تجنبا للحرج.. مجلة فرنسية: لهذا تحافظ الجزائر على حيادها بين روسيا وأوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط 2022، دعت أوكرانيا المواطنين من القارة الإفريقية للحضور ومحاربة الغازي إلى جانبها.  

في هذا السياق، وحرصا منها على البقاء محايدة في هذا النزاع، احتجت الجزائر بشدة على هذا البيان الذي كانت قد نشرته سفارة أوكرانيا لديها عبر صفحتها على فيسبوك.

وضمن توازن دقيق بين المواءمة وعدم الانحياز، يمكن أن يوجد التضامن مع الدولة الأوكرانية في مواقف الأخيرة وكذلك في الالتزامات الشخصية، وفق ما تقول مجلة جون أفريك الفرنسية.

في حين أن العلاقات الوثيقة مع روسيا تغري بعض الدول الإفريقية الآن، بعد أن امتنعت 17 دولة في القارة عن إدانة موسكو في الأمم المتحدة في الثاني من مارس/آذار 2022، خلال تبني قرار بعنوان "العدوان على أوكرانيا". 

اعتراض وموازنة

وقد تخلفت الجزائر عن إصدار أي بيان يخص الحرب الروسية في أوكرانيا، أو حتى الدعوة إلى التزام الحلول الدبلوماسية، لأسباب سياسية قد تكون مرتبطة بطبيعة العلاقات التي تربط الجزائر بموسكو في مجال التعاون العسكري من جهة، ولطبيعة المواقف والعلاقات مع أوروبا من جهة أخرى.

ومنذ الغزو، أصدرت الخارجية الجزائرية ثلاثة بيانات تخص وضع الجالية والرعايا الجزائريين في أوكرانيا ومسألة ترحيلهم، دون التطرق إلى المسألة السياسية والحرب التي قد تلقي بتداعياتها على عديد الدول بما فيها الجزائر.

وهذ على الرغم من أن الأخيرة تبني سياساتها ومواقفها الخارجية عادة على رفض العدوان واستخدام القوة لحل النزاعات، مع اتخاذها موقفا غير منحاز إلى أي طرف.

وتجد الجزائر نفسها محرجة من اتخاذ موقف قد يفهم منه أو من سياقه تبريرا للعدوان الروسي على أوكرانيا، ولا سيما أنها تدعو في سياساتها الخارجية إلى ضرورة احترام سيادة الدول ورفض كل أشكال الاحتلال.

وتتجنب الجزائر أخذ موقف خشية من تأثر علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وواشنطن.

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الساعات الأولى من الحرب، عن إنشاء "فيلق دولي" للدفاع عن أراضي بلاده. 

ونقلت سفارات بلاده النداء إلى "الرعايا الأجانب الساعين لمساعدة أوكرانيا في محاربة العدوان الروسي".

كان هذا النهج مصحوبا باستمارة طلب عبر الإنترنت، مما أدى إلى إحراج بعض الدول التي لا تعرف كيفية قياس شرعية مثل هذه الالتزامات إلى جانب أوكرانيا. ولم تفلت الدول الإفريقية من دعوة المقاتلين المتطوعين هذه. 

ويشعر جزء من الرأي العام الإفريقي بالحزن لرؤية أن المشاعر الدولية التي أثارتها هذه الحرب أكبر بكثير من تلك التي أحدثتها الصراعات في إفريقيا والعالم العربي.  

في هذا السياق ومن بين أمور أخرى، لم يمر رد فعل السلطات الجزائرية مرور الكرام. 

 "انزلاق خطير"

في 3 مارس، نقلت سفارة كييف في الجزائر البيان الصحفي المؤرخ في 27 فبراير، عبر حسابها على فيسبوك باللغات الأوكرانية والإنجليزية والفرنسية.  

ويحدد النص أنه بموجب قوانين الدولة الأوكرانية "يحق للأجانب التجنيد في القوات المسلحة على أساس طوعي".

وسرعان ما طالبت السلطات الجزائرية السفارة الأوكرانية بسحب هذا النص من مواقع التواصل الاجتماعي، وفق مجلة جون أفريك.

واعترضت السلطات الجزائرية على نشر السفارة نداء، كانت قد وجهته حكومة كييف لتسجيل واستقبال متطوعين أجانب للقتال إلى جانب قواتها ضد روسيا.

واضطرت السفارة الأوكرانية لسحب المنشور من صفحتها على موقع فيسبوك، بسبب اعتبار السلطات الجزائرية أنه موجه لاستقطاب الرعايا الجزائريين.

وهو ما يمنعه القانون الجزائري الذي يجرم تجنيد الجزائريين في القوات المسلحة في أية منطقة أو دولة من العالم. 

وعلى موقع "كل شيء عن الجزائر" (TSA)، الذي عنون هذا البيان بـ "الانزلاق الخطير للسفارة الأوكرانية في الجزائر"، يشير المصدر المقدم على أنه رسمي، ولكن مجهول، إلى نهج "ينتهك أحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بين الدول لعام 1961". 

والجزائر مستورد رئيس للأسلحة الروسية وهي إحدى الدول التي لم تصوت لصالح قرار الأمم المتحدة الصادر في الثاني من مارس، والذي يدعو الجميع إلى تهدئة التوترات والتوجه نحو الحوار.

وامتنعت الجزائر عن التصويت خلال الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، تجنبا للحرج بشأن علاقاتها الإستراتيجية مع موسكو وبسبب تقاطعات المصالح.

وهنا يذكر أن موسكو كانت قد صوتت قبل أشهر بالامتناع في قرار يخص النزاع في الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو بطلب من الجزائر.

وإضافة إلى الشق السياسي، بدت الجزائر متحفظة أيضا على الخوض في التداعيات الاقتصادية للأزمة في أوكرانيا، على الرغم من أنها قد تستفيد من تداعيات الحرب من خلال إمكانية تدفق الغاز الجزائري إلى أوروبا، تعويضا عن الغاز الروسي.

وهو ما دفع وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو إلى زيارة الجزائر، في 7 مارس لطلب زيادة الإمدادات.