"حمام دم".. مجلة إيطالية: روسيا تعتمد في أوكرانيا نفس إستراتيجيتها بسوريا

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رأى جنرال إيطالي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يستطيع أن يخسر الحرب التي بدأها في أوكرانيا فجر 24 فبراير/شباط 2022 "لأن ذلك يعني خسارته كل شيء".

وحذر الجنرال كارلو جان في مقال نشرته مجلة فورميكي الإيطالية، من أنه سيكون من الصعب تجنب حمام دم خصوصا وأن روسيا تستخدم نفس التكتيكات والخطط الحربية التي طبقتها سابقا في العمليات العسكرية بكل من الشيشان وسوريا. 

وذكر أن العديد من المعلقين يشرحون بأن الجنرال فاليري غيراسيموف الرئيس الحالي لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية ونائب وزير الدفاع الأول يطبق في الحرب في أوكرانيا المبادئ الإستراتيجية والتكتيكية لـ"العقيدة العسكرية" التي اشتهر بها في الغرب وهي "الحرب المختلطة". 

ويشرح بأن هذه النوعية من الحروب تنص على تكامل وثيق بين الأدوات العسكرية وغير العسكرية، بين القوات النظامية وغير النظامية، مثل الشركات العسكرية الخاصة من نوع مجموعة فاغنر، التي تستخدمها موسكو في سوريا وليبيا وشبه جزيرة القرم ومؤخرا في مالي لحماية مصالحها وتحقيق أهدافها. 

حرب نفسية

وأضاف الجنرال الإيطالي بأن الحرب النفسية والمعلوماتية تكتسي أهمية كبيرة في إستراتيجية الحرب الهجينة وتكتيكاتها.

ولفت إلى أنه "في أوكرانيا، يبدو أن الروس يعلقون أهمية هامشية فقط، إن وجدت، على مثل هذه المكونات الناعمة للقوة العسكرية، مقارنة بالمكونات الصلبة مثل القنابل والدبابات". 

في سياق متصل، يعتقد جان أن الأقلية الأوكرانية الناطقة بالروسية أقل تأييدا لموسكو بخلاف ما كان يظنه الكرملين. لذلك لم يشكلوا "طابورا خامسا" وهو ما يبرر قلة عمليات التخريب.

وفي استعراض خسائر وإخفاقات الجانب الروسي في الحرب، قال الجنرال الإيطالي إن محاولات اغتيال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كان مآلها الفشل في مرحلة التخطيط.

وأضاف أنه "من الواضح أن الأوكرانيين انتصروا في حرب المعلومات، كما أن قواتهم المسلحة ومليشياتهم المنتشرة في كامل مناطق البلاد تقاتل بضراوة". 

وأشار إلى أنه "في المدن التي تحتلها روسيا مثل خيرسون، تتجمع النساء وكبار السن والأطفال في الساحات للتظاهر ضد الغزاة وهو ما أثار تعجب الجنود الروس الشباب ودهشتهم خصوصا أنهم كانوا يظنون بأنه سيجري الترحيب بهم كمحررين".

يعتبر كارل جان أن "إرسال قوات شيشانية موالية لروسيا أدى إلى تدهور صورة الروس التي تضررت من ناحية أخرى بانتهاك الهدنة المؤقتة لحماية الممرات الإنسانية". 

وأعلن رئيس الشيشان رمضان قديروف في 25 فبراير/ شباط 2022 أن المقاتلين الشيشان الموالين له يقاتلون إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا.

وقال قديروف في خطاب له إن بوتين اتخذ "القرار الصائب وسننفذ أوامره مهما كانت الظروف".

وذكر المقال أن المقاتلين الشيشانيين الذين كلفوا بمهمة تصفية الرئيس الأوكراني زيلينسكي وبعض القادة الآخرين تكبدوا خسائر فادحة في كل من شمال كييف وفي مقاطعة ماريوبول.

وبين أن كتيبة من قواتهم الخاصة تعرضت إلى خسائر فادحة على إثر هجوم أوكراني استخدمت فيه المسيرات التي اقتنتها كييف من تركيا. 

وكانت شبكة قناة الجزيرة القطرية بثت مقاطع فيديو لمقاتلين أوكرانيين وهم يدهنون رصاصهم بشحم الخنزير استعدادا لمواجهة مقاتلين شيشانيين مسلمين. 

الممرات الإنسانية

على جانب آخر، عبر الجنرال الإيطالي عن استغرابه من انتهاك الروس اتفاقيات الممرات الإنسانية.

وقال "لا يبدو لي أن زيادة المعاناة والرعب في صفوف السكان يمكن تعويضها بالفشل في إخلاء المدن من سكانها، مما يسمح لهم بمهاجمة المقاتلين المتبقين فيها دون عوائق".

وبين أن "هذه الأسئلة حول الإستراتيجية والتكتيكات التي اعتمدها الروس أثارت اهتمامي، لذلك ذهبت لمراجعة اثنين من الكتابات التي اشتهر بها الجنرال الروسي (فاليري غيراسيموف)". 

وتابع "وكذلك أعدت أيضا قراءة سيرته الذاتية، لمعرفة الخبرات التي جمعها في الميدان، خاصة وأنها تؤثر على معتقدات كل قائد عسكري".

 وصرح بأنه لم يتفاجئ بعدم استخدام غيراسيموف المطلق لمصطلح "الحرب المختلطة". 

وغيراسيموف الذي تولى قيادة الأركان الروسية منذ عام 2012 يعد  مخترع "الحرب الهجينة" الروسية، التي تدمج بين اللجوء إلى الأسلحة التقليدية والوسائل غير العسكرية، مثل نشر المعلومات المضللة والهجمات الإلكترونية، لتحضير الميدان للجنود.

 كما أطلق تسمية "عقيدة غيراسيموف" دلالة على هذا النهج العسكري في مقال له في الأكاديمية الروسية للعلوم العسكرية تحدث فيه عن التغيير الجذري في أشكال وأساليب الحرب الحديثة عام 2013.

من ناحية أخرى، "لم أفهم تماما لماذا لم يقترح غيراسيموف الإستراتيجيات والتكتيكات للقوات المسلحة الروسية وإنما تبناها بدلا من ذلك أعداء روسيا أي الناتو (حلف شمال الأطلسي)"، يستغرب الجنرال الإيطالي.

وبين أنه "من خلال السيرة الذاتية لغيراسيموف، يمكن ملاحظة أن خبرته القتالية المباشرة الوحيدة كانت قيادة فرقة في العامين الأولين من الحرب الشيشانية الثانية (1999-2009)". 

خلال هذه الأحداث، جرى تدمير غروزني بالكامل بينما فر السكان الناجون إلى الجبال خشية استمرار حرب العصابات الشرسة.

وأوضح أن "الإستراتيجية والتكتيكات التي اتبعها الروس في أوكرانيا تشبه تلك المستخدمة في الشيشان وسوريا، وتحديدا في حلب. إذ يجري تدمير المدن بشكل منهجي عن طريق القصف الجوي والبري".

ويشرح بأن هذا يفسر "سبب عدم اهتمام القيادة الروسية بتولي السيطرة الإدارية على المدن التي يجري احتلالها في أوكرانيا لذلك يتركونها للمسؤولين المحليين كما أنهم لا يهتمون حتى بالحصول على إجماع معين من السكان المتبقين من خلال تزويدهم بالطعام والأدوية".

وحذر من  "أن العمليات القتالية والتكتيك الروسي المتبع قد ينتهي بحمام دم، لذلك يتجه الوضع أكثر نحو التأزم والتصعيد طالما لا يقتنع بوتين بأنه لا يستطيع تحقيق نصر كامل". 

وبحسب قوله، "على عكس الزعيم الديمقراطي، لا يمكن للحاكم المستبد أن يخسر الحرب ولا يمكنه التخلي عن بعض الأهداف التي أعلن أنه "لا غنى عنها". 

وفي حالة الهزيمة أو الانتصار الجزئي، يفقد قوته ويتمكن من الهروب إلى المنفى في أفضل الحالات وقد يفقد حياته في أسوئها.