الإندبندنت: أفغانستان تدخل في ظلام حالك مع بداية "القرن الشمسي" الجديد

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن العام المنقضي في أفغانستان التي تحتفل ببداية قرن جديد وفقا للتقويم "الهجري الشمسي".

وتناول الخبير الأفغاني فريدون أجند في مقال نشرته النسخة الفارسية للصحيفة أهم الأحداث التي وقعت في العام المنقضي.

وقال: "تبدأ أفغانستان القرن الشمسي الجديد في حالة حالكة من الظلام. عام 1400 كان مليئا بالتحولات والتغيرات الرئيسة". 

الانسحاب والتفجيرات

ذكر الكاتب أن أهم حدث في أفغانستان، وقع في 14 أبريل/نيسان 2021 وهو إعلان نهاية المهمة الأميركية على الأراضي الأفغانية وانسحابها من البلاد بعد أشهر.

وأصدر الرئيس الأميركي جو بايدن في ذلك التاريخ الذي يعد الشهر الأول في التقويم الهجري الشمسي، أمرا بعودة قواته، التي كانت قد بدأت عمليات الهجوم على أفغانستان في عهد ساكن البيت الأبيض الأسبق جورج بوش الابن. 

قرر الأميركان الخروج من أفغانستان بعد اتفاقية السلام مع طالبان التي أُبرمت في عهد حكومة الرئيس السابق دونالد ترامب. 

لكن لم يكن من المتوقع أن يكون هذا الانسحاب مؤكدا حتى وقت تحديد مفاوضات الصلح بين الحكومة الأفغانية وطالبان. 

وببداية مرحلة انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" من أفغانستان أيقنت حركة طالبان أن هذا الأمر يصب في مصلحتها شيئا فشيئا، وعملت على تقوية هجماتها على الحكومة الأفغانية آنذاك. 

وهاجمت الحركة المدن الأفغانية "بما يخالف تعهدهم باتفاقية السلام، وعلقوا المباحثات أيضا بشكل غير مكتوب. وعمل هذا الوضع على تهيئة المجال لسقوط حكومة الرئيس أشرف غني بشكل أسرع من توقع المجتمع الدولي"، يقول الكاتب.

وتابع الكاتب: كان مايو/أيار من أكثر شهور العام 2021 دموية في أفغانستان، فوقع هجوم انتحاري مقابل مدرسة سيد الشهداء في غرب مدينة كابول.

ووفقا لإعلان الحكومة آنذاك وقع أكثر من 90 قتيلا في هذه الحادثة، لكن الإحصائية الحقيقية توضح مقتل أكثر من 100، وكان أغلبهم من الطلاب. كما تشير الإحصائية إلى أن عدد المصابين تخطى 150 شخصا.

وكلما نسبت الحكومة وقتها هذا الهجوم إلى طالبان، تنفي الأخيرة مسؤوليتها عنه. وبعد ذلك كتبت المواقع الإلكترونية الخاصة بتنظيم الدولة أن الأخير يقف وراء الحادثة.

وفي 30 أبريل انفجرت سيارة في محافظة لوكر، أسفرت عن 30 قتيلا. وفي 10 مايو، في محافظة زابل جنوب أفغانستان اصطدم أتوبيس بلغم على جانب الطريق، ونتج عن هذه الحادثة 11 قتيلا، و30 جريحا. 

وبعد ذلك بيوم، ملا منان نيازي أحد القياديين المشهورين في طالبان الذي كان قد انشق عنهم، أصيب في نزاع داخلي، وفارق الحياة.

 وفي 15 مايو، وقع هجوم انتحاري داخل مسجد في مدينة كابول وأسفر عنه 12 قتيلا و15 جريحا.

وفي شهر يونيو/حزيران، بدأت طالبان في التقدم نحو المدن الكبرى للسيطرة عليها، وتوجه مئات الجنود الأفغان إلى طاجيكستان خوفا من الحركة وسلموا أنفسهم للقوى الحدودية لهذه البلاد.

وكانت المدن الأفغانية على وشك السقوط، وتقع تحت سيطرة طالبان واحدة تلو الأخرى. وفي 6 يوليو/تموز، انسحبت القوات الأميركية ليلا من القاعدة العسكرية بغرام بدون التنسيق مع الحكومة الأفغانية. 

فقط بعد انقطاع الكهرباء في قاعدة بغرام في صباح اليوم التالي عند التبديل بين القوات العسكرية الأفغانية هناك تفهموا تغيير الوضع، وأدركوا أن الأميركان غادروا.

بخروج القوات الأميركية من قاعدة بغرام، ظلت قوات الناتو فقط في كابول، وکانوا كذلك يستعدون للانسحاب من أفغانستان، وفقا لما ذكره الكاتب.

انهيار الجمهورية

وأضاف: شهر أغسطس/آب يمثل أهم وقفة تاريخية في أفغانستان، حيث سيطرت فيه طالبان على أول محافظة أفغانية غرب البلاد.

 وبسقوط مدينة زرنج، عاصمة ولاية نيمروز فرت القوات العسكرية وموظفي الحكومة صوب إيران نتيجة خوفهم من طالبان، وجرى تسكينهم في مخيم بالقرب من حدودها مع أفغانستان.

وبهذا السقوط، اشتدت معنوية طالبان أكثر، وشنوا هجماتهم للسيطرة على فراه، وهراة، وقندهار، وجوزجان. 

وبسقوط هراة التي تعتبر نبض أفغانستان الاقتصادي في 13 أغسطس، تحول أمل الشعب في هزيمة طالبان إلى يأس. وعندما سقطت هذه المدينة لأول مرة عام 1995، تهيأ المجال لسقوط كابول بعدها.

أردف الكاتب: حتى ذلك الوقت كانت طالبان قد وصلت إلى أبواب كابول. نشط الدبلوماسيون الدوليون والمحليون مرة أخرى كي يمنعوا دخول الحركة إلى العاصمة على الأقل.

 وباقتراب طالبان من كابول، تعهد المسؤولون الأميركان ألا يسمحوا بذلك تتبين نتيجة المفاوضات الطارئة. لكن لم يجدِ هذا التعهد نفعا. 

دخلت طالبان كابول جماعة بالتزامن مع هروب أشرف غني من أفغانستان، وظهور فراغ السلطة. 

أحدث هروب غني ضربة شديدة مفاجئة للحكومة والجيش الأفغاني. وفكر أغلب الشعب في الهروب من البلاد، واحتشدوا في مطار كابول الذي شهد أحداثا مريرة.

وتابع: تعهدت الحكومة الأميركية وحلفاؤها أنهم سينفذون مرحلة إخراج الأفغان المعرضين للخطر من كابول حتى الأول من سبتمبر/أيلول.

 وصرحت طالبان أنه ليس لديها مشاكل مع أحد، وكل من يريد الخروج من أفغانستان يستطيع ذلك.

 وفي 26 أغسطس، وقعت إحدى أكثر الهجمات الانتحارية دموية في كابول، حيث فجر اثنان من الانتحاريين نفسيهما وسط حشد ضخم من الناس بالقرب من مطار العاصمة.

وهو ما تسبب في مقتل 180 شخصا، وإصابة ما يقرب من 200، كما قُتل 13 جنديا أمريكيا في هذه الواقعة. وصرحت طالبان أن 27 عضوا من الحركة أيضا قُتلوا خلال نفس الحادثة. 

وكان الهجوم على مطار كابول مع أخذ أبعاد الخسائر الناتجة عنه في عين الاعتبار، الأكثر دموية على العاصمة. ومرة أخرى تولى تنظيم الدولة المسؤولية.

 وعقب الهجوم بخمسة أيام أنهت واشنطن عملية الإخلاء. وبعد 20 عاما من التواجد المليء بالتوتر في أفغانستان، غادر آخر جندي أميركي الأراضي الأفغانية. 

ومع خروج الجنود الأميركان وكذلك أكثر من 120 ألف مواطن أفغاني، جرى غلق ملف الجمهورية أيضا. 

وأعلنت حركة طالبان عن حكومتها لاحقا باسم "الإمارات الإسلامية". ولكي تهرب من الضغط العالمي لتشكيل حكومة شاملة، صرحت أن هذا مجلس وزراء مؤقت، وأنهم سيشكلون حكومة شاملة في أقرب وقت ممكن. 

لكن المجتمع الدولي ليس لديه استعداد بالاعتراف بحكومة طالبان بشكل رسمي؛ بسبب اصطدامها مع الشعب الأفغاني، وخاصة تنفيذ قيود شديدة ضد النساء، وفقا لما ذكره الكاتب.

 جوع وفقر 

وتابع أنه بسقوط الجمهورية، ابتعدت كذلك مظلة الدعم العالمي عن أفغانستان. 

فالمؤسسات والدول الداعمة للاقتصاد الأفغاني أوقفت كل المساعدات التي كانت تقدمها؛ وتسبب هذا الأمر في بداية أزمة إنسانية. 

واجتاحت أزمة الجوع البلاد، وأثرت على الشعب الأفغاني، إلى أن ارتفع مستوى الفقر بشكل سريع وتخطى 90 بالمئة.

وكانت طالبان قد دخلت أفغانستان بلا أي دعم، وفي مثل هذا الوضع وبمساعي الأمم المتحدة انعقد على أثرها قمة لمجموعة العشرين لحل مشكلة أفغانستان. 

وجرى اتخاذ قرار خلال القمة وهو عدم الاعتراف الرسمي بحكومة طالبان، ومن ثم تهيئة مجال التعامل مع هذه الحركة لعرض المساعدات العالمية والتباحث حولها. 

وتعهد الاتحاد الأوروبي بدعم أفغانستان بمليون يورو. واعتبره كل من المجتمع الدولي، منظمة الأمم المتحدة، والمؤسسات الدولية مرجع المساعدة الرسمي للبلاد.

استقبلت طالبان عرض مساعدة أفغانستان، لكنهم يقولون إنه لا بد أن يجرى دفعها، وبثها من خلال قنوات الحركة، لكن المجتمع الدولي لم يقبل ذلك حتى الآن.

وانعقدت بعد ذلك عدة قمم مهمة للتباحث حول وضع أفغانستان في شهري أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول في دول المنطقة.

ولكن أهمهم اجتماع أوسلو في أوائل يناير/كانون الثاني 2022. وكانت هذه أول رحلة أوروبية لأعضاء حركة طالبان. 

تجرى أغلب هذه الاجتماعات لتمكين طالبان من تشكيل حكومة شاملة، والحفاظ على حقوق الإنسان، وخاصة النساء، ولكن ما كانت تتوقعه الحكومات الأوروبية من الحركة خلال هذه الاجتماعات لم يحدث.

 وعلى الرغم من وعود ممثلي طالبان، فإن الحركة لم تنفذ أي خطوة مهمة لتأمين حقوق المواطنين الأفغان، يقول الكاتب.

اختتم مقالته قائلا: والآن على أعتاب العام الجديد، والقرن الشمسي الجديد، يواجه العالم جماعة تقيد السيدات وتحبسهم في المنزل، وتزيد من ممارسة العنف ضد الشعب، وليست على استعداد أن تشارك أحدا في حكومتها العرقية ذات الفصيل الواحد، وفق تعبيره.

وأردف: "جرى تدمير منجزات عشرين عاما لأفغانستان، وخاصة في مجال حرية التعبير، وكما يرى المحللون العالميون فالبلاد مستعدة للتحول إلى قاعدة للإرهاب العالمي مرة أخرى"، بحسب تقديره.

ويعتقد أغلب الشعب الأفغاني أن عام 1401 بالتقويم الشمسي سيكون مليئا بالتحديات والشقاء "خاصة لو استمرت طالبان بنفس الرؤية الحالية وسارت على نفس المنوال".