فقط "العيون الزرقاء".. صحيفة تركية: أوروبا العنصرية تغير نظرتها للاجئين

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ستار" التركية الضوء على انكشاف ما اعتبرته وجه أوروبا العنصري المخفي وراء قناع ادعاءات الحرية والعدالة وحقوق الإنسان التي تروج لها منذ عقود.

وأوضحت الصحيفة في مقال لرئيس لجنة الهجرة والاندماج بالبرلمان التركي أتاي أوسلو، أن أوروبا استقبلت في 10 أيام من اللاجئين الأوكرانيين البيض من ذوي العيون الزرقاء، ضعف ما استقبلته من اللاجئين الملونين طوال 10 سنوات.

حرب كاشفة

وذكرت الصحيفة أنه بينما تستمر الحرب الروسية على أوكرانيا، بلا هوادة. لجأ حتى اليوم ما يقرب من مليوني أوكراني إلى أوروبا، فيما نزح 8 ملايين آخرين داخل البلاد.

وبينما يهاجر الاوكرانيون إلى أوروبا بحثا عن ملاذ آمن، يتعرض الأفارقة والأفغان الذين يعيشون في أوكرانيا إلى التمييز والعنصرية أثناء محاولتهم مغادرة البلاد، سواء كان ذلك في بولندا أو غيرها من الحدود الأوروبية.

ذلك لأن أوروبا تفتح أبوابها لذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، وتغلقها أمام الآخرين، ولسان حالهم يقول إنه ليس لديك الحق في اللجوء ولا العيش في حال كان لون بشرتك ملونة.

وبالفعل، يطارد الأوروبيون اللاجئين الملونين على الحدود ويخرجونهم من القطارات، ولا يسمحون لهم بعبور الحدود، ويجعلونهم ينتظرون في البرد القارس تاركين إياهم لأحضان الموت، ليفشل الغرب في اختبار حقوق الإنسان مرة أخرى.

وبينما تعاني البشرية بالفعل من الضربات التي تتلقاها من الحروب، تزداد معاناتها مع العنصرية التي تمارسها أوروبا تجاه المدنيين الفارين من الحرب.

فاليوم ما زالت اليونان تدفع المهاجرين إلى الموت بتجريدهم من لباسهم وأحذيتهم وتركهم في عرض البحر، بينما تفتح أوروبا أبوابها أمام الأوكرانيين، في صورة تعكس نفاق أوروبا وتناقضها مع نفسها وازدواجية معاييرها المتعلقة بحقوق الإنسان.

وترسم هذه الممارسات صورة ذات وجهين، إحداهما جميلة للالتزام بحقوق الإنسان، والأخرى مخزية لانتهاكها.

فقبلت أوروبا بالكاد 900 ألف سوري خلال الـ 10 سنوات التي استمرت فيها الحرب السورية منذ عام 2011، أما اليوم فقد قبلت مليوني لاجئ أوكراني خلال 10 أيام فقط.

موقف مشين

وعلى الناحية الأخرى، لفتت الصحيفة التركية إلى أن التاريخ سجل صفحات من الخزي باسم السياسيين والصحفيين الأوروبيين الذين تناولوا المعاناة الأوكرانية في إطار مناف لحقوق الإنسان.

فمثلا، صرح رئيس الوزراء الدنماركي فريدريكسن، أنهم لن ينفذوا القانون الخاص بمصادرة الممتلكات الشخصية للاجئين (دخل حيز التنفيذ من ست سنوات)، على اللاجئين الأوكرانيين.

أما رئيس الوزراء البلغاري فوصف اللاجئين الأوكرانيين بـ"ذوي الصفات الجيدة"، بينما يصف اللاجئين القادمين من المناطق الأخرى بمن "لا نعرف أصلهم".

فيما قال مراسل قناة سي بي إس الأمريكية، إن اللاجئين الأوكرانيين "متحضرون".

وأوضحت الصحيفة أنه إزاء هذه التصريحات المخزية، تدخلت الأمم المتحدة بتصريح ضعيف مفاده أنه من الضروري التصرف بإنسانية ورحمة.

أما المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة فأوصى بإجراء تحقيق في الممارسات التمييزية بغض النظر عن هويتهم وأصلهم.

وتؤكد هذه التصريحات الممارسات العنصرية المخزية التي يتعرض لها اللاجئون في أوروبا منذ سنوات.

كذلك لم يتردد رئيس وزراء اليونان الذي قيد اللاجئين في منطقة بحر إيجة وتركهم في عرض البحر، في الاعتراف بنفاقه، قائلا إنه مستعد لقبول اللاجئين الأوكرانيين.

بينما الأصل في ذلك أن يتم توفير الحماية والمساعدة الطارئة لجميع اللاجئين والمهاجرين دون تمييز.

ازدواجية معايير

وقالت الصحيفة التركية، إن أوروبا التي تظهر اليوم موقفا مبنيا على القانون والإنسانية والضمير تجاه الأوكرانيين، أدارت ظهرها للمدنيين الفارين من الحرب والموت في العراق وأفغانستان وسوريا.

كما تجاهلت ممارسات نظام بشار الأسد الذي استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. لكنها ذهبت إلى فرض أشد العقوبات عندما أصبح الأمر متعلقا بأوكرانيا.

وأعلن الذين تجاهلوا قصف بوتين للمستشفيات في سوريا ولم يفكروا في محاكمة الأسد الذي قصف الأطفال لعقود، أن بوتين مجرم حرب، وبدأوا الإجراءات التحضيرية للمحاكمة بسرعة لم يسبق لها مثيل في محكمة العدل.

وحتى اليوم، تستمر المأساة في سوريا ما بين أسلحة كيماوية ومجازر وتهجير، لكن الأوروبيين سدوا آذانهم عن سمع صراخ المدنيين السوريين والتزموا الصمت حيال موت الإنسان.

وبينما احتلت فلسطين وأفغانستان وفقد عشرات الآلاف حياتهم، كان الأوروبيون في موقف المتفرج من بعيد.

لكن الذين يؤمنون بحقوق الإنسان يجب ألا يلتزموا الصمت حيال موت البشر عشوائيا لا في أوكرانيا ولا في سوريا.

وكان على أوروبا التي تحركت على الفور في أوكرانيا، ألا تقف متفرجة أمام المذابح التي ارتكبت بحق المسلمين في سوريا وفلسطين والعراق والبوسنة وميانمار.

أما الآن فيقولون: "لا يمكننا أن نصدق ما يحدث في المدن المتاخمة لأوروبا، وتحول الناس من ذوي العيون الزرقاء والبشرة البيضاء إلى لاجئين في القرن الحادي والعشرين".

وهكذا لأجل ذوي العيون الزرقاء والبشرة البيضاء فقط، بدأت أوروبا اليوم تعيد النظر في "الحق في الحياة"، و"حق اللجوء".