بوتين يستنسخ مأساة حلب.. لهذا ينبغي القلق حيال المدن الأوكرانية المحاصرة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أعربت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية، عن مخاوف متصاعدة من أن تشهد مدن أوكرانيا المحاصرة من الجيش الروسي، ما فعله الرئيس فلاديمير بوتين من قبل خلال تطويقه ثم تدميره لمدن في سوريا والشيشان.

وأوضحت الصحيفة أن بوتين يعيد تطبيق إستراتيجية الحصار والتدمير التي استخدمها في إبادة أحياء كاملة بمدينتي حلب السورية وغروزني الشيشانية، خلال الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

بصمات الرصاص

وذكرت الصحيفة أن مناطق كاملة دمرت تحت أيام من القصف العنيف في أحياء حلب الشرقية أو في الغوطة الشرقية على أبواب دمشق بسوريا، حيث ترك الرصاص بصماته الأكثر رعبا، وتحولت كيلومترات من المباني السكنية إلى أنقاض.

وتلك المناطق التي تعرضت لأقسى عمليات الإبادة، لم تكن من عمل المقاتلين بل من تنفيذ الطيران.

وأوردت الصحيفة أن بوتين، الذي يُخضع جيشه الآن مدنا أوكرانية مثل ماريوبول وخاركوف لقصف متواصل، تعلم الكفاءة المروعة في تدمير كل شيء على الأراضي السورية.

في الواقع، كان ذلك البلد العربي ساحة تدريبه، والفناء الخلفي حيث أتقن الوحش إستراتيجيته في التدمير.

وخلال تلك الحرب الدامية، في ذلك البلد العربي، زرع هدير طائراته الرعب بين الذين اختاروا أو لم يكن لديهم خيار سوى المقاومة.

ونقلت الصحيفة ردة فعل امرأة مسنة كانت تمشي عبر شوارع الغوطة الشرقية وسط هذا الشارع الذي تآكل وشوهته الصواريخ، إذ قالت عند سؤالها عما حدث: "لجأنا إلى قبو عندما كانت هناك اشتباكات وتفجيرات. دعوت الله أن يحفظنا من الطائرات".

كما نقلت عن عمر الشقرى، وهو شاب سوري نجا بعد اعتقاله في سن 15 عاما وخضوعه سنوات خلف القضبان للتعذيب اليومي، قوله إن "الأوكرانيين اليوم يعانون من تلك القنابل نفسها التي قتلت السوريين من قبل ودمرت مدننا. إنها مأساة شبيهة".

في سوريا، كان الرصاص يتساقط منذ سنوات، مثل المطر. وكانت المساعدات الروسية وإرسال المرتزقة الإيرانيين بطلب من دمشق حاسمة في تغيير مسار الحرب الأهلية.

وأنقذت الضربات الجوية الروسية نظام الأسد، الذي استعاد السيطرة على ثلثي البلاد؛ لكنها دمرت البلاد.

وحتى الوقت الراهن، لا تزال قنابل الأسد تتساقط على محافظة إدلب، آخر معقل للمعارضة على الحدود مع تركيا.

خطة مكررة

وبينت الصحيفة أن الطائرات توقفت فقط مع الاستسلام غير المشروط للمناطق الواقعة تحت السيطرة، بعد تحمل بطولي خلال العديد من الأشهر من الحصار والمجاعة. وكان الثمن فظيعا وغير إلى الأبد خارطة البلاد.

في الأثناء، عانى آخر السكان من نفس الإذلال المتمثل في قيام بعض حافلات النظام بتوجيههم إلى طرف آخر من البلاد، بعيدا عن مدنهم ورميهم في أرض أخرى، واقعة تحت سيطرة المعارضة، والتي ستتعرض لنفس القصف.

وفي الواقع، هو تكتيك يهدف إلى خنق السكان، الذين ينتهي بهم الأمر إلى مغادرة البلاد إلى المنفى.

ونقلت الصحيفة الإسبانية عن نيكولاس إيه هيراس، الخبير في معهد نيو لاينز الأميريكي المتخصص في الجغرافيا السياسية، قوله إن "ما نراه اليوم في أوكرانيا هو جزء من الخطة التي وضعها بوتين في الشيشان وسوريا، وهي إستراتيجية اختبرها في غروزني وحلب".

ويشير المحلل إلى أنه "كما هو الحال في سوريا، أعطى بوتين الضوء الأخضر للضربات العسكرية الروسية على المناطق الحضرية. وهنا، يحاول جيشه فرض حصار وتجويع بعض المدن الأوكرانية. ويعد أبرز مثال على ذلك هو مدينة ماريوبول الساحلية الإستراتيجية".

ونوهت الصحيفة بأن السيناريو السوري يشهد منعرجا آخر، وهو إرسال مقاتلين موالين للحكومة السورية، معظمهم من المرتزقة الذين تدربوا في دوامة العنف التي عاشت فيها البلاد خلال العقد الأخير.

ومنح بوتين الضوء الأخضر قبل أيام لتجنيد 16 ألف متطوع مفترض في الشرق الأوسط، والذين سيتم نشرهم في الأراضي الأوكرانية لدعم جنودهم والمتمردين الموالين لروسيا الذين يقاتلون في شرق البلاد.

سيناريو متوقع

ونقلت الصحيفة الإسبانية عن عمر أبو ليلى، مدير موقع "دير الزور 24" السوري، أن "ميليشيات فاغنر هي المسؤولة عن تجنيد المرتزقة في سوريا، وخاصة في شرق البلاد".

ونوهت بأن هذه العملية محاطة بأقصى قدر من التكتم، مثلما حدث من قبل مع استخدام المرتزقة الروس في الصراع السوري.

ويقول أبو ليلى: "إنهم ينضمون مقابل ظروف مالية معينة ومطالب أخرى، لكن في هذه اللحظة، من الصعب تقديم المزيد من الأدلة على هذا التورط".

لكن العروض بدأت بالظهور على مواقع النظام السوري، بمكافآت تصل إلى 2700 يورو "حسب الخبرة"، وهو رقم يعادل أضعاف راتب جندي سوري بحوالي خمسين مرة.

ويوضح الإعلان أن "على الجندي أن يكون متاحا بشكل فوري" وتفاصيل، من بين المهام التي يتعين تنفيذها، المشاركة في "الهجمات العسكرية والعمليات في الخارج والرحلات إلى أوكرانيا".

كما نقلت عن الناشط الحقوقي السوري محمد خضر، أن "ما يحدث كان سيناريو متوقعا. في الواقع، يعد نظام الأسد مدينا لروسيا ولن يواجه أي مشكلة في التضحية بجنوده كما فعل بأراضي بلده من أجل البقاء في السلطة".

ويضيف خضر أن "هذا التعاون حدث بالفعل في جوانب أخرى، حيث أرسلت دمشق 50 طنا من المواد الغذائية إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية في أوكرانيا، والخطوة التالية هي توفير العمالة". في الواقع، يحتفظ بوتين بانتشار عسكري في سوريا بأرقام غير معروفة بدقة.

وأفادت الصحيفة بأن الجيش الروسي في سوريا وصل قوامه إلى 63 ألف جندي على الأرض، مع قاعدتين عسكريتين، قاعدة حميميم الجوية في الشمال الغربي، وقاعدة طرطوس البحرية المتوسطية في الجنوب. كما تم إرسال سفن حربية وغواصات إلى المنطقة.

واختبرت روسيا أحدث أنظمة الأسلحة على الأراضي السورية، في مقابل مساعدتها العسكرية، كما منحت دمشق الشركات الروسية استغلال حقول النفط والفوسفات وإعادة إعمار بلد دمره الصراع ومستدام بشكل هش بسبب اقتصاد الحرب.