بكين وواشنطن.. آخر التطورات في الحروب الاقتصادية حول العالم

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب شهاب كافجي أوغلو، سلط فيه الضوء على الوضع الحالي في الحروب التجارية خاصة بين الصين وأمريكا، مؤكدا أن الصراع التجاري بينهما أخذ بعدا عالميا أكثر من ذي قبل، كونهما تعدان صاحبتا أقوى اقتصادين في العالم.

وقال الكاتب في مقاله، إن أهم تطور في العالم بعد عام 2018 هو بلا شك الحروب التجارية التي بدأت بين الولايات المتحدة والصين، والتي انعكست جزئيًا على بلدان أخرى. خاصة بعد انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، سببت القرارات التي وضعها موضع خوف ربما، وربما دهشة في جميع أنحاء العالم.

وتابع: بالطبع، لم تكن الحروب التجارية فحسب، بل الاتفاقات الثنائية أو متعددة الأطراف التي تم إبرامها من قبل، أو الأطراف التي انسحبت من اتفاقيات، ومنها واحدة من الأحداث الأخيرة. في إشارة لاحتدام الصراع بين إيران وواشنطن بعد انسحاب كل من الطرفين من الاتفاق النووي الموقع بينهما، وفي الوقت نفسه يحدث هذا فيما قرارات الأمم المتحدة ترفض هذه القرارات في واحدة من مجريات السياسة العجيبة في واقعنا الحالي.

وأشار الكاتب إلى أن قرار ترامب بتطبيق هذه القرارات على واحد أو أكثر من البلدان النامية أو حتى المتطورة لم يكن له معنى كبير. ومع ذلك، فإن حقيقة قيامها بجزء كبير من التجارة الخارجية وتطبيق عقوبات مماثلة على الصين، الاقتصاد الثاني في العالم، غيرت من شكل العمل التجاري العالمي المعتاد.

يوضح ذلك كافجي أوغلو بقوله، إن بعض البلدان التي تتاجر مع الولايات المتحدة أو الصين، أو التي تشارك في سلسلة التوريد الخاصة بهم، تتأثر أيضا بشكل غير مباشر بهذه الحرب.

الكل متأثر بسياسة ترامب

وأشار إلى أنه، إضافة إلى الحرب التجارية مع الصين، فرض ترامب أيضا ضرائب على بلدان المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي لتشجيع المستهلكين على شراء المنتجات الأمريكية. كما فرضت هذه الدول رسوما جمركية على المنتجات الأمريكية ردا على ذلك. لذلك، لا يوجد بلد تقريبا غير متأثر بهذه القضايا.

ولفت الكاتب، إلى أن إغلاق العجز في التجارة الخارجية هو واحد من أهم وعود ترامب الانتخابية. من أجل إغلاق العجز التجاري البالغ 419 مليار دولار وتحقيق هذا الوعد، فهو يريد من الصين أن تشتري المزيد من السلع الأمريكية.

وزاد: منذ بداية عام 2019، بدأت الدولتان اللتان فشلتا في إحراز تقدم في المفاوضات، باتهامات متبادلة، رفع أولا ترامب اعتبارا من 10 مايو/أيار الجاري، قيمة الضرائب المفروضة على البضائع المستوردة من الصين.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كتب عبر موقع "تويتر"، أن الرسوم الجمركية المقررة بنسبة 10 بالمئة التي كانت تدفعها الصين على بضائع بقيمة 200 مليار دولار سترتفع إلى 25 بالمئة اعتبارا من 10 مايو/أيار الجاري، وأن المحادثات حول صفقة تجارية تمضي ببطء شديد.

يأتي هذا الإعلان في الوقت الذي من المتوقع، أن يصل فيه مفاوضون صينيون إلى واشنطن الأسبوع المقبل لخوض ما وصفها وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين بأنها "المرحلة النهائية" للمفاوضات.

وذكر ترامب عبر موقع "تويتر": "كانت الصين تدفع رسوما إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 10 أشهر بنسبة 25 بالمئة على 50 مليار دولار من سلع التكنولوجيا المتقدمة، ورسوما بنسبة 10 بالمئة على 200 مليار دولار من السلع الأخرى. وهذه المدفوعات مسؤولة جزئيا عن نتائجنا الاقتصادية الكبيرة. سترتفع نسبة الـ 10 إلى 25 بالمئة".

الصين ترد على ترامب

ومضى الكاتب يقول: "على الرغم من أن ترامب كان ناجحا إلى حد ما بالنسبة لبلاده، إلا أن أكبر سوق في العالم تسبب في انكماشه وهو الصين لأول مرة منذ 20 عاما. وعليه يضيف الكاتب، تسببت التطورات بصعوبات غير متوقعة في الميزانيات العمومية للعلامات التجارية التي بنيت مستقبلها على الصين. وبناء على ذلك، ارتفع أفضل اقتصاد في العالم للاقتصادين، بينما تلقت الصين بيانات انتقامية.

الصين بدورها قامت هي الأخرى بسلسة إجراءات، واعتبارا من 1يونيو/تموز المقبل، ستفرض رسوما جمركية على المنتجات الأمريكية بقيمة 60 مليار دولار. وفقا لبيان الصين، ستغطي هذه الرسوم الجمركية الجديدة، والتي ستكون في حدود 5 إلى 25 بالمئة، أكثر من 5 آلاف منتج أمريكي.

وشدد الكاتب على أن "الحروب التجارية، التي اندلعت في عام 2018 وازدادت في الأيام الأخيرة مع تحركاتهم المتبادلة، امتدت أيضا إلى شركات التكنولوجيا. حيث أعلنت وزارة التجارة الأمريكية أنها أضافت شركة هواوي  و70 شركة تابعة لها إلى القائمة السوداء. من خلال هذا القرار، وبدون موافقة الحكومة، تمنع هواوي من شراء قطع الغيار والتكنولوجيا من الشركات الأمريكية".

وأكد أن هذه الشركة ليست من الشركات المغمورة، أو التي لها حصة بسيطة في السوق الصيني بل والعالمي، كونها أي هواوي واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في الصين، حيث تعد واحدة من الشركات الرائدة في العالم في هذا المجال. وهي ثاني أكبر شركة مصنعة للهواتف الذكية في العالم. خلال العام الماضي وصلت إلى 200 مليون من مبيعات الهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم.

وأوضح الكاتب، أنه عقب تصنيف شركة هواوي والشركات التابعة لها في القائمة السوداء، أدى تعليق تعاون جوجل مع الشركة الصينية إلى عواقب وخيمة. جوجل، التابعة لشركة البرمجيات والتكنولوجيا الأمريكية، قامت بدورها شركة هواوي، المدرجة في القائمة السوداء للولايات المتحدة، بتعليق المعدات التي تتطلب تبادل المعدات والبرامج مع جوجل تلك الشركة التي مرتبطة بألف باء التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

سبب المعركة الرئيسي

وحول السبب الرئيسي للمعركة، قال الكاتب، إن الولايات المتحدة تحظر استخدام منتجات هواوي في المؤسسات الحكومية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. سبب مهم آخر؛ فقد كانت الولايات المتحدة تتهم الصين بانتهاك حقوق الملكية الفكرية.

وأردف: لكنه وفي الحقيقة، تريد الولايات المتحدة من الصين تغيير سياستها في دعم شركاتها الوطنية بمنافسة غير عادلة.

وبيّن الكاتب، إضافة إلى ذلك، قضية أخرى أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن شركة هواوي، التي تربطها علاقات جيدة بالحكومة الصينية، تدعي بأنها تهيمن على تكنولوجيا الهواتف المحمولة من الجيل التالي، وسوق الجيل الخامس "5 جي"، على نطاق عالمي وبهذه الطريقة تقوم بجمع المعلومات حول المواطنين والمؤسسات والدول حول العالم. بمعنى آخر، ترى الولايات المتحدة أن الشركة الصينية هواوي تمثل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي وغيرها من المؤسسات.

وأكد كافجي أوغلو، أن هذه الحملة، التي تقودها شركة هواوي، تجعل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أقوى. كما أن هذا الموقف يسبب عدم رسوخ أو ثبات كبير في الأسواق المالية، وله تأثير سلبي على ثقة المستثمرين في جميع أنحاء العالم. لذلك، فإن الاقتصاد العالمي يتأثر سلبا أيضا.

وكان صندوق النقد الدولي، قد قال إن التوترات بين البلدين اضطرت إلى تقليص التوقعات حول النمو الاقتصادي العالمي للعام الجاري.

واختتم الكاتب حديثه، بالقول: "لا يزال التصعيد الإضافي للنزاعات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم يشكل خسائر كبيرة للاقتصاد العالمي، مع عدم الاطمئنان للشركات والمستهلكين حول العالم".