مع جلسة انتخاب الرئيس.. هكذا تضاعفت قوة المستقلين في البرلمان العراقي

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في ظل تعنت القوى الكبيرة بالبرلمان العراقي وعدم التوصل إلى حالة توافقية كما كان يحصل في جميع الدورات البرلمانية السابقة بعد عام 2003، فإن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 26 مارس/آذار 2022، تعد بمثابة اختبار لحجم وقوة هذه التكتل.

وينقسم البرلمان إلى محورين، الأول يقوده التحالف الثلاثي "التيار الصدري، الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة السني".

أما الثاني فيتألف من "الإطار التنسيقي الشيعي، والاتحاد الوطني الكردستاني" فيما يقف النواب المستقلون في الوسط.

تنافس محموم

الطرفان يراهنان على كسب أصوات المستقلين إلى جانب كل منهما، إذ وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في رسالة نشرها في حسابه الرسمي على "تويتر" في 21 مارس الدعوة للنواب "المستقلين" للمشاركة في إدارة البلاد من خلال ما وصفها بـ"حكومة الأغلبية".

وقال الصدر في رسالته "أهيب بالنواب المستقلين المحترمين والوطنيين أن يقفوا وقفة عز وشرف وكرامة من أجل إنقاذ الوطن وتخليصه من بقايا الفساد والإرهاب والاحتلال والتطبيع والانحلال من خلال إسنادهم للجلسة البرلمانية التي يتم بها التصويت على رئيس الجمهورية وعدم تعطيله بالثلث المعطل الذي هو وليد الترغيب والترهيب".

وحاول الصدر التقليل من مخاوف المستقلين، قائلا" "نحن بحاجة الى وقفة شجاعة منكم، وإن كنتم لا تثقون بي أو (بالكتلة الصدرية) فإننا سنعطي لكم مساحة لإدارة البلد، إن وجدتم صفوفكم وابتعدتم عن المغريات والتهديدات".

وأضاف: "يجب أن تعلموا أنني حينما أطالب بحكومة أغلبية وطنية فإني لا أريد بها ضرب الخصوم، لأني لا أعتبر أي عراقي خصما لي، بل جل ما أريده نفع الوطن والشعب وهداية كل مسيء، وما معاقبتهم إلا لصالحهم والصالح العام وليس نكاية أو تلذذا".

وواصل، قائلا: "إخوتي في البرلمان العراقي من كتل مستقلة أو نواب مستقلين هلموا إلى آخر فرصة لنا ولكم، فإن وفقنا انتفع الوطن والشعب، وإن فشلنا فإنني كما قلت سوف أعلن ذلك وبملء الفم وبرحابة صدر ومن دون أي تردد فليس لي إلا اتباع الحق والابتعاد عن الباطل".

وفي المقابل، أكد "الإطار التنسيقي" في العراق تمسكه بالثلث الضامن للمضي قدما باختيار رئيس للحكومة، وفق ما جاء في تغريدة على تويتر لنوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون في 22 مارس 2022.

وقال المالكي إن "الإطار التنسيقي وحلفاءه يتمسكون بالثلث الضامن لسلامة العملية السياسية، ومنع الفوضى وإنتاج حكومة ضعيفة تضر بمصالح المواطنين وتضعف من هيبة الدولة".

وأكد على أن الهدف تمثيل المكون الأكبر (الشيعي) المعني بتشكيل الحكومة بدءا من تسمية رئيس الوزراء ووضع برنامجها السياسي والخدمي والأمني.

وفي تغريدة سبقتها بنحو ساعة، قال المالكي إن "قضية حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات النيابية الحالية أمر غير مقبول ولم يعرضه الإطار وقواه السياسية ولا يسمح به ويقف بقوة ضد هذا الخيار".

ويأتي كلام المالكي مع اقتراب موعد انتخاب رئيس الجمهورية الذي حدده البرلمان العراقي في 26 مارس بعدما أخفق في عقد جلسة سابقة بسبب الطعون التي قدمت للمحكمة الاتحادية والتي أدت إلى فتح باب الترشح لمنصب رئيس البلاد أكثر من مرة.

واشترطت المحكمة الاتحادية لانتخاب رئيس الجمهورية على مجلس النواب تحقيق حضور 220 نائبا في الجلسة من مجموع عدد أعضاء مجلس النواب العراقي البالغ 329 مقعدا.

ورقة رابحة

وتعليقا على ذلك، تساءل المحلل السياسي العراقي علي البيدر قائلا: "ما هي الضمانات التي سيقدمها السيد مقتدى الصدر إلى النواب المستقلين حال ركبوا سفينته الإصلاحية وفقدوا استقلاليتهم؟".

وأضاف البيدر خلال تغريدة على "تويتر" في 21 مارس أن "المستقلين من النواب هم الورقة الرابحة ويجب أن يقفوا إلى جانب برنامج قويم يحمي العراق والعراقيين، لا إلى جانب مصالح شخصية".

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي وعد التكريتي لـ"الاستقلال" إنه "لا يمكن لأحد حتى الآن أن يتوقع بشكل نهائي ما سيحصل في جلسة البرلمان المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية، لكن أعتقد أن الأمور ستكون متأزمة وقد نشهد تصعيدا ما".

وأضاف التكريتي أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تمسك بالسقف الأعلى، وكذلك قوى الإطار التنسيقي الشيعي، وبالتالي نحن أمام خيارين: إما حكومة مهزوزة لا تدوم طويلا، أو الذهاب لانتخابات برلمانية جديدة، والاثنين أحلاهما مر".

وأوضح أن "المستقلين (43 مقعدا) وضعهم صعب جدا حاليا، فهم بين نيران الفصائل المسلحة من جهة، ومغريات التيار الصدري من جهة أخرى، وأن خوفهم من الأخير أكبر".

وكذلك خوفهم على مكانهم أكبر وأكثر، وهذا ما قصده المالكي في تغريدته الأخيرة، وفق قوله.

وأشار التكريتي إلى أن "نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة أفرزت واقعا يصعب قبوله، وقطعا هذا الشكل الأحادي في التمثيل السياسي للمكون الذي من حصته رئاسة الوزراء لن يقبل بأي حال من الأحوال. المشكلة أن الأقطاب كلها تتحدث بأعلى سقف دون تنازل".

وأكد الباحث العراقي "وجود حديث عن مغريات قدمها التحالف الثلاثي، وتحديدا التيار الصدري إلى كتلتي "الجيل الجديد" الكردية، وحركة "امتداد" التي تمثل حراك تشرين (مظاهرات أكتوبر 2019)، بمنح الأولى وزارة العدل، وإعطاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للثانية".

وفي السياق ذاته، يرى منقذ داغر مدير "منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في مؤسسة غالوب الدولية أنه طبقا للنتائج الرسمية المعلنة فإن مجموع نواب الإطار التنسيقي وحلفائه بحدود 80-85 نائبا. أي أنهم ما زالوا بحاجة إلى 25-30 نائبا كي يكسروا النصاب".

وتابع خلال مقال نشره على موقع المنظمة في 22 مارس: "أما التحالف الثلاثي فإن مجموع مقاعده الرسمية في البرلمان تبلغ 155 نائبا، يضاف إليهم 10-15 نائبا آخرين قريبين منهم ومحسوبين على الكتل المنفردة الصغيرة أو المستقلين".

وواصل: "وإذا أضفنا لهم قوى أعلنت حضورها مثل الجيل الجديد وامتداد، فإن مجموع من سيحضر يقترب جدا من 190 نائبا. بذلك فهم يحتاجون إلى حضور 30 نائبا آخر ليحققوا النصاب".

وخلص داغر إلى أن "كلا الفريقين يحتاج إلى كسب 30 نائبا على الأقل. وعلى الرغم من أن الصورة تبدو شبه واضحة على طرفي النزاع فإن منطقة الوسط المتأرجح لا تبدو كذلك. فهناك 50-60 نائبا لا نعرف شيئا عنهم. هؤلاء هم من سيكون بيضة القبان".

وأردف: "منطقيا فإن هؤلاء المتأرجحين لا يبدون مؤدلجين وبالتالي يمكن كسبهم في أي اتجاه رغم أنهم أكثر عرضة لضغوط الجماهير والإعلام. لكن على الجميع إدراك أن سياسة التعطيل أو التطويل والمراهنة على الزمن خطرة جدا خاصة في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والتي يتوقع أن تتفاقم عالميا وليس محليا فحسب".

موقف المستقلين

وعن الموقف بشأن خيار النواب المستقلين، قال رئيس كتلة التيار الصدري حسن العذاري: "بعد مجموعة من اللقاءات بالإخوة النواب المستقلين أقولها بصراحة كلهم مع (حكومة الأغلبية الوطنية) لذلك في يوم السبت (26 مارس 2022) سيكون للنواب المستقلين وقفة من أجل العراق والشعب".

وأضاف العذاري خلال تغريدة على "تويتر" في 22 مارس: لن "يغريهم المال السياسي أو الترهيب؛ فهم (المستقلون) الأمل المتبقي لتغيير نظام المحاصصة".

واستجابة لدعوة الصدر، أعرب عدنان الجابري عضو البرلمان عن تحالف المستقلين عن تأييد تشكيل حكومة أغلبية وطنية، شريطة إشراكهم في تسمية رئيس الحكومة. وينضوي المستقلون تحت تحالف "عراق المستقل"، بواقع 40 نائبا.

وقال الجابري لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) في 22 مارس إن "النواب المستقلين وضعوا شرطا مسبقا يقضي بمنحهم الحق في المشاركة بتسمية رئيس الوزراء المكلف وبخلافه لن يكونوا طرفا في تسميته".

وفي بيان رسمي صدر بعد اجتماع كتلة "العراق المستقل" النيابية، في 22 مارس 2022 أعلنت عزمها حضور جلسة مجلس النواب المخصصة للتصويت على رئيس الجمهورية.   

وقالت الكتلة: إنه "تغليبا للمصلحة الوطنية، وإنهاء لحالة الانسداد السياسي الخطير الذي تمر به العملية السياسية في العراق قررنا المشاركة في جلسة مجلس النواب القادمة، للتصويت على مرشح رئاسة الجمهورية، والمضي قدما في دعم جهود تشكيل حكومة أغلبية وطنية إصلاحية مهابة ومقتدرة تعبر بالبلاد إلى بر الأمان وتحقق تطلعات شعبنا الكريم".

وفي السياق، قالت النائبة في البرلمان السابق، عن التيار المدني، شروق العبايجي، إن "النواب المستقلين يتعرضون لمغريات مالية لسحبهم باتجاه الأطراف المتنافسة".

وبينت النائبة خلال تصريحات في 21 مارس أن "الكثير من النواب المستقلين جاؤوا من خلال بعض القوى السياسية، واستغلوا للترشيح الفردي تحت مسمى المستقلين، وهؤلاء سيجري سحبهم باتجاه طرف سياسي معين".

وأشارت العبايجي إلى أن "المغريات والضغوط ستؤثر بالتأكيد على عدد من المستقلين، إلا أن عددا منهم سيبقى متمسكا بنهجه واستقلاليته"، مشددة أن "منظومة المحاصصة هي الأقوى في البلاد، ولها تأثير كبير على العملية السياسية".

بدوره، أعلن البرلماني عن العراقيين الصابئة، أسامة البدري، حضور الجلسة الخاصة بالتصويت على رئيس الجمهورية، داعيا النواب المستقلين والحركات الناشئة إلى عقد "اجتماع طارئ" لمناقشة مجريات الأمور.

 وأضاف خلال بيان له في 21 مارس: "سنحضر الجلسة القادمة الخاصة بالتصويت على رئيس الجمهورية، فنحن جئنا من أجل التغيير والإصلاح وليس للتعطيل".

وأكد أن "مصلحة العراق فوق كل اعتبار، خصوصا وأن الشعب ينظر إلينا ببصيص أمل، فلعل الحكومة تتشكل وتقر الموازنة ونتجه نحو التغيير التدريجي".