فرصة كبيرة.. هل يخرج الشعب اللبناني من عنق الزجاجة عبر انتخابات البرلمان؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في مايو/ أيار 2022، تمثل فرصة كبيرة للشعب اللبناني، حال اختار وجوها غير تقليدية واستبعد مرددي الشعارات الكاذبة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن.

وأضافت الصحيفة في مقال للصحفي محمد خير ندمان، بنسحتها الفارسية، أن الشعب اللبناني في وضع لا يحسد عليه منذ عقود أوصله حاليا ليكون في أزمة من الأعقد عالميا وفق الأمم المتحدة.

صعود وهبوط

وذكرت الصحيفة أن لبنان يعيش أزمة بشرية كبرى ناتجة عن انهيار الاقتصاد، اعتبرها البنك الدولي والأمم المتحدة، إحدى أصعب الأزمات المالية في عدة قرون.

وللسبب نفسه الوضع الحالي المؤسف بالنسبة للبنان كان تغيرا صادما، وأحد الاقتصادات الموفقة للشرق الأوسط في عقد التسعينيات.

لكن بعد ذلك واجه لبنان أزمة مالية، واتخذ نفس المسير الذي تتخذه عادة الدول التي تعاني من أزمات مالية بشكل اضطراري، لكن بعد فترة قصيرة انهار الاقتصاد بسرعة مذهلة.

وبعد انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت خمسة عشر عاما (1975 - 1990)، قرر لبنان أن يربط عملته بالدولار الأميركي، وألا يسمح للأسواق المالية العالمية بتحديد قيمتها.

وعد البنك المركزي اللبناني أن معدل التحويل إلى الدولار سيكون 1507 ليرات لبنانية. ولكن أدت هذه السياسة إلى ثبات سعر الصرف.

وفي الوقت نفسه كانت البنوك اللبنانية ملزمة بالحفاظ على مبالغ كافية بالدولار؛ كي تستطيع كل البنوك أن تلتزم بتعهداتها بسعر صرف محدد.

ومن ناحية أخرى، كانت الشركات اللبنانية في حاجة إلى الدولار لدفع ثمن البضائع المستوردة، ويعتبر هذا جزءا كبيرا من اقتصاد دولة تستورد أغلب سلعها المستهلكة من الخارج.

ووفق هذه السياسة، لم يواجه لبنان أي مشكلة مالية لسنوات، لكن بعد عام 2011، تغير الوضع تماما؛ لأن الحرب الأهلية في سوريا وسائر التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط تسببت في إحداث ضرر بالغ للاقتصاد اللبناني.

ولنفس السبب، قدم البنك المركزي اللبناني خطة على أساسها تزداد معدلات الفائدة السنوية بالنسبة للأفراد الذين يودعون أموالهم بالدولار بحوالي 20 بالمئة.

 لكن السبيل الوحيد لتحقق هذا الوضع بالنسبة للبنوك هو استغلال أموال المودعين السابقين من أجل الدفع للمودعين الجدد.

بالإضافة إلى ذلك، انخفضت قيمة الليرة اللبنانية في السوق السوداء منذ عام 2019 إلى ما يزيد عن 90 بالمئة، مما تسبب في زيادة معدل التضخم وانخفاض معدلات الإنتاج في لبنان.

ما بعد 2019

وأوضحت الصحيفة أن لبنان مر بالعديد من التغيرات بعد عام 2019 أدت إلى شدة تدهور الأوضاع الاقتصادية.

في البداية، حاولت الحكومة اللبنانية فرض ضرائب على مكالمات تطبيق الواتس آب المجانية؛ كي تزيد من مستوى الدخل الخاص لها.

فمن منطلق أن المكالمات الهاتفية باهظة الثمن اتجهت العديد من العائلات اللبنانية إلى استخدام الواتس آب في الاتصالات.

وأثار فرض الضرائب على الواتس آب غضب الشعب، وأفسح المجال لبداية انتشار الاحتجاجات، والعنف في بعض الأحيان.

ومن ناحية أخرى عملت جائحة كورونا على إضعاف الاقتصاد اللبناني، ومن ثم تقليل السياحة بشدة، والتي تشكل مصدرا مهما للاقتصاد اللبناني.

ناهيك عن الانفجار المرعب لمرفأ بيروت في 2020، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، بالإضافة إلى تدمير أجزاء مهمة لمدينة بيروت، ومن ثم تسبب في ضربة كبرى أخرى للاقتصاد.

وبعد شهور من المحاولات غير الموفقة، تشكلت حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي، ذلك الملياردير الذي تولى منصب رئاسة الوزراء مرتين منذ عام 2005.

وعلى هذا الحال، لم يغير تشكيل حكومة جديدة الحالة الشاذة للاقتصاد، وخاصة وأن حياة العديد من الأسر اللبنانية معتمدة على الأموال التي يرسلها لهم أقاربهم من الخارج.

وفي الوقت الراهن ينتظر الشعب اللبناني الانتخابات النيابية في مايو 2022. ويعيش على أمل أن تمهد بشكل تدريجي طريقا لخروج لبنان من الأزمات المعقدة، والاضطرابات الداخلية، والعزلة الدولية التي يواجهها حاليا.

وعلى الرغم من أن بعض الدول على استعداد لتقديم مساعدات مالية من أجل إحياء الاقتصاد اللبناني المتدهور، إلا أن المجتمع الدولي اشترط أن تكون هذه المساعدات في سبيل إحداث بعض الإصلاحات المالية ومحاربة الفساد المتفشي في لبنان.

وحتى الآن لا تلوح في الأفق أية علامة على احتمالية إحداث الإصلاحات سالفة الذكر؛ لأن النخب السياسية تعارض إحداث أي نوع من الإصلاحات التي تقحم مصالحها في خطر.

وبناء على ذلك توصل الشعب اللبناني إلى نتيجة مفادها أن الحل الوحيد لإحداث تغييرات شاملة والوصول إلى مطالبهم التي لم تتحقق من خلال الاحتجاجات طويلة الأمد يتمثل في الذهاب إلى صناديق الاقتراع.

مفترق طرق

كما لفتت الصحيفة إلى تحد آخر يواجهه لبنان متمثل في عملية هجرة العقول حيث طوال فترة الحرب الأهلية غادر لبنان عدد لا بأس به من النخب والأفراد الموهوبة بحثا عن حياة أفضل.

وفي الحقيقة مغادرة البلاد بالنسبة لعدد كبير من النخب تعتبر منفى؛ لأنهم اضطروا إلى المغادرة لأسباب خارجة عن إرادتهم.

ويأمل العديد من زعماء المعارضة في لبنان أن يصلوا إلى نتيجة جيدة في الانتخابات النيابية المقبلة.

وكذلك، عدد من زعماء الفصائل السياسية التي كانت معترضة على ظروف الحكم وكانت قد كفت عن أنشطتها، عادت مرة أخرى إلى الظهور في الساحة بغرض اتحاد الجماهير مع المعارضة، وتحفيز الشعب لدعم المرشحين الذين يستعدون لمنافسة الأحزاب الحاكمة.

والمعارضة تعتقد أن الطبقة الحاكمة وضعت الشعب اللبناني أمام ثلاث خيارات وهي: مغادرة البلاد، أو الاستسلام أمام مطالب الطبقة الحاكمة، أو اللجوء إلى من بإمكانه أن يدعمهم ويقدم لهم خدمات.

وبلا شك في النهاية تستعد جميع الأحزاب السياسية للمنافسة في الانتخابات النيابية المقبلة، وتدافع عن مواقفها والامتيازات الخاصة بها، ووفقا لذلك يجب على الشعب اللبناني أن يكون مطلعا ويدلي بصوته في الانتخابات بدقة شديدة.

وخاصة وأن الانتخابات تفسح المجال وتهيئ فرصة كبيرة للشعب اللبناني لإخراج الأشخاص الذين تسببوا في الاضطرابات والأزمات من دائرة السلطة.

ومما لا شك فيه أن الشعب اللبناني يستطيع أن يصل إلى هدفه العظيم في وقت ما، المتمثل في استبعاد الانتماءات الطائفية، المذهبية، والحزبية، ومحاولة إنقاذ الدولة من عنق الزجاجة العالقة فيه.

لذا على الشعب اللبناني أن يحاول انتخاب وجوه جديدة، وألا يدلي بصوته مرة أخرى للوجوه السياسية التقليدية التي لا تملك سوى رفع الشعارات الكاذبة، ولا تخدم الشعب، كما تقحمه في تحديات بالغة.