فرض القيود.. تأثيرات خارجية قد توقف مفاوضات النووي الإيراني في فيينا

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة سبوتنيك الروسية عن التطورات الخارجية التي يمكن أن تؤثر على مباحثات الاتفاق النووي الإيراني في العاصمة النمساوية فيينا.

وأوضحت النسخة الفارسية للصحيفة، في مقال للكاتب عماد آبشناس أنه "بسبب المعلومات القليلة حول الاتفاقات التي حدثت ضمن مفاوضات فيينا، الكثير من أفراد الشعب في إيران، وكذلك العالم مشوشون".

وتشهد "فيينا" محادثات بين إيران والقوى العالمية، لإعادة إحياء اتفاق عام 2015، الذي كان يفرض قيودا على تنفيذ برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات عنها، قبل أن ينسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منه في 2018.

حرب أوكرانيا

ومن الأمور التي قد تؤثر على المباحثات المتقطعة، حرب روسيا في أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022.

ومنتصف مارس/آذار، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن التأخير في محادثات فيينا يحقق مصلحة لبلاده، فيما نفى نظيره الروسي سيرغي لافروف أن تكون بلاده وضعت عراقيل أمام العودة للاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية.

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف بموسكو، أوضح عبد اللهيان أن "التأخير في محادثات فيينا يخلق أرضية للحفاظ على مصالحنا".

وقال الوزير الإيراني إنه ليست هناك صلة بين الأحداث الجارية في أوكرانيا ومحادثات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي.  

من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو تؤيد استئناف الاتفاق النووي الإيراني في أقرب وقت ممكن، وتنتظر أن ترفع واشنطن العقوبات عن طهران.

وأضاف "ليس صحيحا أن روسيا تعيق مفاوضات فيينا بشأن النووي الإيراني".

وأوضح الكاتب أنه في الآونة الأخيرة، يسأل البعض باستمرار عن تأثير المسألة الأوكرانية على المفاوضات من عدمه، مضيفا: "يجب قول نعم ولا عند الرد".

لا من حيث إن موقف فريق المفوضين الإيرانيين في مفاوضات فيينا واضح وضوح الشمس، ولو أنهم متأكدون من تحقق المصالح الإيرانية، بلا شك سيوقعون الاتفاق بدون أخذ أي مسألة أخرى بعين الاعتبار، ولو لم يبرم الاتفاق فبسبب أن المصالح القومية الإيرانية لم تتحقق.

لدى إيران مصالح مشتركة مع روسيا والصين، ودول أخرى، لكنها دولة مستقلة تماما، وتسعى خلال هذه المفاوضات إلى مصالحها، وفق تعبيره.

وذكر الكاتب أن "المناقشات حول أحداث أوكرانيا هي بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، ويجب أن تحل بينهما، ويدرك فريق المفوضين الإيرانيين ذلك الأمر جيدا".

وأردف: "أوكرانيا اليوم ضحى بها الأميركان وأوروبا كلها كفدية، بالإضافة إلى أنهم غير مستعدين للالتزام بتعهداتهم تجاه روسيا".

وتابع: "تصور الأميركان أنه يمكن تخويف الإيرانيين وإمكانية أخذ امتيازات أكبر منهم عن طريق الخطوات المنجزة (العقوبات) ضد روسيا، وللسبب نفسه تجري المباحثات على طاولة التفاوض مرة أخرى، وفي اللحظة الأخيرة يعرضون عن التعهدات التي وعدوا بالالتزام بها".

وبين أن 95 بالمئة من التعهدات الخارجية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني ينبغي على الروس والصينيين الالتزام بها.

وكان من الطبيعي أن تعترض روسيا والصين؛ لأنه في حالة إبرام الاتفاق كان يجب عليهما أن يوقعا على تعهدات لم يكن معلوما إذا كانو سيستطيعون الالتزام بها.

ومنتصف مارس، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا ترى حاليا أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار العودة المحتملة للاتفاق النووي مع إيران عند التعامل مع العقوبات التي فرضت على موسكو.

وقال بيسكوف إن العقوبات المفروضة على روسيا تؤثر بشكل مباشر على مصالحها مع عودة العمل بالاتفاق النووي. ولفت إلى أنه يجب عدم تهميش هذا الاعتبار، مشيرا إلى أن هذا هو موقف روسيا المعروف تماما لدى الولايات المتحدة.

وبلا شك يبدو أن واشنطن وأوروبا فعلت ذلك عن قصد؛ كي يجدوا نهجا للعمل على اضطراب الاتفاق في المستقبل، ولكي يزعموا بأن عدم نجاح المفاوضات سببه روسيا والصين.

لكن يوضح الكاتب أن مناقشة الضمانات المكتوبة رغبة إيرانية من الأساس، ولم تأت من روسيا أو الصين. 

التخويف والرغبة

ويمكن القول أن أحداث أوكرانيا تذهب بذهن الأميركان إلى أنه من الممكن تخويف الإيرانيين بهذه الطريقة، وسيكونون على استعداد لإعطاء امتيازات أكثر.

 ولكن الحملة الأخيرة للحرس الثوري الإيراني على القاعدة الإسرائيلية في أربيل، وكذلك الهدف نفسه من الاستهداف المحلي الذي ابتعد عن القنصلية الأميركية ببضعة عشرات من الأمتار فقط، توضح بشكل عملي أن الإيرانيين لم يخافوا، بل إنهم حاضرون في الميدان بنفوذ بالغ.

وكان الحرس الثوري الإيراني تبنى في 13 مارس هجوما بصواريخ "باليستية" على أهداف في أربيل كبرى مدن كردستان، وقال إنه استهدف "مركزا إستراتيجيا إسرائيليا" في حين تنفي سلطات الإقليم وجود أي مواقع إسرائيلية على أراضيها.

وتابع الكاتب: "لو أن الأميركان والأوروبيين لن ينصاعوا لمطالب إيران بشكل سريع، بلا شك ستقدم على خطوات حتى يفسح المجال للمفاوضات".

وبين أن إيران "كانت تستطيع أن تطلق الصواريخ، ولا تعترف بالأمر كما تفعل إسرائيل في سوريا، لكن عندما تصرح بفعلتها فهذا أمر يرسل رسائل لأطراف متعددة".

ومن الظاهر أن الحرس الثوري قد صفع الأعداء بقوة حيث جعل الطرف المقابل يدور حول نفسه، وفق تقدير الكاتب.

في السياق، بين أن مسألة وضع الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب الأميركية تسبب في اعتبار أكثر من نصف الشباب الإيراني الذين يؤدون خدمة الجيش الخاصة بهم بمثابة إرهابيين مدرجين في هذه القائمة بشكل فعلي.

وبين أن هؤلاء إذا أقدموا على السفر خارج إيران يوما ما، يجري التعامل معهم باعتبارهم إرهابيين في دول الغرب.

وبالعودة إلى مباحثات النووي، قال الكاتب إنه قبل انتخابات رئاسة الجمهورية الأخير في إيران، كانت هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين في فيينا، لكن كان الأميركان يطمعون بالمزيد.

وأردف: "تصوروا أنهم لو ضغطوا أكثر على الرئيس السابق حسن روحاني، فمن الممكن أن يستطيعوا الحصول على امتيازات أكثر من قبل إيران".

حينها، توصل كل المفاوضين إلى خاتمة نهائية، وكان قد عاد كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، إلى طهران خلال الجولة السادسة من المفاوضات؛ كي يحصل على الموافقات اللازمة.

في ذلك الوقت تصور الأميركان أن بإمكانهم الحصول على امتيازات أكثر مع قدوم الحكومة الإيرانية الجديدة، وفضلوا الصبر حتى انعقاد الانتخابات في إيران.

لكن تقدم الإيرانيون في البرنامج النووي سريعا بعد الانتخابات. وبحسب القول المعروف عملوا على تقوية كروتهم خلال المباحثات.

وعندما عادوا إلى المفاوضات أصبح موقفهم أقوى بكثير من ذي قبل، وبطبيعة الحال سعوا نحو امتيازات أكثر.

والحال أن الأميركان والأوروبيين كانوا قد توسلوا لإرضاء الإيرانيين، والاكتفاء بالاتفاقات الخاصة بالست جلسات الأولى، وفق تعبير الكاتب.

وواصل: "بلا شك، لم يعد من المنطقي أن ترضى إيران بتلك الاتفاقات، وفي النهاية اعتبرتها بمثابة قبول صعود للدرجة الأولى من السلم، ومن ثم أصرت في الجولات التالية على مطالبتها بحقوقها ورفع سائر العقوبات".

وكذلك هناك ضمانات لازمة مبنية على أن الولايات المتحدة الأميركية لن تعمد إلى تكرار خطواتها السابقة، الآن وفيما مضى، وفقا لما ذكره الكاتب.