بسبب تهديدات الشرق الأوسط.. ما احتمالية إنهاء واشنطن الانسحاب التدريجي لقواتها؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

رغم سعي الإدارة الأميركية إلى الانسحاب العسكري من الشرق الأوسط، فإنها وجدت نفسها مجبرة على إرسال قواتها من جديد بسبب التطورات المتسارعة والخطيرة في المنطقة.

وأدى فك الارتباط المتصور من قبل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى تحول إستراتيجي في الأولويات الإقليمية بالآونة الأخيرة، وفق ما يقول موقع "سي إن إن" الأميركي.

إنذارات أمنية

ويبدو أن الإنذارات بشأن اضمحلال المظلة الأمنية الأميركية، دقت بأعلى صوت في العواصم العربية بعد هجوم 2019 على قلب الاقتصاد السعودي.

وكان التفكير هو أنه إذا لم يستطع الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يمكن القول إنه كان الأقرب من بين نظرائه السابقين إلى دول الخليج حتى الآن، مساعدتهم، فلن تتمكن أي إدارة أميركية أخرى من ذلك.  وكان يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها تتخلى عن الشرق الأوسط، بحسب سي إن إن.

وألقي باللوم على إيران في الهجوم الذي وقع قبل الفجر على منشآت شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط الذي تديره الدولة، مما أدى إلى تعطيل نصف إنتاج الخام السعودي.

وهو ما رفع أسعار النفط بنسبة 19.5 بالمئة، وهذا يعد أعلى معدل على الإطلاق.

تاريخيا، نصت اتفاقية غير مكتوبة بين أميركا وحلفائها العرب المنتجين للنفط على أن الولايات المتحدة ستوفر الحماية مقابل إمدادات ثابتة من النفط الخام للاقتصاد العالمي من منطقة تضم أكثر من ثلثي احتياطيات النفط العالمية المؤكدة. 

وغالبا ما اعتمدت الولايات المتحدة على دول الخليج لتعديل الإنتاج إذا كان سعر البرميل لا يتناسب مع مصالحها الاقتصادية، وكانت الدول العربية غالبا ملزمة بذلك.

لكن القلق العربي من تفكك هذا الترتيب أدى إلى العناد فيما يتعلق بسياسة النفط العربية، وربما الأهم من ذلك أنه دفع بعض الدول إلى معالجة مصادر التهديدات لأمنها.

ومثلت الهجمات الأخيرة بطائرات دون طيار على أبوظبي نقطة تحول خطيرة في الشرق الأوسط. 

لذلك اختارت الإمارات العربية المتحدة التي كانت نشطة عسكريا في العديد من النقاط الساخنة الإقليمية، صيف 2021 لتوجيه سياستها الخارجية نحو "حسن الجوار" والمصالح الاقتصادية. 

وبدأت محادثات مع خصوم إقليميين مثل إيران ومصالحة مع تركيا، ومدت يدها إلى النظام السوري المنبوذ في المنطقة، ووقعت اتفاق سلام مع إسرائيل. 

وكانت الرسالة أن السياسة الخارجية الإماراتية ستعمل على حماية اقتصادها وأمنها في المستقبل.

لكن الصدمة جاءت في يناير/كانون الثاني 2022 عندما أصبحت البلاد هدفا لهجمات مميتة من قبل مليشيا الحوثي اليمنية المتمردة بعد عامين من بدء سحب قواتها العسكرية من ذلك البلد. 

وقال الحوثيون المدعومون من إيران إن الضربات جاءت ردا على التدخل الإماراتي المستمر في شؤون اليمن.

ووجدت الولايات المتحدة التي كانت تحاول التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع رعاة الحوثيين في طهران، نفسها مضطرة للعودة إلى دائرة الضوء في المنطقة. 

وأوضح الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أزال الحوثيين من قائمة الإرهاب بعد أقل من شهر من توليه منصبه في عام 2021 أنه سيعيد النظر في هذه الخطوة. 

ودعت الإمارات وهي من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، واشنطن إلى مزيد من الإجراءات بما في ذلك الدعم العسكري.

والتزمت الولايات المتحدة حتى الآن بذلك. وأرسلت واشنطن خلال فبراير/شباط 2022 قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث فرانك ماكنزي إلى الإمارات لتعزيز دفاعات البلاد من خلال مساعدتها على استهداف الطائرات بدون طيار قبل إطلاقها صواريخها المميتة. 

كما نشرت مدمرة بقدرات دفاعية صاروخية موجهة لتسيير دوريات في مياه الإمارات فيما وصل سرب من مقاتلات إف -22 إلى أبوظبي خلال ذات الشهر. 

التحول بعيدا

ومع تركيزها الفوري على حشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا، بالإضافة إلى إبقاء تركيزها متوسط إلى طويل المدى على قوة الصين المتنامية، فإن المصالح العسكرية للولايات المتحدة تتحول بعيدا عن الشرق الأوسط. 

ومن المرجح أن يؤدي إبرام الصفقة الإيرانية إلى إضعاف تصورها للتهديد والسبب الأساسي لوجودها القوي في المنطقة، مما يؤدي إلى مزيد من فك الارتباط.

لكن هناك خشية لدى واشنطن من ترك فراغ أمني لخصومها لملئه. ويبدو أن الرسالة التي ترسلها أميركا إلى دول الخليج هي أنه في حين أنها قد تغادر فإنها ستعود كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

وفي السياق، يشير موقع نيوزويك الأميركي إلى أن جو بايدن يسعى إلى إنهاء حقبة ما يسمى بـ "الحروب الأبدية" التي غرقت فيها الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين وإنهاء أميركا حربا استمرت 20 عاما في أفغانستان.

ولكن على الرغم من ذلك، لا يزال أكثر من 30 ألف جندي نشطا في منطقة الشرق الأوسط المتوترة ومحيطها.

ولا يزال من الصعب التأكد من النطاق الكامل للوجود العسكري الأميركي في المنطقة، مما يصعب من مهمة المحللين الذين يسعون إلى فهم مسار رغبة بايدن المعلنة في الابتعاد عن تركيز أسلافه على النزاعات المفتوحة.

وجرى تقديم رقم القوات إلى موقع "نيوزويك" من قبل المتحدث باسم القيادة المركزية (CENTCOM) التي تشرف على العمليات العسكرية الأميركية عبر منطقة المسؤولية التي تمتد عبر منطقة الشرق الأوسط بأكملها، باستثناء تركيا.

وتشمل تلك المنطقة مصر في شمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان في جنوب آسيا ودول آسيا الوسطى المجاورة مثل كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان.

وقالت القيادة المركزية الأميركية لـ"نيوزويك": "يوجد حاليا أكثر من 30 ألف جندي منتشرين عبر منطقة القيادة المركزية الأميركية". لكنها رفضت تفصيل مواقع هذه القوات حسب الدولة.

وأضاف المتحدث أنه "بسبب المخاوف المتعلقة بأمن العمليات وحماية القوات، فإننا لا نعلق على ترتيب القوات الأميركية".

وفي عهد ترامب، تحركت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لتقييد عدد القوات. 

وبينما وعد بايدن بمزيد من الشفافية في مقاربته للأنشطة العسكرية الأميركية، لم تكن هناك تحركات واضحة نحو الكشف مرة أخرى عن المعلومات التي أعلن عنها سابقا.

ويمكن العثور على بعض الأفكار الإضافية حول عدد القوات الأميركية في منطقة القيادة المركزية في آخر طلب ميزانية سنوية من البنتاغون قدمت في مايو/أيار 2021 للسنة المالية 2022. 

وقد أوضح التقرير انخفاضا ثابتا في عدد الأفراد اللازمين لعمليات الطوارئ في الخارج.

وبالنسبة لأفغانستان، انخفض متوسط قوام القوات السنوي من رقم فعلي قدره 16 ألف للسنة المالية 2020 إلى 8600 للعام 2021. وانخفض إلى الصفر في السنة المالية 2022.

وفيما يخص العراق وسوريا اللتين جمعت بياناتهما، بلغ متوسط القوة السنوية للعام المالي 2020 نحو 5487. 

وقفز الرقم المطلوب إلى 8 آلاف للسنة المالية 2021 قبل أن ينخفض إلى طلب 3400 للعام المالي 2022.

وقال متحدث باسم الجيش الأميركي لم يكشف عن اسمه: "لا وجود لقواتنا في أفغانستان، انتهت مهمتنا في أغسطس/آب 2021. يبلغ عدد القوات الأميركية للعراق وسوريا حوالي 2500/900 على التوالي".