مركز تركي: أميركا تتحدث عن قيم الليبرالية وتستولي على أموال الأفغان

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز تركي الضوء على تداعيات قرار توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن، أمرا تنفيذيا يسمح للولايات المتحدة بالتصرف بسبعة مليارات دولار من البنك المركزي الأفغاني مجمدة لدى بلاده، على أن يخصص نصف المبلغ لتعويض ضحايا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، والنصف الآخر لتمويل جهود الإغاثة في أفغانستان.

وقال مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" في مقال للكاتب أحمد خان دولتيار، إن "إدارة واشنطن كانت قد جمدت احتياطيات كابول في البنوك والمؤسسات المالية الدولية، ومع هذا القرار وتراجع كمية المساعدات الخارجية، وقعت أفغانستان في أزمة اقتصادية ما أدى بالتالي إلى أزمة إنسانية".

سياسة ظالمة

وأوضح دولتيار أن "عدة دول قدمت مساعدات إلى أفغانستان في الـ20 سنة الأخيرة، لتحتفظ الحكومة ببعض أموال المساعدات كاحتياطي في أميركا والمؤسسات المالية الدولية، حتى إنه كان من المعروف أن أفغانستان لديها احتياطيات تبلغ 9.6 مليارات دولار قبل الإطاحة بإدارة أشرف غني، بما في ذلك العملات الأجنبية والذهب والمعادن الثمينة".

وتابع: "وبينما وضِعت سبعة مليارات دولار من هذه الاحتياطيات في البنك الفيدرالي الأميركي، وضع الباقي في البنوك السويسرية والمؤسسات المالية الدولية، ويعود 2.5 مليار دولار من هذه الأموال للقطاع الخاص في أفغانستان، وحوالي سبعة مليارات دولار للدولة".

وفي الواقع، تطالب الصين وروسيا والدول المجاورة لأفغانستان، بفك التجميد عن احتياطيات أفغانستان من أجل منع انهيار اقتصاد البلاد والحيلولة دون حدوث أزمة إنسانية، بيد أن الولايات المتحدة لم تستمع لهذه الدعوات وقالت إن "على طالبان أن تتخذ خطوات جادة وفقا لمطالب المجتمع الدولي"، بحسب الكاتب.

وأضاف: "في الفترة الأخيرة، بات من الملاحظ أن الولايات المتحدة بدأت تتبع (سياسة إذابة) احتياطيات أفغانستان وأرصدتها، حيث أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن 3.5 مليارات دولار من الاحتياطيات الأفغانية سيتم تخصيصها لأسر ضحايا (هجمات) 11 سبتمبر (2001)، و 3.5 مليارات دولار الأخرى سيتم توزيعها على الشعب الأفغاني كمساعدات إنسانية". 

وأعقب دولتيار قائلا: "لقد أثار قرار الولايات المتحدة هذا الرد فعل الكثير، سواء من الشعب الأفغاني أو السياسيين أو حركة طالبان نفسها".

وردت طالبان في بيان أصدرته حول هذا الشأن أن "هجمات 11 سبتمبر 2001 لا علاقة لها بأفغانستان، وأنه إذا لم تغير إدارة واشنطن قرارها، فسنعيد النظر في سياستنا تجاهها". 

فيما قال الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي، إن "شعبنا ضحية للإرهاب، وإنه لا ينبغي لأحد أن يعاقب الضحايا، أما زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فقد قتل في باكستان، ولا ينبغي لشعبنا أن يكون من يدفع ثمن هذه الهجمات"، وفقا للكاتب.

وأضاف دولتيار: "من جانبه خرج الشعب الأفغاني في احتجاجات في العديد من مدن البلاد، وشدد على أن الولايات المتحدة يجب أن تدفع تعويضات عن 20 عاما من الاحتلال بدلا من مصادرة احتياطيات أفغانستان، وقد دعمت العديد من المنظمات والدول موقف الشعب الأفغاني ضد الولايات المتحدة".

وأوضح قائلا: "فعلى سبيل المثال، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش إدارة بايدن إلى عدم معاقبة الشعب الأفغاني بالتذرع بطالبان، وقالت إن بايدن يحاول الاستيلاء على الأصول والأرصدة الأفغانية، فيما اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إدارة واشنطن بتعميق الأزمة الإنسانية في البلاد".

وعلى الناحية الأخرى، انتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ، قرار بايدن المذكور، عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة إن "أغنى دولة في العالم تقوم بنهب ثروات أفقر الشعوب علانية".

فشل التوقعات

ويرى دولتيار أن "هناك أسبابا ورسائل مختلفة خلف اتباع الولايات المتحدة مثل هذه السياسة، فقبل كل شيء يظهر مثل هذا القرار أنه لا يمكن لواشنطن وطالبان أن تتصالحا وتتعاونا أبدا، كذلك تظهر هذه السياسة أن إدارة بايدن تحاول جر أفغانستان إلى أزمة اقتصادية وتحريض الشعب الأفغاني ضد طالبان وحكومته". 

وشرح ذلك بالقول: "على طالبان إدارة أفغانستان وإيجاد حل للأزمة الاقتصادية والإنسانية في البلاد، أما كبار المسؤولين والإداريين في الحركة فيشيرون إلى الولايات المتحدة باعتبارها المسؤولة عن الأزمة الاقتصادية والإنسانية في البلاد؛ بسبب تجميدها احتياطيات البلاد".

وتابع: "أما السبب الثاني فيتمثل في رغبة الولايات المتحدة في أن ينهار اقتصاد أفغانستان بالكامل، لتصبح العملة الأفغانية عرضة للخطر، إذ من الناحية الاقتصادية، تعد احتياطيات الدولة من أهم الآليات التي تحافظ على ثبات النظام الاقتصادي ونموه". 

وقال دولتيار معقبا: "وهكذا، تحاول الولايات المتحدة زيادة التضخم في أفغانستان من خلال توزيع نصف احتياطيات أفغانستان على الشعب، خاصة وأنه ليس من السهل على طالبان في ظل الظروف الحالية، أن تملأ فراغ الأموال التي ستذوب مع تبخر احتياطياتها وأرصدتها".

وفي مثل هذه الحالة، سيكون من الصعب على الاقتصاد الأفغاني أن يحفظ نفسه من الانهيار بما أنه يعتمد على المساعدات الخارجية والاستيراد.

ولفت الكاتب قائلا: "والحق أن استيلاء الولايات المتحدة على الأرصدة الأفغانية بينما تدعو على الناحية الأخرى المجتمع الدولي لمساعدة الشعب الأفغاني، تعد مفارقة خطيرة وتناقضا كبيرا، ويمكن القول إن واشنطن لم تتمكن بعد من ابتلاع الهزيمة وتحاول الانتقام من الشعب الأفغاني من خلال هذه السياسة التي تطبقها بالتذرع بحكومة طالبان". 

واستطرد أن "قرار الولايات المتحدة هذا أظهر أيضا أنه لا يمكن الاعتماد عليها، فرغم أنها لا تفتأ تتحدث عن حقوق الإنسان والعدالة والقيم الليبرالية، تقوم على الناحية الأخرى بالاستيلاء على أموال شعب مظلوم".

وختم دولتيار مقاله قائلا: "أخيرا، يجب التأكيد على أن خطط بايدن لم تنجح ولم يثُر الرأي العام الأفغاني ضد طالبان كما توقع الرئيس الأميركي، حتى إنه حدث العكس، وتبنى الشعب الأفغاني، ولأول مرة، موقفا مشتركا خلال عهد طالبان الثاني". 

وأضاف "وعليه يمكن القول إن هذه السياسة، عززت من العلاقة والروابط بين الشعب الأفغاني وطالبان على العكس تماما مما توقع له صناع القرار الأميركيون".

وتابع دولتيار: "في سياق تقييم ما يحدث، ظهرت هذه السياسة نتيجة لأوجه القصور والنقص في القانون الدولي، إذ لا توجد في النظام الدولي، آلية من شأنها أن تقوم بردع الولايات المتحدة وترجعها عن قرارها الخاطئ".