غضبه إزاء روسيا يتزايد.. هل يدفع الرأي العام الأميركي بايدن لحرب عالمية؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط معهد القدس للإستراتيجية والأمن العبري، الضوء على زيادة غضب الرأي العام الأميركي إزاء تحركات روسيا العدوانية المتصاعدة منذ سنوات، ما جعله يميل حاليا لفكرة المواجهة العسكرية لحماية المصالح الأميركية.

وأوضح المعهد في مقال للخبيرة في قضايا الأمن القومي والرأي العام والسياسة الخارجية، بنينا شكر، أن هذه التغيرات في الرأي العام الأميركي تعد عنصرا أساسيا في تشكيل سياسات الرئيس جو بايدن إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا المتواصل منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

رأي متغير

وأشار المعهد العبري إلى أنه حتى القرن العشرين، اعتبر الرأي العام إلى حد كبير استخدام القوة كأداة طبيعية لتحقيق مصالح الدولة، لكن أهوال الحربين العالميتين أدت إلى نزع الشرعية عن استخدام القوة في الديمقراطيات الغربية.

فاليوم الديمقراطيات الليبرالية تراعي الرأي العام لدرجة أنها لا تستطيع خوض الحرب دون، أو على الأقل، موافقة ضمنية من جانب مواطنيها، وحتى في عصر تعتمد فيه جيوشهم على الخدمة المهنية وليس على التجنيد العام .

لذا يتأثر الرئيس بايدن منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا بما يطرأ على الرأي العام الأميركي الذي يشهد تعبئة متزايدة قد تؤثر على سياسات واشنطن تجاه الحرب، على الرغم من التصريحات المتكررة التي توضح المخاطر التي ينطوي عليها الأمر.

وأوضح المعهد العبري أنه خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، اكتسبت بعثات حفظ السلام والمشاركة الإنسانية التي تنطوي على نشر القوات الأميركية القليل من الشرعية من الجمهور الأميركي.

فلم يجد مفهوم "واجب الدفاع"، الذي اكتسب موطئ قدم في كندا وأوروبا أذنا متعاطفة من اليمين الأميركي، بسبب التركيز على المصلحة الوطنية والميول الانفصالية، ومن اليسار، بسبب النفور من استخدام القوة والشك في الادعاءات الأخلاقية الغربية.

واعتبر المعهد أنه يمكن الافتراض أن هذا البيان يكتسب زخما اليوم، بالنظر إلى حقيقة أن الأمة الأميركية لا تزال تلعق جراحها من الحروب التي طال أمدها في العراق وأفغانستان.

ومع ذلك، فكلما زاد إدراك الجمهور للتهديد، زاد التأييد الشعبي لاستخدام القوة العسكرية، وهكذا نالت الحربان اللتان بدأتا في العراق وأفغانستان دعما شعبيا عاليا في البداية، حيث كان ينظر إليهما على أنهما يحميان المصالح الحيوية الأميركية.

وأظهر استطلاع أجراه "معهد غالوب " الإسرائيلي في الأسبوع الذي سبق الغزو الروسي لأوكرانيا أن غالبية الجمهور الأميركي (52 بالمئة) ينظرون إلى المواجهة بين روسيا وأوكرانيا على أنها "تهديد خطير للمصالح الحيوية للولايات المتحدة".

بالمقارنة، بعد الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم في عام 2014، اعتقد 44 بالمئة فقط من الجمهور الأميركي ذلك.

وفيما يتعلق بالتنوع الحزبي، يرى 61 بالمئة من المشاركين الديمقراطيين أن المواجهة بين روسيا وأوكرانيا تمثل تهديدا خطيرا، بينما يعتقد 56 بالمئة من المستجيبين الجمهوريين ذلك.

 وعند السؤال على نطاق أوسع، عن التهديد الذي تشكله القوة العسكرية الروسية على المصالح الحيوية الأميركية، كانت نسبة الموافقين 59 بالمئة، وهذا المعدل هو الأعلى الذي تم تسجيله في استطلاعات معهد غالوب منذ طرح هذا السؤال لأول مرة عام 2004.

وحدة لافتة

ولفت المعهد العبري إلى أن استياء الرأي العام الأميركي من روسيا صعد إلى ذروة أيام الحرب الباردة، عندما أجاب 39 بالمئة بأنهم يعتبرون روسيا دولة معادية، ومن الواضح أن هذا هو تفسير النتائج المفاجئة فيما يتعلق بموقف الجمهور الأميركي تجاه الحرب في أوكرانيا .

وفي وقت مبكر من يوليو/ تموز 2021، وجدت دراسة أجراها "مجلس شيكاغو الاستقصائي" الأميركي أن 50 بالمئة من المستطلعين يدعمون إرسال قوات أميركية إذا غزت روسيا أوكرانيا.

وبعد غزو شبه جزيرة القرم في عام 2014، كانت نسبة المستجيبين الذين أيدوا هذا الخيار 30 بالمئة فقط .

وأظهر استطلاع للرأي أجري في ديسمبر/ كانون الأول 2021، بعد تعزيز القوات الروسية حشودها بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، أن 52 بالمئة يؤيدون خوض حرب ضد روسيا للدفاع عن سيادة أوكرانيا .

ويمكن الافتراض أيضا أن الأثر التراكمي على مدى سنوات العدوان الروسي (غزو جورجيا في عام 2008 وضم شبه جزيرة القرم في عام 2014)، وكذلك عدم ثقة الرأي العام الأميركي بروسيا في ضوء مزاعم تدخلها بالانتخابات الرئاسية لعام 2016، كان له تأثير على هذه النتائج.

لكن في قلبها وجهة نظر تاريخية مفادها أنه يجب وقف نمط من العدوان المتكرر، يوضح الموقع العبري.

ومن الواضح أن الديمقراطيين والجمهوريين متحدون في وجهة نظرهم السلبية تجاه روسيا في الأزمة الحالية.

وفي الواقع، خلال فترة بايدن حتى اليوم، لا توجد قضية أخرى وحدت الجمهوريين والديمقراطيين مثل المواجهة بين أوكرانيا وروسيا.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، أنه خلال الأسبوع الأول من الحرب أيد 63 بالمئة من الديمقراطيين و60 بالمئة من الجمهوريين فرض عقوبات على روسيا.

ثمار الضغط

وأظهر استطلاع أجرته شبكة "سي إن إن" الأميركية  في 28 فبراير/ شباط 2022، أن معظم المشاركين (62 بالمئة) أرادوا أن تفعل الولايات المتحدة المزيد لوقف النشاط العسكري الروسي في أوكرانيا، حيث أيد 58 بالمئة منهم استخدام القوة العسكرية، إذا فشلت العقوبات في تحقيق هدفها.

علاوة على ذلك، وجد استطلاع آخر في 15 مارس/ آذار، أن 42 بالمئة من المشاركين يعتقدون أن على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد لمساعدة أوكرانيا.

وأيد 35 بالمئة من المشاركين استخدام القوة العسكرية حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بمواجهة نووية مع روسيا.

وأيضا، يعتقد 77 بالمئة أنه يجب ترك قوات أميركية كبيرة في الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "ناتو" المجاورة لأوكرانيا في مواجهة القصف الروسي المتزايد للمناطق الحضرية.

وأكد الموقع العبري أن الغضب العام في الولايات المتحدة آخذ في الارتفاع، إذ أظهر استطلاع للرأي أجري منتصف مارس، دعما واسع النطاق من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لفرض مناطق حظر الطيران فوق أوكرانيا، ومقاطعة النفط والغاز الروسيين .

كما أشار هذا الاستطلاع إلى زيادة نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أنه يجب فرض مزيد من العقوبات على روسيا: من 77 بالمئة إلى 81 بالمئة في أسبوع واحد.

علاوة على ذلك، وجدت دراسة استقصائية أجريت في 7 مارس، أن 71 بالمئة من المستطلعين أعربوا عن دعمهم لمقاطعة النفط الروسي، حتى لو كان ذلك يعني ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة.

واعتمد بايدن، على هذه العقلية في قراراتهم بشأن مسألة العقوبات، وفي نفس اليوم، ورد أن الولايات المتحدة كانت بالفعل تشدد العقوبات وتفرض مقاطعة على واردات الغاز والنفط من روسيا .

ومن الواضح أن الرأي العام الأميركي يضغط على بايدن لاتخاذ إجراءات أكثر عدوانية ضد موسكو، وأن هذا الضغط يؤتي ثماره.