بعد حل قيس سعيد البرلمان.. صحيفة فرنسية: تونس تسير نحو المجهول

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، أن الرئيس التونسي قيس سعيد ألقى ببلده في المجهول، بعد قراره حل البرلمان، في وقت تعيش فيه تونس أزمة سياسية واقتصادية طاحنة على خلفية إجراءات 25 يوليو/ تموز 2021 الانقلابية.

ومنذ ذلك التاريخ، توالت أحداث بارزة في تونس من تجميد لاختصاصات البرلمان إلى إعلان حله نهائيا في 30 مارس/ آذار 2022، بعد ساعات من عقده جلسة افتراضية، أقر فيها قانونا يلغي إجراءات سعيد الانقلابية.

وشملت تلك الإجراءات أيضا رفع الحصانة عن نواب البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتعيين حكومة جديدة، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وحل المجلس الأعلى للقضاء.

تونس منهكة

وذكرت الصحيفة الفرنسية، بينما تشهد تونس هذه التطورات السياسية، لا تزال تواصل محادثاتها للحصول على قرض من المانحين الأجانب وصندوق النقد الدولي.

وفي ختام زيارة بعثته إلى تونس بين 23 و25 مارس2022، أفاد صندوق النقد الدولي بأن محادثاته مع السلطات التونسية "أحرزت مزيدا من التقدم".

​وأوضح أن "تونس تواجه تحديات هيكلية كبيرة تتجلى من خلال الاختلالات العميقة في الاقتصاد الكلي، والنمو الضعيف للغاية على الرغم من إمكاناتها القوية، والبطالة المرتفعة للغاية والاستثمارات القليلة للغاية، والتفاوتات الاجتماعية".

وإضافة إلى هذه التحديات، قال الصندوق إن الاقتصاد التونسي "يواجه تأثيرات الأزمة الصحية (لجائحة كورونا) والحرب في أوكرانيا".

ومنتصف مايو/أيار 2021، دخلت تونس في محادثات مع صندوق النقد، لكنها توقفت بسبب عدم الاستقرار السياسي في البلاد، ثم استؤنفت في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام.

ومع ذلك، أكدت الصحيفة أن  تونس تسير حاليا في منطقة خطيرة من جديد، بعد قرار قيس سعيد حل البرلمان، الذي ستكون له عواقب وخيمة.

وفي السياق، أشارت إلى أن هذا القرار لم يثر ضجة كبيرة في الرأي العام التونسي، لأن المواطنين عالقون بالفعل بين التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للوباء والحرب في أوكرانيا، والتي، بالإضافة إلى زيادة التضخم، تشكل مخاطر حقيقية لنقص بعض المواد الغذائية.

انقسام كبير

على الصعيد السياسي، أوضحت الصحيفة أن هذا القرار عزز الانقسامات في تونس بصورة كبيرة.

إذ استدعى القضاء التونسي في 1 أبريل/ نيسان 2022 رئيس البرلمان المنحل، رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتهمة "التآمر على أمن الدولة". 

وقال المتحدث باسم النهضة النائب عماد الخميري لوكالة فرانس برس، إن الغنوشي (81 عاما) تلقى استدعاء من القضاء "لاستجوابه بشأن عقد جلسة البرلمان العامة الافتراضية"، متهما إياه بـ"التآمر على أمن الدولة وهي سابقة خطيرة".

 وخلال الجلسة العامة التي غاب فيها الغنوشي ، صوت 116 نائبا على إلغاء الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قيس سعيد والتي، بحسب رأيهم، تعرقل العملية الديمقراطية وترسخ سلطة استبدادية في البلاد. 

كما دعا هؤلاء النواب، بمن فيهم أعضاء منتخبون من حزب النهضة ومستقلون، إلى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وسارع الرئيس في الرد واصفا هذا الاجتماع بـ "محاولة انقلاب فاشلة"، واتهم الحاضرين بـ"التآمر على أمن الدولة"، ودعا وزيرة العدل ليلى جفال إلى توجيه اتهامات ضدهم.

وعلى الفور، وجهت جفال، طلبا للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس للإذن لوكيل الجمهورية بفتح التتبعات القضائية اللازمة ضد عدد من النواب في البرلمان، من أجل "جرائم تكوين وفاق بقصد التآمر على أمن الدولة الداخلي".

وجاء طلب وزيرة العدل إلى الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بتونس طبقا للفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية.

وبالفعل، وجهت استدعاءات متعددة لنواب للمثول أمام فرقة "مكافحة الإرهاب".

وأعلن عدد من النواب على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تلقيهم هذه الدعوة، بينما أثارت الخطوة ردود فعل وطنية ودولية كبيرة عبرت عن "صدمتها من هذا التطور الخطير".

وصرح الغنوشي في مقابلة مع وكالة فرانس برس عن رفضه لحل مجلس النواب، مؤكدا أنه قد علم هو وغيره من النواب عن طريق وزارة العدل أنه قد تم فتح تحقيق قضائي ضد النواب الذين شاركوا في الجلسة الإلكترونية.

إذ تلقى أكثر من 30 نائبا استدعاء من فرقة مكافحة الإرهاب، وصرح الغنوشي بأن "هذا القرار لاغ وباطل وغير دستوري".

 وقال إنه "استمرار للقرارات التي اتخذت منذ 25 يوليو 2022، والتي رفضناها واعتبرناها انقلابا".

حل غائب

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن الوضع في تونس ليس على وشك التحسن ، فالمشاورة عبر الإنترنت التي نظمها الرئيس سعيد، والتي تم مقاطعتها إلى حد كبير، أشادت بتأسيس نظام رئاسي (وهو ما يسعى إليه سعيد) بدلا من النظام الهجين الحالي، وفقا لأحد المسؤولين. 

وجاء عقد هذه المشاورات في إطار خارطة طريق قدمها رئيس الدولة التونسية في ديسمبر 2021 لإنهاء الأزمة في البلاد بعد توليه السلطة الكاملة في يوليو. 

وستكون الإجابات التي تم جمعها عن طريق الاستشارة بمثابة أساس للجنة الخبراء المسؤولة عن وضع الإصلاحات السياسية التي ستعرض على استفتاء في يوليو والتي سوف تفضي بدورها إلى دستور جديد.

وذلك طبعا قبل حلول موعد الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في ديسمبر 2022.

وبعد 11 عاما من ثورتها، يبدو أن تونس، التي أثارت العديد من الآمال الديمقراطية في العالم العربي، تشك في المسار الذي يجب أن تسلكه، ما أثار استياء شركائها الأجانب. 

إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس ، في مؤتمر صحفي، في 31 مارس، إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية من قرار الرئيس التونسي حل البرلمان من جانب واحد والتقارير التي تفيد بأن السلطات التونسية تدرس اتخاذ إجراء قانوني ضد أعضاء البرلمان".

وأضاف أن "العودة المبكرة إلى الحكومة الدستورية، بما في ذلك البرلمان المنتخب، أمر ضروري للحكم الديمقراطي وسنضمن (تقديم) دعم واسع ومستمر للإصلاحات اللازمة لمساعدة الاقتصاد التونسي على الانتعاش".