الجمود مع الولايات المتحدة.. كيف يدفع السعودية نحو الشراكة مع الصين؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تتجه علاقات المملكة العربية السعودية مع جمهورية الصين الشعبية نحو شراكة إستراتيجية مع أنها بدأت متأخرة جدا؛ في ظل استمرار "الجمود" بين الرئيس الأميركي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

فقد نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن الرياض وبكين تجريان محادثات لبيع النفط السعودي إلى الصين بعملية "اليوان" الصينية، وأكدت على أن ذلك "سيكون خطوة ثورية على ساحة الاقتصاد العالمي" في حال تحقق بالفعل. 

كما وشددت الصحيفة على أن هذه الخطوة من شأنها أن تزعزع استقرار الدولار الذي يعتبر العملة الرئيسة في تحديد سعر النفط، وذكرت أن هذا قد يزعج واشنطن ويدفعها لترفع صوتها أكثر بمعارضة الأمر. 

كذلك أشارت إلى أن الحكومة السعودية دعت الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى البلاد لتعزيز العلاقات الثنائية، وأن تحقق ذلك من شأنه أن يرفع من حدة التوتر بين كل من الرياض وواشنطن. 

تحول كبير

وبينت "وكالة الأناضول" التركية في مقال للكاتبين مصطفى دالا وأكرم بيتشير أوغلو أنه "على الرغم من أن الصين تعتبر حاليا الشريك التجاري الأكبر للسعودية، فإن العلاقات بين البلدين كانت مقطوعة منذ فترة طويلة".

 فبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، انحازت السعودية إلى جانب الولايات المتحدة، التي اختارت دعم الحكومة الوطنية الصينية في تايوان. ولم تعترف الرياض رسميا بهذه الدولة القوية في الشرق الأقصى حتى عام 1975.

وأضاف الكاتبان: ولما استمرت إدارة المملكة في الاعتراف بتايوان، لم يجر تعيين السفراء بشكل متبادل بين الرياض وبكين إلا بعد مرور حوالي 15 عاما على اعتراف الدولة الخليجية بجمهورية الصين الشعبية. 

وخلال تلك الفترة، لم تكتسب العلاقات بين البلدين أي زخم حتى عام 1980.

واستدركا: شكلت الصين واحدة من أهم المرشحين بالنسبة للسعودية التي كانت تبحث عن بدائل مختلفة لشراء خزانات الوقود بعد الأزمة الدبلوماسية التي حدثت بين الرياض وواشنطن بسبب رفض الولايات المتحدة بيع خزانات الوقود لطائرات "إف-15 إيغيلز" الحربية للملكة.

وهكذا، ليعقد أول اجتماع رسمي بين الصين والسعودية في عُمان في نوفمبر/تشرين الثاني 1985، أي بعد ثلاث سنوات تقريبا من توقيع البلدين اتفاقية لتبيع بكين 50 - 60 صاروخا متوسط ​​المدى وقادرا على حمل رؤوس نووية من طراز "دونغن 3"، إلى الرياض. بحسب الكاتبين التركيين. 

وتابعا: في عام 1988، اكتشفت الولايات المتحدة وجود قاعدة صواريخ تابعة للصين في السعودية، ما أدى بدوره إلى حدوث أزمة أخرى في العلاقات بين واشنطن والرياض.  ومع كل ذلك، لم تقطع المملكة علاقاتها ببكين.

ونوها قائلين: بيد أن العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والصين لم تبدأ فعليا إلا في عام 1990، أي بعد أن قطعت الرياض علاقاتها بتايوان، في خطة جاءت عقب 40 عاما من استمرار العلاقات. 

أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة إلى الرياض في عام 2016، ليكتسب مسار العلاقات الثنائية زخما كبيرا بعد ذلك، خاصة مع الزيارة الرسمية التي أجراها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى الصين في عام 2017.

بديل عن واشنطن

وبحسب ما أوردته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، وقعت كل من السعودية والصين اتفاقيات بقيمة 65 مليار دولار خلال زيارة الملك سلمان. 

وبما أن الولايات المتحدة رفضت تقديم تكنولوجيا الطائرات المسيرة إلى الرياض سابقا، تضمنت الاتفاقية بناء الصين مصنعا للطائرات المسيرة في المملكة.

وأردفا: في نفس العام وافق الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب على مساعدة السعودية في بناء برنامجها النووي السلمي حتى لا تلجأ إلى دولة أخرى. 

ومع ذلك، وصلت المفاوضات بين البلدين إلى طريق مسدود وفشلت؛ لأن السعودية رفضت أن تكون طرفا في أي اتفاق سيحرمها أو يمنعها من تخصيب اليورانيوم.

وبحسب ما جاء في صحيفة وول ستريت جورنال، تعد الصين بديلا حقيقيا وحلا واقعيا للاختلاف مع الولايات المتحدة بالنسبة للمملكة التي بدأت في بناء منشأة نووية سلمية بالفعل في عام 2020 بالتعاون مع بكين.

على الناحية الأخرى، ذكرت قناة "سي إن إن" الأميركية في سبتمبر/أيلول 2021، أنه جرى الكشف عن بناء السعودية منشآت لإنتاج وصنع الصواريخ الباليستية بالتعاون مع الصين. 

وجاء أن صور الأقمار الصناعية وتقييمات أجهزة المخابرات الأميركية هي ما كشفت عن ذلك.

وشدد الكاتبان: جاء في تقرير قناة "سي إن إن" الأميركية، أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان قال إن بلاده والسعودية شريكان إستراتيجيان شاملان ويواصلان تعاونهما بشكل ودي في جميع المجالات، بما في ذلك التجارة العسكرية.

وفي هذا الإطار، شهد حجم التجارة البينية بين السعودية والصين قفزة كبيرة، ووصل إلى 67 مليار دولار في عام 2020، بعد أن كان بحجم ثلاثة مليارات دولار فقط في عام 2000، ليزيد إجمالي حجم التجارة بين البلدين 22 مرة خلال فترة 20 عاما، يؤكد الكاتبان التركيان.

وختما مقالاهما وهما يشيران إلى أن الصين تحتل حاليا المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية تليها في ذلك الولايات المتحدة. 

وأضافا: أما السعودية فتعد أكبر شريك تجاري للصين في مناطق غرب آسيا وشمال إفريقيا. 

غير أنها أصبحت في السنوات الأخيرة، أكبر الدول التي تصدر النفط لجمهورية الصين الواقعة في الشرق الأقصى، متجاوزة بذلك روسيا، جارة بكين وحليفتها.