم، وهم يحاولون بالفعل إيجاد طريقة لمواجهة هذا القرار، وفق الصحيفة الفرنسية. 

وكانت المعارضة طالبت بجلسة برلمانية لحجب الثقة عن خان بعد أن اتهمته بعدم القدرة على معالجة ملفي الاقتصاد والسياسة الخارجية.

قبل ذلك بدقائق، أكد وزير الإعلام صاحب النبرة الحازمة فؤاد شودري، والذي كان يرتدي قميصا أبيض وسترة سوداء، أمام البرلمان أن هذا التصويت بحجب الثقة هو "عملية لتغيير النظام بقيادة حكومة أجنبية".  

صرخات أنصار الحزب بأن "أي شخص صديق للولايات المتحدة هو خائن!"، لم تترك مجالا للشك في هوية "القوة الأجنبية" التي تريد الإطاحة بعمران خان.   

وهي نفس نظرية المؤامرة التي كان يتحدث عنها رئيس الوزراء نفسه لعدة أسابيع بالفعل.

واتهم خان الولايات المتحدة بدعم محاولة عزله لتغيير النظام، وقال إن ذلك تدخل سافر في السياسة الداخلية للبلاد. 

ودعا خان الشعب الباكستاني إلى الاحتجاج في كل المدن رفضا لما وصفها بالمؤامرة ضد حكومته.

ولم تكن الولايات المتحدة، ولا حلفاؤها في المنطقة، يرغبون أساسا في وصول عمران خان إلى منصب رئاسة الوزراء، بعد الانتخابات التشريعية التي فاز بها، في العام 2018، وذلك بسبب تصريحاته المنتقدة لدورها، وفق الصحيفة الفرنسية.

 إذ إنها تناقض مسار السياسة الباكستانية التي بقيت حليفة للدول الغربية لفترة طويلة، حتى أن واشنطن منحتها وضع "حليف رئيس من خارج الناتو (حلف شمال الأطلسي)"، نظرا إلى الدور المساعد الذي لعبته خلال غزو القوات الأميركية لأفغانستان في 2001.

ويتكرس الافتراق بين الولايات المتحدة الأميركية وعمران خان من خلال السياسات الخارجية لحكومته، وتحديدا في الجانب الاقتصادي. 

وكان لـ"مبادرة الحزام والطريق" الصينية دور بارز في رسم السياسة الخارجية والاقتصادية لباكستان في عهد عمران خان.

فباكستان اندمجت موضوعيا مع جاراتها الأخريات في المشروع الصيني الواعد، إذ إن الفوائد التي ستجنيها كبيرة، أولاها تأمين فرص عمل في البلد الذي يعاني من نسبة بطالة مرتفعة، وتأهيل البنية التحتية من طرقات وموانئ ومطارات، وصولا إلى تحقيق التنمية في البلد الفقير اقتصاديا على المدى البعيد.

الطريق إلى الشعبوية

وتوضح صحيفة لاكروا أنه "في قلب هذه الأزمة، يمكن القول إن عمران خان لم يف بالوعود التي قطعها منذ انتخابه في 2018". 

إذ إنه بينما استندت حملته الانتخابية لعام 2018 على مكافحة الفساد وتعافي الاقتصاد، يمر عمران خان اليوم وبعد أربع سنوات من انتخابه، بأكبر أزمة سياسية في رصيده.

يأتي ذلك خاصة مع تزايد نسب التضخم وضعف الاقتصاد وانتقاده لإدارة أزمة كورونا في بعض الأحيان. 

لكن في حين أن البعض قد يعدون أنه قد انتهى بالفعل سياسيا، يبدو أن عمران خان اختار طريقا متعرجا للاحتفاظ بالسلطة، وفق وصف الصحيفة الفرنسية. 

ومن خلال الادعاء بأن لديه دليلا على وجود قوة خارجية تريد إسقاطه، فإن رئيس الوزراء الباكستاني قد انتهج درب القادة الذين اختاروا طريق الشعبوية.

تشرح أميلي بلوم، أستاذة الأبحاث في معهد العلوم السياسية بليون الفرنسية وفي مختبر تريانجل ذلك وتقول إن: "عمران خان زعيم قومي شعبوي ولعب دائما ورقة المنقذ للإسلام".   

كما أن انتقاده للغرب، والذي يعتبره فاسدا أخلاقيا، يحرج أيضا أولئك الذين يمتلكون السلطة حقا: الجيش.  

توضح أميلي بلوم وتقول إن "ذلك يتعارض مع موقفه والأهداف الإستراتيجية للجيش، الذي تتمثل أولويته في السياسة الدولية بالسعي إلى تحسين علاقاته مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة". 

لقد كان كل شيء يتشكل بشكل جيد بالنسبة لنجم الكريكيت الدولي السابق ومفطر القلب في الغرب، تقول لاكروا.  

كان عمران خان يعتزم الوصول إلى القمة على المستوى السياسي، من خلال إنشاء حزبه تحريك إنصاف باكستان عام 1996، والذي يعرف أيضا باسم الحركة الباكستانية من أجل العدالة.  

كانت البدايات صعبة، فقد فاز بمقعد واحد فقط في المجلس خلال انتخابات 1997 و2002. لكن الحزب نما وأصبح معروفا بشكل خاص من خلال الدعوة لمحاربة الفساد. 

لا يبدو أن عمران خان قادر على الهروب من المصير المخصص لجميع أسلافه، من رؤساء الوزراء في باكستان، الذين لم يتمكنوا من إكمال فترة ولايتهم البالغة خمس سنوات.

ودعا رئيس الوزراء، إلى حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة في غضون ثلاثة أشهر.  

وفقا لأميلي بلوم، من غير المرجح أن يأتي حزب تحريك إنصاف باكستان في المقدمة، ولكن باختيار عمران خان التوجه نحو انتخابات مبكرة، "يوضح أنه إذا اضطر إلى النزول، فسيفعل ذلك ورأسه مرفوع من خلال القتال حتى النهاية".   

يمكن القول إنه مع تزايد شعبية رئيس الوزراء، وحرمانه من دعم الجيش، تخاطر باكستان بأن تجد نفسها في مواجهة على المدى المتوسط ​​مع فترة جديدة من عدم الاستقرار السياسي.