انتهاء خلاف إسبانيا والمغرب بشأن الصحراء.. يحل الأزمة مع البوليساريو أم يعقدها؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

وضع الصراع في الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة، المغرب في مواجهة مع انفصاليي جبهة البوليساريو لعقود، لكن نشأ خلاف الدبلوماسي بين مدريد والرباط في أبريل/نيسان 2021 بعد استقبال إسبانيا زعيم الجبهة إبراهيم غالي بغرض العلاج من كوفيد -19.

لكن أنهت إسبانيا والمغرب في 18 مارس/آذار، ما يقرب من عام من الخلاف الدبلوماسي الكبير المتعلق بمسألة إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، بعد تغيير جذري في موقف مدريد.

وقالت الحكومة الإسبانية في بيان "ندخل مرحلة جديدة في علاقتنا مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل واحترام الاتفاقات وغياب الإجراءات الأحادية والشفافية والتواصل الدائم". 

حل الخلافات

وأوضح وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في 19 مارس/آذار 2022 أمام الصحفيين في برشلونة: "تعتبر إسبانيا أن مبادرة الحكم الذاتي المُقَدّمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع" بين الرباط وجبهة البوليساريو.  

يأتي هذا الإعلان بعد إصدار بيان من القصر الملكي المغربي نقلا عن رسالة من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أدلى فيها بنفس تصريح وزير خارجيته.

 كما أعلنت مدريد أن زيارة بيدرو سانشيز إلى المغرب - التي لم يجر الإعلان عن موعدها - قد جرى تحديدها وأن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس سيزور الرباط "قبل نهاية مارس".

لكن هذا التحول من جانب بيدرو سانشيز يمكن أيضا أن يؤدي إلى توترات قوية داخل حكومته مع حلفائه من اليسار الراديكالي المعروف باسم "بوديموس" المؤيدين لحق الصحراويين في تقرير المصير، وفق ما تقول صحيفة لوموند الفرنسية. 

إذ إن وزيرة العمل يولاندا دياز ممثلة بوديموس قالت على تويتر إن "أي حل للنزاع (في الصحراء الغربية) يجب أن يجرى من خلال احترام الشعب الصحراوي وإرادته الديمقراطية".

لكن يمكن القول إن بيان مدريد يعكس تطبيعا للعلاقات بين البلدين. ورحبت خارجية الرباط في بيان بـ"المواقف الإيجابية والالتزامات البناءة لإسبانيا بشأن الصحراء المغربية". 

من جانبهم اتهم ممثلو بوليساريو في إسبانيا، مدريد "بالاستسلام في مواجهة الابتزاز وسياسة الخوف التي يستخدمها المغرب".

وأجرت القناة الإسبانية أنتينا 3، مقابلة مع غالي، في بروكسل خلال مشاركته في القمة السادسة للاتحاد الأوروبي وإفريقيا في فبراير/شباط 2022، قال فيها إنه لا يوافق على أنه كان السبب في الأزمة التي اندلعت بين الرباط ومدريد، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين كانت دائما متأرجحة.

وكان غالي قد أدخل المستشفى في لوغرونيو خلال العام 2021، وغادر إسبانيا بعد مثوله أمام القاضي سانتياغو بيدراز بتهمة انتهاك حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين. 

وأكد في المقابلة أنه لا يعرف من أذن بدخوله إلى إسبانيا بسبب حالته الصحية آنذاك، معربا عن أسفه لإقالة وزيرة الخارجية السابقة، أرانتشا غونثاليث لايا، على خلفية الأزمة المغربية الإسبانية.

وعند سؤاله إن كان رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز على علم بدخوله إلى إسبانيا، كرر غالي أنه لا يعرف بسبب صحته السيئة آنذاك، ولا يعرف كيف جرت عملية التصريح بدخوله إلى إسبانيا للعلاج، بحسب قوله.

وعن العلاقات بين إسبانيا والبوليساريو، قال غالي في المقابلة إنها "ليست جيدة جدا وليست سيئة جدا". 

صراع مستمر

ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر حول الصحراء الغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة تصنفها الأمم المتحدة بين "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".

في أواخر 2020 قالت جبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية إنها استأنفت الكفاح المسلح بعد وقف لإطلاق النار استمر من عام 1990 ولكن ليس هناك ما يشير إلى قتال جدي. 

وكانت جبهة بوليساريو قد عبرت في بيان عن "استغرابها" من موقف الحكومة الإسبانية دعم مقترح المملكة المغربية منح حكم ذاتي للصحراء الغربية مقابل إنهاء النزاع الدبلوماسي بين الرباط ومدريد. 

 والرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80 بالمئة من الصحراء الغربية، تقترح خطة حكم ذاتي تحت سيادتها، بينما تدعو جبهة البوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي لاجئين من الإقليم المتنازع عليه.

ويقول البيان إنه "بكثير من الاستغراب، اطلعت حكومة الجمهورية الصحراوية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) على محتوى البيانين الصادرين عن المحتل المغربي وحكومة القوة الاسبانية".

وأكد أن "الموقف المعبر عنه من الحكومة الإسبانية يتناقض بصفة مطلقة مع الشرعية الدولية"، وفق قوله.

وأشار إلى أن "الأمم المتحدة والاتحادين الإفريقي والأوروبي ومحكمتي العدل الدولية والأوروبية وكل المنظمات الإقليمية والقارية لا يعترفون، جميعهم، بأي سيادة للمغرب على الصحراء الغربية".  

وحمل بيان بوليساريو إسبانيا ومعها فرنسا باعتبارهما قوتين مستعمرتين سابقتين، مسؤولية "الدفاع عن الحدود الدولية المعترف بها" بين الصحراء الغربية و"جيرانها الثلاثة، المغرب والجزائر وموريتانيا".

ودعا القوى السياسية في مدريد إلى "الضغط على الحكومة الإسبانية لتصحيح هذا الخطأ الفادح"، بحسب ما نقلت لوموند.

ومنذ 1975، هناك نزاع بين المغرب و"البوليساريو" حول إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.

وتحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار قبل اندلاع التوترات من جديد.