بين الإدانة والدعم.. مركز إيطالي: غزو روسيا لأوكرانيا أحدث انقساما بأميركا اللاتينية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

اعتبر مركز "الدراسات الجيوسياسية" الإيطالي أن غزو روسيا لجارتها أوكرانيا، تسبب في حدوث انقسام بين دول أميركا اللاتينية، بين داعمين لموقف موسكو، وداعين لحل الأزمة عبر الحوار، وآخرين منددين بهذا النهج العسكري في تسوية الخلافات.

وأوضح المركز أن فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا دعمت موقف روسيا ولجوئها للحل العسكري بداية من 24 فبراير/ شباط 2022، لحماية أمنها القومي وردع التقدم الأميركي نحو حدودها، من أجل تطويقها.

دعم صريح

وذكر المركز أن بعض ردود الفعل خاصة الداعمة لروسيا، أظهرت الروابط الوثيقة من التحالفات والمصالح الاقتصادية التي نسجها الرئيس فلاديمير بوتين في أميركا اللاتينية.

وأضاف أن الدول التي أعربت عن دعمها لروسيا هي فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا، وجميعها عززت علاقاتها مع بوتين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى معارضتها الصريحة للولايات المتحدة.

وجاء أبرز موقف من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي أدان عبر منشور على تويتر ما وصفها بـ"الخطط التي تسعى إلى محاصرة روسيا عسكريا وإستراتيجيا"، في إشارة إلى إستراتيجية توسع حلف الشمال الأطلسي "ناتو" شرقا.

وأضاف أن روسيا "ستخرج متحدة ومنتصرة من هذه المعركة مثيرة إعجاب شجعان العالم".

واعتبر المركز أن تصريحات مادورو لم تحمل في طياتها أي مفاجأة بالنظر إلى الصلة القائمة بين كراكاس وموسكو.

في نفس السياق، أشار إلى أنه خلال السنوات العشرين الماضية، تم التوقيع على أكثر من 300 اتفاقية عسكرية بين الجانبين بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 11 مليار دولار.

وأردف مركز الدراسات الإيطالي أن كوبا تعد حليفا كبيرا آخر لبوتين في أميركا اللاتينية، وهو ما يظهر من البيانات الداعمة لروسيا والتي تتهم الولايات المتحدة والناتو في التسبب بالتصعيد، معتبرة أيضا أن العقوبات التي فرضتها الإدارات الأميركية غير عادلة.

وانتقد بيان صادر عن الحكومة الكوبية في 27 فبراير 2022، "إصرار واشنطن على توسيع حلف الناتو إلى حدود روسيا وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى عواقب واسعة النطاق لا يمكن التنبؤ بها وكان من الممكن تجنبها."

 ولفت نفس البيان إلى أن التحركات ذات الطبيعة العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة وحلف الناتو في الأشهر الأخيرة باتجاه المناطق المتاخمة لروسيا، وسبقها إرسال أسلحة حديثة لأوكرانيا، هي أمور إذا اجتمعت كلها "تعتبر تطويقا عسكريا تدريجيا".

بدورها، دافعت دولة نيكاراغوا ممثلة في رئيسها دانيال أورتيغا عن قرار بوتين بالاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين عن أوكرانيا.

وادعى أورتيغا أن روسيا "تدافع عن نفسها ببساطة" والولايات المتحدة "تستخدم أوكرانيا لاستفزاز روسيا".

إدانات حاضرة

في المقابل، أفاد المركز الإيطالي بأن أوروغواي بقيادة رئيسها "لويس لاكالي بو" كانت من بين الدول في المنطقة التي أدانت بشدة الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.

وأدانت حكومة أوروغواي أولا الاعتراف بجمهوريات دونباس، مذكرة بضرورة احترام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2202 لعام 2015 بشأن النزاع في دونباس.

ودعت أيضا إلى حل دبلوماسي وسلمي "يحترم سيادة واستقلال ووحدة أراضي أوكرانيا".

بدورها، انتقدت كوستاريكا تماشيا مع فلسفتها السلمية (ليس لديها قوات مسلحة)، الهجوم العسكري الروسي بشدة بإصدار بيان رسمي.

وحكومة كوستاريكا هي إحدى دول أميركا اللاتينية القليلة التي أشارت صراحة إلى "عمل أحادي يقوض السلام والاستقرار الدوليين، ويتعارض مع ميثاق وروح الأمم المتحدة".

وبنفس اللهجة، عبرت كولومبيا من خلال بيان للرئيس إيفان دوكي، على الرفض القاطع للحرب "ونضم صوتنا إلى جميع أصوات المجتمع الدولي التي تطالب اليوم بانسحاب سريع للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية".

كما أيد دوكي العقوبات التي أعلنت الدول الغربية فرضها ضد روسيا.

وجاءت مواقف أكثر اعتدالا لكنها في نفس الاتجاه من الرئيس الشيلي المنتهية ولايته لسيباستيان بينيرا وخليفته غابرييل بوريك.

وأعلن كلاهما رفض الاعتراف بجمهوريات دونباس ومعارضة الغزو العسكري، واعتبرا بأنها تصرفات تنتهك السيادة الإقليمية الأوكرانية ولا تتماشى مع القانون الدولي. كما دعا كلاهما إلى حل سلمي مع التذكير باتفاقات مينسك لعام 2014.

بدوره، انضم رئيس المكسيك مانويل لوبيز أوبرادور، إلى الإدانة الدولية بالتأكيد على مبدأ عدم التدخل وخاصة مبدأ تقرير مصير الشعوب.

بينما أصدر وزير الخارجية مارسيلو إبرارد، نيابة عن الرئيس أوبرادور، بيانا على تويتر، رفض فيه الغزو الروسي وأدانه.

وعلى إثر إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال منطقتي لوهانسك ودونيتسك، كانت مندوبة المكسيك بمجلس الأمن قد طالبت روسيا الالتزام بقرارات مجلس الأمن والتهدئة والحوار، خلال جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن لبحث الوضع في أوكرانيا.

البرازيل والأرجنتين

من ناحية أخرى، اعتبر المركز الإيطالي أن موقف  البرازيل ملفت للانتباه، حيث طلبت من خلال رئيسها جايير بولسونارو فتح قنوات للحوار والامتثال لميثاق الأمم المتحدة.

كما أكد أن الحل المحتمل يمكن أن يستند إلى اتفاقيات مينسك طالما أنها "تحترم المصالح الأمنية المشروعة لروسيا وأوكرانيا".

ويأتي موقف بولسونارو في أعقاب زيارة لروسيا مؤخرا أثارت الكثير من الانتقادات، خاصة من الولايات المتحدة.

وتعد البرازيل حاليا عضوا في مجلس الأمن الدولي، وصوتت في 25 فبراير 2022 لصالح القرار الذي يدين التدخل الروسي.

بدورها، تحافظ الأرجنتين على علاقات ممتازة مع حكومة بوتين، وحث رئيسها ألبرتو فرنانديز جميع الأطراف المعنية على المضي قدما في المفاوضات الدبلوماسية لإيجاد حل سياسي للتوتر المتزايد.

ودعا إلى أن يكون الحل "وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وعدم استخدام القوة بين الدول، واحتراما تاما لحقوق الإنسان ".

وأثار موقف الحكومة الأرجنتينية انتقادات داخلية عديدة، تتهم الرئيس فرنانديز بالتمسك بموقف ضعيف للغاية وعدم إدانته بوضوح الغزو الروسي.

 كما جاءت الانتقادات على إثر الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأرجنتيني إلى روسيا، والتي أعلن فيها أن الأرجنتين "يجب أن تكون بوابة موسكو في أميركا اللاتينية"، يختم المركز الإيطالي.