"سيقلب الطاولة".. لماذا تعارض روسيا انضمام فنلندا إلى حلف الناتو؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "غازيتا دوت رو" الروسية، أن انضمام فنلندا المحايدة منذ عقود إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، سيقلب الطاولة على موسكو، التي ستشهد حينها تحول البلطيق إلى بحيرة من الأعداء.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب "إيفان بولوفينين" أن روسيا ستتأثر سلبا بشدة من هذه الاحتمالية، حيث ستجد نفسها محاصرة غربا من قواعد الناتو في دول البلطيق الثلاث جنوبا، إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، إضافة إلى فنلندا شمالا.

حياد يتآكل

وذكرت الصحيفة أن المحادثات تكثفت أخيرا حول آفاق انضمام فنلندا إلى حلف الناتو على خلفية العملية العسكرية الروسية المتواصلة في أوكرانيا، منذ 24 فبراير/ شباط 2022، حيث انتقلت مناقشة هذه القضية بالفعل إلى مستوى الأحزاب السياسية.

كما بدأت استطلاعات الرأي العام تسجل استعداد الفنلنديين للانضمام إلى حلف الناتو.

وأعلن الرئيس الفنلندي "ساولي نينيستو" خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة أن حكومته مستعدة لمناقشة الانضمام إلى الناتو.

وبحسبه فإن الوضع داخل البلاد قد تغير، والسلطات منفتحة على مناقشة هذه المسألة مع البرلمان، ومنذ مارس/ آذار 2022، عقدت الأحزاب السياسية في البلاد سلسلة من الاجتماعات حول هذا الموضوع.

وصرح نينيستو أن "وضعنا في السابق كان آمنًا تمامًا، لكن الآن بالطبع يجب أن نأخذ في الاعتبار ما نراه في أوروبا".

في الوقت نفسه، أعلن الناتو بالفعل عن استعداده لقبول فنلندا والسويد إذا قررتا الانضمام إلى الحلف.

ونقلت الصحيفة عن "تيموفي بورداتشيف" مدير البرامج في منتدى فالداي الدولي، قوله إن احتمالية حدوث مثل هذا الأمر ستقرره نتائج استطلاعات الرأي العام.

وأضاف أن هذا السيناريو واقعي، خاصة من معرفة أن نصف الشعب يدعم انضمام فنلندا إلى الحلف حسب آخر التقديرات.

كما نقلت عن "إيفان كونوفالوف"، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية الروسي، أنه على يقين من وجود شكوك جدية حول احتمال قيام هلسنكي بمثل هذه الخطوة.

وبحسبه من غير المرجح أن ترغب فنلندا في التخلي عن وضعها المحايد.

وأضاف: "يتمتع الفنلنديون دائما بوضعهم المحايد، بعد أن أصبحوا حاجزا بين الغرب والاتحاد السوفييتي في الماضي. ويرجع النمو الاقتصادي لهذا البلد إلى حد كبير إلى أن الاتحاد السوفيتي تعاون مع فنلندا بقوة أكبر بكثير من دول أوروبا الغربية".

ولفت إلى أنه لا توجد الآن مشاكل عسكرية سياسية بين روسيا وفنلندا، بعد أن تم حلها جميعا منذ سنوات عديدة. لذلك، سبب انضمام هلسنكي إلى الناتو ليس واضحا.

ونتيجة لذلك، فإن هذا الانضمام لن يفيد فنلندا، حيث يمكن لذلك أن يدمر العلاقات الاقتصادية الجيدة مع موسكو.

في الوقت نفسه أن خطوات هلسنكي الإضافية نحو الحلف ستعتمد إلى حد كبير على قرار السويد، حيث تجرى أيضا مناقشة حول إمكانية انضمام السويد إلى الناتو،  "وكلا البلدين يتعرضان لضغوط جادة بشأن هذه القضية من الحلف".

موقف روسيا

ولفتت الصحيفة إلى أن موسكو علقت أكثر من مرة على الصلة المحتملة بين فنلندا وحلف الناتو.

فعلى سبيل المثال، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أخيرا إلى أن الجانب الروسي يعرف جهود الحلف لضم هلسنكي واستوكهولم إلى كتلته.

وشددت زاخاروفا على أنه "من الواضح أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، سيكون له عواقب عسكرية وسياسية خطيرة تتطلب من بلدنا اتخاذ خطوات متبادلة".

ونقلت الصحيفة عن "أليكسي أرباتوف"، رئيس مركز الأمن الدولي في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، أن انضمام فنلندا المحتمل إلى الحلف لا يمكن وصفه بأنه في مصلحة موسكو.

وهذا يعني أن دولتين أخريين من دول الناتو ذات تقنيات عالية ستظهران على الحدود البحرية والبرية لروسيا، على الرغم من إن قواتهما المسلحة الآن صغيرة جدا إلا أنها فعالة جدا.

حيث يمكن وضع القواعد العسكرية الأجنبية للولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى على أراضي الدولتين. أما بالنسبة لروسيا، سيؤدي ذلك إلى تفاقم وضعها الإستراتيجي وأمنها بشكل كبير.

وبالإضافة إلى التهديدات الأمنية، يمكن توقع تدهور عام في العلاقات بين روسيا وفنلندا، ومستوى التفاعل بين الطرفين سيتغير بالتأكيد.

فخلال سنوات الحرب الباردة، وحتى في أكثر فتراتها حدة، ظلت فنلندا دولة محايدة ولم تنضم إلى أي تحالف.

والآن سيتغير الوضع بشكل كبير، وهو الأمر الذي سيتطلب من روسيا أن تتخذ بعض الإجراءات الملموسة.

ونتيجة لذلك سيصبح هذا تدهورا متوقعا ولكنه حاد جدا في العلاقات ففي بحر البلطيق، ستصبح جميع الدول المحيطة أعضاء في الناتو، أي خصوما محتملين لروسيا.