رفضوا إدانة غزو أوكرانيا.. هكذا يساند "أولاد زايد" قتلة الشعوب حول العالم

أحمد يحيى | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

"إذا فسد الإنسان في قدرته، ثم في أخلاقه ودينه، فسدت إنسانيته وصار مسخا على الحقيقة"، هكذا قال عالم الاجتماع الإسلامي الشهير ابن خلدون قبل قرون.

ما قاله ابن خلدون يظهر بوضوح في الدعم الذي أظهره حكام الإمارات للغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، الذي يضع ملايين البشر تحت طائلة أسلحة رادعة فتاكة.

فعندما كان العالم أجمع يحاول إدانة الغزو ووقف العدوان على المدنيين هناك، كان لأبوظبي وقلة من دول الأمم المتحدة رأي آخر برفض الإدانة، واتخاذ موقف سلبي منحاز، ما أغضب المجتمع الدولي، وفتح الباب أمام تاريخ الإمارات المتعلق بخذلانها للإنسانية في النزاعات والمآسي الكبرى.

كما ذكر بمواقفها المريبة في انتهاكات الإيغور المسلمين والروهينغا ومسلمي الهند، وتعاطيها مع الحرب السورية، وغيرها من المواقف المماثلة. 

صفقة قذرة 

في 25 فبراير 2022، ثاني أيام الغزو الروسي لأوكرانيا، أعلنت الولايات المتحدة عن مشروع قرار إلى مجلس الأمن لوقف العدوان الروسي، ومطالبة الكرملين بسحب قواته الفوري من أراضي أوكرانيا المحتلة. 

واستهدفت واشنطن عزل موسكو دبلوماسيا والضغط عليها وإظهارها منبوذة من قبل المجتمع الدولي.

ومع موافقة غالبية دول العالم انحيازا للموقف الإنساني وتضامنا مع الشعب الأوكراني الذي غدا بين قتيل وطريد ومحاصر، كانت الصدمة برفض بعض الدول لهذا القرار، ومنها الإمارات العربية المتحدة. 

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن دبلوماسي أوروبي في الأول من مارس/آذار 2022، "أن الإمارات عقدت صفقة قذرة مع روسيا، بخصوص غزو أوكرانيا مقابل هجومهم على اليمن والحوثيين" على حد تعبيره. 

وتسبب العدوان الروسي على أوكرانيا إلى تهجير أكثر من مليوني نازح حتى مطلع مارس 2022، فيما سقط مئات القتلى من المدنيين. 

وهو ما أغفلته الإمارات في عدم إدانتها لروسيا، وذكر بمواقف مماثلة كانت أبوظبي فيها مناهضة للإنسانية، وأحيانا شريكة في الجريمة نفسها. 

الموقع الأسود 

ولا يمكن إغفال موقف الإمارات من معاناة مسلمي الإيغور، على يد الحكومة الصينية ضد ملايين المسلمين في الإقليم البالغ عددهم قرابة 10 ملايين نسمة.

وتحملت هذه الأقلية المسلمة العبء الأكبر من حملة القمع الحكومية التي يقودها الحزب الشيوعي الحاكم، إذ يسعى إلى محاصرتهم و"سحق" معتقداتهم الإسلامية عبر خطط بدأ تنفيذها بالفعل، كان أبرزها وضعهم في معسكرات اعتقال قاسية. 

لكن الأخطر في هذه الجزئية ما كشفته وكالة "أسوشيتيد برس" الأميركية،  في 16 أغسطس/ آب 2021، عن وجود سجن سري تديره الصين في مدينة دبي، ويستخدم لاحتجاز أفراد من أقلية الإيغور المسلمة التي تقيم لها بكين معسكرات تضطهدها فيها.

ونقلت الوكالة على لسان فتاة صينية تدعى "وو هوان" أنها اعتقلت لمدة 8 أيام في سجن سري تديره الصين في دبي مع اثنين على الأقل من الإيغور.

الشابة الصينية أخبرت الوكالة الأميركية أنها اختطفت من فندق في دبي واحتجزها مسؤولون صينيون في فيلا حولت إلى سجن، إذ شاهدت أو سمعت سجينين آخرين كلاهما من الإيغور.

وقالت إنها استجوبت وهددت باللغة الصينية وأجبرت على التوقيع على وثائق قانونية.

وفي 23 مايو/أيار 2019، أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ، عن شكره للإمارات على دعمها سياسات بلاده بخصوص أقلية الإيغور المسلمة في إقليم "شينجيانغ" المعروف بـ"تركستان الشرقية"، غربي الصين.

جاء ذلك خلال لقائه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، في العاصمة الصينية بكين.

وتعرضت بكين لحملة ضغوط دولية على خلفية احتجازها ما يصل إلى مليون شخص غالبيتهم من المسلمين الإيغور في معسكرات لإعادة تأهيلهم تحت شعار مكافحة الإرهاب.

إلا أن الدول العربية المسلمة امتنعت بشكل عام عن توجيه الانتقادات للصين أو مناصرة المسلمين، بل تورطت يدها في حملات التعذيب والاحتجاز عبر الموقع الأسود والسجون السرية. 

ناصرت الهندوس 

إستراتيجية الخذلان الإماراتية طالت أيضا مسلمي الهند، الذين يقعون أسرى لدعوات التطهير العرقي والقتل، مع تردد الحكومة في اتخاذ أي إجراء ضد الأجندة المتطرفة، من قبل حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي الحاكم، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

والأخير وصل إلى الحكم عام 2014، والتزم بأجندة هندوسية، ليعزز الانقسام الطائفي ويقوي شوكة مجموعات هندوسية متشددة تعتبر الهند وطنا قوميا وتسعى لتقويض دعائمه العلمانية على حساب الأقلية المسلمة التي تشكل نحو 15 بالمئة من سكان الهند (200 مليون نسمة).

وحرقت تلك المجموعات مساجد المسلمين وبيوتهم، كما أنها مستمرة بقتلهم وصت صمت عالمي. 

لكن الأصعب هو موقف أبوظبي، فبدلا من شجب وإدانة تلك الجرائم، جاء الوضع معكوسا.

ففي أبريل/نيسان 2019، منحت الإمارات رئيس وزراء الهند "وسام زايد" الذي يعد أعلى وسام تمنحه لملوك ورؤساء وقادة الدول.

وجاء هذا "تثمينا لدوره في دعم وترسيخ علاقات الصداقة التاريخية والتعاون الإستراتيجي المشترك بين البلدين".

هذا إضافة إلى بناء أول معبد هندوسي على مساحة 55 ألف متر مربع في منطقة بومريخة التي تقع على الطريق السريع بين دبي وأبوظبي.

ويتضمن المعبد معرضا فنيا، وقاعات، ومكتبة، وصالة رياضية، والمزيد من المرافق. فيما جرى التغافل عن قتل المسلمين وحرق مساجدهم.

دولة وظيفية 

عن هذا، يعلق الباحث السياسي محمد ماهر: "إننا وإذ نتحدث عن الإمارات وموقفها من العنف والانتهاكات والحروب القذرة في العالم، لا بد أن نعود للمصطلح الذي ابتدعه المفكر الدكتور عبدالوهاب المسيري، عما يسمى الدولة الوظيفية".

وأردف في حديثه "للاستقلال": "رغم أنه كان يقصد به الدولة الصهيونية وجماعات العنف، لكن بتطبيقه على الإمارات في هذا الزمان، سنجده متوافقا تماما مع دور أبوظبي".

فالدولة الوظيفية بحسب مفهوم المسيري، هدفها إدامة العنف، وتعطى إليها وظائف معينة من المهام الدنيئة لا يمكن لغالبية أعضاء المجتمع الدولي الاضطلاع بها. 

وأضاف: "مع الوقت تحولت الإمارات إلى الوظيفة الموكولة إليها من طرف القوى الاستعمارية الكبرى، حيث يعد العنف جزءا أساسيا في معاملتها مع الآخر، وذلك عبر تعهد من الطرف الأول بإدامته، وميثاق من الطرف الثاني بالاستمرار بالوجود على الكرسي والنظام".

وواصل بالقول: "وإذا كانت أوروبا تتحدث عن صفقة قذرة عقدتها الإمارات مع روسيا، فإنها أجرت عقدا أقذر مع الغرب حينما استخدمت في وأد ثورات الربيع العربي، وتدمير اليمن، وإشعال الحرب في ليبيا، والعبث في مصر، وهو ما راح ضحيته آلاف البشر". 

واستطرد: "لا شك أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، هو عراب تلك السياسة، فالإمارات تأخذ الطرف الأسوأ حتى ولو لم يكن لها مصلحة تذكر".

ومما يذكر هنا أن الدولة الخليجية جعلت الإسلام السياسي وحركات الإصلاح والتغيير، هي العدو الرئيس والأساسي لها والمهدد لوجودها، فحاربته وقمعته بكل ما تستطيع من قوة وفي كل موطن من أنحاء العالم.

كما نراها تدعم الإسلاموفوبيا واليمين المتطرف في أوروبا، وتساند الحكومة الهندية في سحق المسلمين، وتؤيد الصين في موقفها من الإيغور، وتنفق المليارات على دعم أيديولوجيات مختلفة على رأسها الصوفية، كتيار بديل عن الإسلام السني، وفق قوله.