معهد إيطالي يحذر من "آثار مدمرة" في دول البلطيق بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط معهد إيطالي الضوء على التوتر المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا كل يوم، ومحاولة الدبلوماسية بكل الطرق تجنب صراع "قد يكون له آثار مدمرة".

وأشار معهد "تحليل العلاقات الدولية" إلى أنه "على الحدود الأوكرانية، تحشد القوات والمعدات وأسلحة قوية ومخيفة، بينما يخشى الأوكرانيون خطرا داهما، والجميع يستعد لحرب لا يريدها أحد، ولكنها باتت وشيكة".  

وحذر المعهد في مقال نشره موقعه، من أن الأزمة في أوكرانيا من شأنها أن تزعزع الاستقرار ليس فقط لحكومة كييف ودول أوروبا الشرقية ولكن أيضا في دول البلطيق. 

وتتمثل هذه الدول في إستونيا لاتفيا وليتوانيا، وهي ذات سيادة وتقع في أوروبا الشمالية على الساحل الشرقي لبحر البلطيق وثلاثتها أعضاء في حلف شمال الأطلسي، ومنطقة اليورو وأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

زعزعة الاستقرار

وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة كانت قد أمرت عائلات دبلوماسييها بمغادرة أوكرانيا "بسبب التهديد المستمر بعمل عسكري روسي".

وجاء في بيان صادر عن الخارجية الأميركية منذ أسابيع أن الموظفين المحليين والموظفين غير الأساسيين يمكنهم مغادرة السفارة في كييف إذا رغبوا في ذلك.

وقال إن على المواطنين الأميركيين المقيمين في أوكرانيا "التفكير الآن" في مغادرة البلاد عبر الرحلات الجوية التجارية أو وسائل النقل الأخرى.

وحذرت واشنطن من أن "الوضع الأمني، خصوصا على طول الحدود الأوكرانية، في شبه جزيرة القرم التي تحتلها موسكو وفي دونيتسك التي تسيطر عليها روسيا، لا يمكن التنبؤ به ويمكن أن يتدهور في أي وقت".

وأشار المعهد الإيطالي إلى أن "الوضع نفسه يسود أيضا في دول البلطيق، لا سيما وأن الخوف من زعزعة الاستقرار التي من شأنها أن تتسبب في انجراف كل أوروبا الشرقية في حالة من الفوضى يخيم على المحادثات اليومية للعائلات التي تشعر بأنها محاصرة وتأمل في مساعدة الحلفاء".

ولفت إلى أن "هذه المخاوف يغذيها التاريخ الطويل لبلدان البلطيق الذي اتسم بحروب عديدة طويلة ودامية وشعوب تقاتل بعضها البعض للحصول على استقلالها".

وتابع: "الآن وبعد أن بات هناك تهديد جدي للعودة إلى ذلك الوضع، فمن الطبيعي أن تشعر شعوب البلطيق بالقلق وتحاول حماية نفسها قدر الإمكان".

هشاشة الجمهوريات

وقال الموقع إن "دول البلطيق تشعر رغم كونها تحت المظلة الحامية لحلف الناتو، بالهشاشة والعزل وكذلك بحجم التوتر الذي يتراكم على حدودها، وتسعى إلى الحصول على التطمينات الكافية، لأنها تخشى على بقائها".

وأضاف أنه من ناحية أخرى "من المؤكد أن دول البلطيق تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، وهم بحاجة ماسة إليه للتدفئة وللحفاظ على استمرارية اقتصادهم". 

وشرح الموقع أن اقتصاد دول المنطقة "يرتبط ارتباطا وثيقا باقتصاد روسيا، وتخشى هذه الدول أن وضع التبعية هذا يمكن أن يستمر لفترة طويلة قادمة". 

واستنتج أنها "تشعر بالتهديد جراء هذا الوضع، لا سيما وأن روسيا تواصل حشد قواتها على الحدود بينما تظل في حاجة ملحة للحصول على الغاز والنفط".

وأشار إلى أن "التهديد الروسي يأتي أيضا من الشبكة العنكبوتية، خاصة مع تسجيل العديد من الهجمات الإلكترونية في الماضي التي استهدفت منطقة البلطيق بأكملها، مما أدى إلى حجب مواقع حكومية ومواقع صحف ونشر الكثير من الأخبار الكاذبة فيها للتضليل وزعزعة الاستقرار". 

وبعبارات عسكرية، اعتبر الموقع أن دول البلطيق  تقع في "ميدان الرماية" الروسي لذلك ترغب في الحصول على الحماية الضرورية التي قد تحتاجها في حالة وقوع هجوم روسي على أوكرانيا، لا سيما وأن المنطقة بأكملها ستفقد استقرارها.  

ورجح بأنه "من غير المستبعد أن يطمع الجيش الروسي في وضع كامل بحر البلطيق ضمن أهدافه التوسعية". 

البلطيق والناتو

في غضون ذلك، أعلن حلف الناتو في بيان أن دوله "تعد لوضع قوات احتياطية في حالة تأهب، وأنها أرسلت سفنا ومقاتلات لتعزيز دفاعاتها في أوروبا الشرقية ضد الأنشطة العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا".

بدورها، قالت المتحدثة باسم الناتو، أوانا لونجيسكو، إن "حلف شمال الأطلسي يبقى متيقظا ويواصل تقييم ضرورة تعزيز الحد الشرقي لتحالفنا".

وتابعت أن "مطالب روسيا ستنتج أعضاء في الحلف الأطلسي من الدرجة الأولى والدرجة الثانية، وهو ما لا يمكننا قبوله".

وأكدت أن "الناتو لن يتخلى عن قدرته على حماية أنفسنا والدفاع عن بعضنا البعض بشكل متبادل، بما في ذلك عبر وجود قوات في القسم الشرقي من الحلف".

وأكد موقع المعهد الإيطالي أن "دول البلطيق تعتمد على الحلف الأطلسي لحماية مصالحها، وبينما تأمل بالطبع ألا يكون هناك تصعيد ولا حرب، تستعد وتحاول حماية شعوبها". 

وفي هذا الصدد، يذكر أنه في عام 1993، ولدت كتيبة البلطيق (BALTBAT)، والتي انضمت إليها أيضا المملكة المتحدة والنرويج والسويد وفنلندا (الأخيرتان، محايدتان تقليديا ولا تنتميان إلى الناتو).

وتعتمد الكتيبة على الدور التنسيقي الذي تلعبه الدنمارك وعلى التدريب البريطاني والتمويل الأميركي، "لكن يبدو الآن أن هذا لم يعد كافيا في مواجهة العدوان الروسي والتوتر المتزايد"، وفق قول الموقع الإيطالي.

التوتر في البلطيق

وأعلنت دول البلطيق إرسال صواريخ مضادة للدبابات وللطائرات إلى أوكرانيا بعد أن وافقت الولايات المتحدة على طلبها بنقل أسلحة أميركية تحسبا لهجوم عسكري روسي. 

وأشار الموقع إلى أن "احتمال انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي يعني ضمنيا أن المسافة بين الحدود الأوكرانية والعاصمة ستتقلص إلى 300 كيلومتر فقط، ولا يوجد دولة بينها ولا سلسلة من الجبال لتجاوزها".  

ومن ثم يصبح من المفهوم أن تعتبر موسكو أن "هذه الفرضية غير مقبولة لدرجة أنها مستعدة للمخاطرة بالدخول في حرب لمنعها". 

إلى الغرب، تبلغ المسافة مع دول البلطيق، حيث توجد بالفعل قوات الناتو مع المعدات والقواعد العملياتية، 800 كيلومتر، وفي الوسط تقع بيلاروسيا، "معقل الدعاية الروسية"، وفق تعبير الموقع. 

إلى الجنوب، في منطقة القوقاز الجبلية الصعبة، تقع العديد من الدول العازلة لتكون بمثابة حاجز مع تركيا التي هي أيضا عضو في الناتو.  

وخلص الموقع للقول إن "الغربيين يواصلون الاستمرار في إعلان عدم نيتهم ​​مهاجمة روسيا والقول إن توسع حلف الناتو قرب الحدود الروسية يأتي استجابة لطلب محدد من تلك الدول نفسها ولا يعني رغبتها في ذلك".