موقع فرنسي يطالب أوروبا بمواجهة "الديكتاتور المصري" لا التواطؤ معه

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استنكر موقع "ريغاردس" الفرنسي، مشاركة الاتحاد الأوروبي رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي في تنظيم "المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب" نهاية مارس/آذار 2022، واصفا الخطوة بأنها "صك على بياض" لاستمرار الانتهاكات الحقوقية في مصر.

وتساءل الموقع في مقال لعضو البرلمان الأوروبي، منير ساتوري، وهو سياسي فرنسي من أصول مغربية انتخب عن حزب "الخضر الأوروبي للبيئة"، عما فعله السيسي ليستحق مشاركة الاتحاد الأوروبي في مثل هذه الفعالية التي تتعلق بقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.

وفي 11 يناير/ كانون الثاني 2022، وافق الاتحاد الأوروبي الذي ترأسه فرنسا منذ مطلع العام، على ترشيح مشترك بين القاهرة وبروكسل لرئاسة المنتدى في نسخته القادمة، مشيدا بـ"دور مصر في هذه الحملة وقدرتها على إحراز تقدم واضح في هذا الملف"، على حد وصفه.

والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF) تأسس في 2011، ومنوط بتشكيل وصياغة السياسة والممارسات الدولية لمكافحة الإرهاب، واشترك في رئاسة نسخته الأولى الولايات المتحدة وتركيا. 

استخفاف بالقيم

وذكر الموقع أن المسؤولين في بروكسل وافقوا على رئاسة مصر والاتحاد الأوروبي المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب على الرغم من الأدلة الموثقة على نطاق واسع على انتهاكات حقوق الإنسان وسوء استغلال سلطات مكافحة الإرهاب منذ استيلاء السيسي على السلطة في 2013.

وكانت فرنسا هي صاحبة هذا الاقتراح بعد يوم واحد من إعلان "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" المصرية، أنها أُجبرت على الإغلاق بسبب اضطهاد الحكومة.

وقالت الشبكة التي تعد من أهم وآخر مجموعات حقوق الإنسان المستقلة العاملة في مصر، إنها علقت أنشطتها منذ يناير بسبب "غياب الحد الأدنى من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان".

وأضافت في بيان في ذلك الوقت أن من ينشطون فيها قد تعرضوا للاعتقال والترهيب والاعتداء الجسدي من قبل قوات الأمن.

واستنكر الموقع هذا التنازل من قبل القادة الأوروبيين، وفي مقدمتهم إيمانويل ماكرون، في مواجهة الديكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي.

وأضاف أنه قد يبدو ربط العلاقات مع قوة عربية عظمى في هذه المنطقة نية حسنة، لكن هذا من شأنه أن يرقى إلى منح صك على بياض لدولة تستغل هذا الكفاح المشروع ضد الإرهاب لتنتهك حقوق الإنسان.

وتساءل ما هي الممارسات الفُضلى التي يجب أن تشاركها مصر فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وهي التي حولت عملية سيرلي الفرنسية من مكافحة الإرهاب لقتل المهربين البسطاء؟

انحدار متواصل

ومنذ عام 2014، ومع بداية رئاسة السيسي، دخلت مصر في حالة من الأزمة والانحدار فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وهناك اليوم 60 ألف سجين سياسي في البلاد، أي ما يعادل مدينة مثل لوريان أو مونتوبان الفرنسيتين.

وأصبح اعتقال الأبرياء، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون والمحامون، الذين غالبا ما يُسجنون بشكل تعسفي بتهم الإرهاب الوهمية، أسلوبا منهجيا للقمع للنظام المصري.

 ومن بينهم علاء عبد الفتاح، أيقونة ثورة 2011 المدافع الشرس عن حقوق الإنسان الذي أنهك نظام حسني مبارك المخلوع.

فبعد أن أمضى عدة سنوات في السجن منذ عام 2013، تم وضع هذا المدون الديمقراطي على قائمة الإرهاب من قبل السلطات المصرية في عام 2020.

وحكم عليه حديثا بالسجن خمس سنوات مع محاميه محمد الباقر ومدون آخر يدعى محمد إبراهيم "أوكسجين".

وتستهدف هذه الاتهامات الكاذبة الباحثين بشكل خاص، مثل أحمد سمير السانتاوي، الطالب في فيينا والمتخصص في الحقوق الجنسية، والخطف والتعذيب والإدانة دون دليل بتهم تتعلق بالإرهاب.

كذلك باتريك زكي جورج، وهو طالب في بولونيا، اعتقل في فبراير/ شباط 2020 بالقاهرة أثناء زيارته لأسرته، وأفرج عنه في ديسمبر/ كانون الأول 2021، بعد دعم هائل قامت به السلطات الإيطالية. 

ولا بد القول إن إيطاليا ظلت تعاني من صدمة منذ عام 2016 جراء القتل الوحشي للطالب جوليو ريجيني على يد قوات الأمن المصرية، بينما كان يعمل على أطروحته الخاصة بالنقابات العمالية في مصر.

انجراف ديكتاتوري

وقال الموقع، إن صدى السخط في فرنسا على هذا الانجراف الديكتاتوري بطيء.

فأثناء رئاسته لمجلس الاتحاد الأوروبي، كان ماكرون مستعدا للاعتماد على القيم الإنسانية الفرنسية لعقد اتفاق مع الجنرال السيسي.

لكن فرنسا لا تنسى أن السيسي أيضا هو أحد المشترين الرئيسين للأسلحة الفرنسية.

ما يوجد بينهما هو في الواقع اتفاق عسكري صناعي حقيقي، والذي بالكاد يسمح للحكومة الفرنسية بالحصول حتى على إقرارات رمزية، مثل تلك الخاصة بالناشط رامي شعث، المتزوج من امرأة فرنسية، الذي أُفرج عنه حديثا بعد إسقاط الجنسية المصرية عنه.

وخلف مثل تلك الإقرارات الرمزية التي نادرا ما تدلي بها السلطات الفرنسية، يتدهور الوضع في مصر على جبهة الحريات، حيث يواصل القادة الأوروبيون مد البساط الأحمر للديكتاتور المصري.

وستكون الرئاسة المشتركة من قبل الاتحاد الأوروبي للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب بالشراكة مع مصر بمثابة درجة جديدة من التسوية، لا سيما القادمة من الاتحاد نفسه.

وشدد الموقع الفرنسي على أنها طريقة لتعزيز الكذبة التي يعتمد عليها نظام السيسي لقمع كل من يرفع صوته.

كما أنها صفعة حقيقية على الوجه، وُجهت إلى عشرات الآلاف من الأشخاص المسجونين والقتلى والتعذيب لإحياء حقوق الإنسان في هذا البلد، بوتقة الحضارات، التي غالبا ما تُلقب بـ"أم الدنيا".