أبرزها روسيا والصين.. دول تتجه لخزن الذهب عوضا عن الدولار

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلّطت صحيفة "يني شفق" التركية، الضوء على ظاهرة رفع عدد من دول العالم –على رأسها الصين وروسيا- من نسبة الذهب في الاحتياطي الاقتصادي لبنوكها المركزية، وذلك في مقال نشرته للكاتب ليفينت يلماز، بعنوان "البنوك المركزية بين الذهب والدولرة".

وقال الكاتب في مقاله: إنّ "بيانات هيئة الذهب العالمية المعلنة، تفيد أنّ الربع الأول من العام 2019 شهد تحويلا كبيرا لاحتياطي البنوك المركزية من الدولار إلى الذهب، هو الأعلى خلال السنوات الست الأخيرة".

وأضاف الكاتب: إنّ "مجموع الذهب المضاف إلى احتياطي البنوك المركزية في الربع الأول من العام الجاري بلغ 145,5 طنا، أي أنه شهد ارتفاعا بنسبة 68 بالمئة عن العام السابق. أما أكثر الدول حصة من هذا التحويل من الدولار، فقد جاء في مقدمتها روسيا، تلتها الصين، ثم كازاخستان وتركيا".

ما دوافع الدول؟

وعرج يلماز على أسباب ودوافع تجنب هذه الدول لـ"الدولرة"، حسب تعبيره، ومهد لذلك بالتأكيد على أنّ "الدولرة هي إحدى أهم مشاكل الدول النامية، إذ يستخدم مواطنو هذه الدول عملة أجنبية في أكثر معاملاتهم عوضا عن عملتهم المحلية". واستدرك الكاتب، أنه لا توجد دول تطبق الدولرة بشكل كامل، مؤكدا أنه من الأفضل استخدام مصطلح "الدولرة الجزئية" من حيث الدقة في المعنى.

وأضاف الكاتب، أنّ "هذا التوجه يدفعنا إلى معرفة الظروف التي تقود إلى تطبيق الدولرة الجزئية التي هي بيت القصيد"، قائلا: "في البلاد التي تعيش أزمات اقتصادية أو تضخما أو حالة غير مستقرة، تحرص القوى الاقتصادية على المحافظة على قيمة نقودها، فيحولونها إلى الدولار. يدفعهم إلى ذلك تجارب أليمة مرت بها هذه الدول".

وأردف: فالمواطن العادي الذي شهد أزمة اقتصادية سابقة ورأى بعينيه نقوده وهي تفقد قيمتها, سيحول نقوده إلى الدولار لئلا يخسرها مجددا. وهذا الوضع يضر بالاقتصاد القومي على المدى القريب والبعيد. ولهذا تحاول الدول جاهدة أن تحول دون هذه الدولرة. وعلى جانب آخر فإن البنوك أيضا تسعى جاهدة لكي لا تربط نفسها بالدولار.

انخفاض الاحتياطي

ومن جانب آخر، بحسب الكاتب، تفيد بيانات صندوق النقد الدولي، أن نسبة الدولار من احتياطي البنوك المركزية قد انخفضت إلى مستوى هو الأضعف منذ عام 2013. كما قد قلّت نسبة الدولار في احتياطي البنوك المركزية إلى نسبة 62 بالمئة بعدما كان 72 بالمئة عام 2000.

ورأى الكاتب، أن هذا لا يعني أن البنوك المركزية ستستغني عن الدولار بشكل كامل فهذا احتمال بعيد -في الفترة الراهنة على الأقل- لكنه يُظهر على الساحة عملات جديدة؛ إذ نرى ازديادا ملموسا في استخدام اليوان الصيني الذي تزداد نسبة تداوله باستمرار. كما أن الين الياباني أيضا يقع ضمن الخيارات البديلة عن الدولار.

وختم ليفينت يلماز مقاله بفقرة عنونها بـ"قصة إخلاء من الدولرة"، ذكر فيها تجربة روسيا مع الدولرة، بالقول: تأتي روسيا في مقدمة الدول التي تحاول الابتعاد عن الدولرة بقدر وسعها وجهدها.

وقد صرح نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الروسي تصريحات خلال الأسابيع السابقة، أن روسيا ستقلل من نسبة الدولار أثناء استلام المدفوعات المالية من شركات الغاز الطبيعي والبترول. روسيا التي بدأت منذ فترة غير قليلة بتحويل احتياطها إلى الذهب واليوان الصيني, تبيع احتياطي الدولار في خزينتها الاحتياطية بخطوات متسارعة.

وفي السياق ذاته، فقد انخفض مجموع نسبة الدولار في الخزينة الاحتياطية للبنك المركزي الروسي بواقع 23.1 نقطة قياسا بعام 2017 مسجلة بذلك تراجعا إلى 22.7 بالمئة. فيما ازدادت نسبة اليورو بواقع 110 نقطة لتصل بذلك إلى نسبة 31.7. وبشأن اليوان الصيني فقد زاد 11.4 نقطة ليرتفع بذلك إلى 14.2 بالمئة. أما الذهب فقد ارتفع منذ عام 2018 بواقع نقطة واحدة ليصل إلى نسبة 18.1 بالمئة.

ولخّص الكاتب، فحوى مقاله بالقول: "طالما استمر الدولار في وظيفته كسلاح في يد مالكه يوجهه في سياساته ومصالحه، فستستمر سياسات الابتعاد عن الدولرة، وسنستمر في رؤية دول تتجنب الدولرة وتبتعد عنها قدر وسعها".

ما وضع تركيا؟

على صعيد آخر، وحول الموضوع نفسه، نشرت صحيفة "يني شفق" التركية في 23 مايو/أيار الماضي، نقلا عن وكالة "الأناضول" خبرا حول تصريح البنك المركزي التركي حول الخزينة الاحتياطية، أكد فيه أن "قيمة الخزينة الاحتياطية في البنك المركزي التركي شهدت انخفاضا خلال الاسبوع الماضي إلى ٧ مليار و 475 مليونا، فيما ازداد احتياطي الذهب خلال الأسبوع نفسه بواقع 63 مليون دولار ليرتفع بذلك من 20 مليار و 664 مليون إلى 20 مليار و727 مليون دولار".

وأشار إلى أن مجموع احتياطي الخزينة، قد انخفض بواقع 1 مليار و 183 مليون دولار ليصل إلى 92 مليار و 475 مليون دولار، فيما كان صافي الاحتياطي في الأسبوع الماضي الذي انتهى بتاريخ 10 مايو/أيار بقيمة 72 مليار و 994  مليون دولار. وفي الفترة نفسها ازدادت نسبة احتياطي الذهب بواقع 63 مليون دولار لتبلغ 20 مليارا و 727 مليونا.

وهكذا فقد تراجع مجموع قيمة احتياطي خزينة البنك المركزي في الأسبوع الماضي، بالنسبة إلى الأسبوع الذي قبله بواقع 1 مليار و 183 مليون دولار لتنخفض من 93 مليار و 658 مليون دولار إلى 92 مليار و 475 مليون دولار.

يذكر أن الدولار الأمريكي، لا زال يسجل ارتفاعا على الليرة التركية منذ بداية الأزمة الاقتصادية في تركيا. وقد بلغ الدولار هذا الأسبوع 6.1 ليرة تركية.

يأتي هذا في فترة عصيبة تمر بها تركيا على كافة المستويات، ولاسيما على المستوى الإستراتيجي والسياسي والعسكري، الذي يحتم على تركيا فتح ملفات جديدة (أس-٤٠٠) و (أف-٣٥)، وهذه تحمل بعدا اقتصاديا أيضا، إذ تشكل المنظومات الدفاعية التي هي ضرورة حتمية لتركيا اليوم، بعدا مهما في حجم نفقات الاقتصاد التركي. وهو ما يشكل مصاريف مهمة تتحملها تركيا، وهذا بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تشهدها أنقرة يصعب من موقف تركيا في المنطقة ويجعلها في منعطف صعب.

مع كل هذا يبدو، أن تركيا تنتهج سياسة الحد من الدولرة في سبيل الحفاظ على قيمة عملتها الوطنية. شأنها شأن روسيا والصين وغيرها من الدول التي تسعى لاتباع سياسة مستقلة توجهها بنفسها دون تأثير دول أخرى.