مع أزمة روسيا وأوكرانيا.. مركز تركي يرصد مصادر الغرب لتأمين احتياجاته من الغاز

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز تركي الضوء على تداعيات سحب الولايات المتحدة دعمها لمشروع خط أنابيب "إيست ميد" لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، إذ بدأت مناقشة المشاريع البديلة وعلى رأسها مشاريع الغاز الطبيعي المسال، التي من شأنها أن تلبي احتياجات أوروبا من الطاقة وتقلل اعتمادها على روسيا.

وقال مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" في مقال للعقيد البحري المتقاعد فرحان أورال: "لقد كان توجه واشنطن إلى مصادر طاقة صديقة للبيئة على غرار الاتحاد الأوروبي، أحد أسباب انسحابها من مشروع إيست ميد".

تغير الأولويات

وأشار الكاتب أورال إلى أن "المتحدث باسم سفارة الولايات المتحدة في اليونان، نشر مقالا حول هذا الموضوع، أوضح فيه أن الولايات المتحدة تدعم نقل طاقة إيست ميد إلى أوروبا، لكنها حولت اهتمامها إلى مشاريع (شبكات الكهرباء المترابطة) التي تدعم كلا من موارد الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة".

غير أن بعض المصادر قالت إن "السبب الحقيقي لمعارضة إدارة جو بايدن لمشروع إيست ميد يتعلق بمساعيها لتسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة"، وفقا للكاتب.

وأردف: "من المتوقع أن تتوقف أوروبا عن الاستثمار في الوقود الأحفوري مع بداية العام 2022 -بخلاف الاستثمارات المستمرة- وذلك تماشيا مع (الصفقة الخضراء) التي وضعها الاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى جعل أوروبا قارة محايدة مناخيا بحلول عام 2050".

واستطرد أورال موضحا أنه "رغم أن الغاز الطبيعي المسال (LNG) يعتبر وقودا أحفوريا أيضا، إلا أنه الأكثر صداقة للبيئة بين أنواع الوقود الأحفوري ويعتبر بديلا ممتازا يساهم في تقليل انبعاث الغازات الدفيئة ويكافح الاحتباس الحراري، لذلك، يبرز الغاز الطبيعي المسال كبديل عن الغاز الطبيعي في نطاق مكافحة تغير المناخ".

وتابع: "بما أن التغير المناخي مدرج على جدول أعمال إسرائيل أيضا، فقد تم توقيع مذكرة تفاهم عام 2020 بشأن المشروع الذي سينقل النفط الموجود بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط ​​من أبو ظبي الإماراتية، إلى عسقلان عبر إيلات".

واستدرك الكاتب التركي قائلا: "غير أن هذه المبادرة لم تنفذ حتى اليوم، بسبب المخاوف المتعلقة بالمخاطر البيئية التي قد تنشأ عن نقل النفط إلى إيلات بواسطة الناقلات، وفي ظل مخاوف إلغاء الاتفاق لأسباب مثل الحفاظ على البيئة، تعمل الإمارات على خطة بديلة تتوخى نقل النفط عبر الأراضي المصرية".

صعود قطر

​​واعتبر أورال أن "جهود الولايات المتحدة وقطر التي تعد ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وإيران، وأول مصدر للغاز الطبيعي المسال، لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى دول الاتحاد الأوروبي، تطور آخر حديث في شرق البحر الأبيض المتوسط".

وشدد على أن "هذه الجهود في أصلها، محاولة للحيلولة دون حصول مشاكل قد تنجم عن قطع الغاز الطبيعي، بسبب العقوبات التي سيتم تطبيقها على روسيا حال غزوها أوكرانيا، والتي تلبي حاليا ثلث احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي".

من ناحية أخرى، تدعم الولايات المتحدة منشآت الإسالة، مثلما فعلت في ميناء "ألكساندروبولي اليوناني".

وقال أورال: "لنفتح قوسا هنا حول ألكساندروبولي، ونذكر بأن القواعد التي بنتها الولايات المتحدة واليونان في المنطقة ووحدات تخزين الغاز المسال وتغويزه (أي تحويله إلى غاز) بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي المتبادل، زاد من أهميتها".

وتابع: "ومن المخطط ربط الغاز الطبيعي المسال بعد تغويزه بالشبكة الوطنية عبر خط طوله 28 كيلومترا ونقله إلى اليونان وبلغاريا ورومانيا وصربيا ومقدونيا الشمالية، بل إلى مولدوفا وأوكرانيا أيضا بحلول نهاية عام 2023".

من جانبها، قررت الدوحة وبعد شهر واحد فقط من قرار السعودية والبحرين والإمارات ومصر تعليق العلاقات الدبلوماسية مع قطر عام 2017، زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 100 مليون طن خلال الـ5 أو الـ7 سنوات القادمة.

وحاليا، تتصدر الدوحة مع أستراليا والولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر تصديرا للغاز الطبيعي المسال، وهي تلبي بالفعل ثلث احتياجات بريطانيا من الغاز الطبيعي وجزءا كبيرا من احتياجات بولندا مع أميركا. 

أما الولايات المتحدة فتخطط لتتصدر هذه الدول بمخزونها من الغاز الصخري مع خطواتها الأخيرة، ويمكن القول إن قطر ترغب في تطوير إنتاج الغاز الطبيعي واستهلاك احتياطاتها الحالية قبل أن يتراجع الطلب، ولا شك في أن هذا خيار طبيعي جدا، بحسب الكاتب التركي.

خيارات أخرى

ويرى أورال أن "تلبية احتياجات السوق المحلية من الغاز عبر حقلي ظهر ونور في مصر، يمثل بديلا آخر أمام الاتحاد الأوروبي"، مشيرا إلى أن "هناك خيارا قويا يتمثل في تسييل الجزء المتبقي ونقله إلى أوروبا كغاز طبيعي مسال".

وقال: "لقد برز خيار جديد مع تحسن العلاقات على خط أنقرة وتل أبيب بعد سحب الولايات المتحدة دعمها من إيست ميد، ويتمثل ذلك في إنشاء خط أنابيب يربط بين تركيا وإسرائيل. كذلك هناك خيار نقل الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب من مصر إلى اليونان ومن هناك إلى دول الاتحاد الأوروبي".

واستطرد أورال قائلا: "هناك مشروع آخر أيضا وجب ذكره بمعزل عن البحر الأبيض المتوسط ومشروع إيست ميد​​، وهو مشروع (نورد ستريم 2) الذي هددت الولايات المتحدة بتعليق افتتاحه في نطاق العقوبات التي سيتم تطبيقها على روسيا حال قيامها بغزو أوكرانيا".

وأوضح أن "هذا الخط الذي كلف ألمانيا 11 مليار دولار يمتد من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق دون المرور بأوكرانيا، يتوقع أن ينقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، ولقد استمرت فيه برلين رغم معارضة واشنطن ودعاة حماية البيئة".

وأضاف أورال: "مع أن الخط اكتمل في سبتمبر/أيلول 2021، إلا أن عرقلته في نطاق العقوبات التي قد يتم تطبيقها على روسيا، قد يضع ألمانيا في مشكلة كبيرة من حيث الطاقة، لذلك، من الضرورة بمكان تحليل أزمة أوكرانيا التي تسهم في صعود الولايات المتحدة كمورد مهم للغاز الطبيعي بالنسبة لأوروبا بأبعادها المختلفة بما يتضمن الطاقة".

ولفت الكاتب التركي إلى أن "هدف الولايات المتحدة في سوق الغاز الطبيعي الأوروبي لا يقتصر على تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي، إذ يمكن القول إنها تهدف أيضا إلى السيطرة على السوق الأوروبية أيضا كمصدّر رئيس للغاز الطبيعي".

وختم أورال مقاله مشيرا إلى أنه "سيكون من الصعب على الولايات المتحدة أن تعرقل مشروع (نورد ستريم 2) الذي وضِعت فيه استثمارات كبيرة ووصلت إلى نهايتها، خاصة وأن الغاز الطبيعي القادم عبر خطوط الأنابيب من النرويج وهولندا وإنجلترا والدنمارك لن يكون كافيا لتلبية احتياجات الاقتصاد الألماني، الذي سيشهد نموا أكبر في فترة ما بعد الوباء".

وتابع: "وفي الفترة القادمة، ستكون مسألة الاختيار بين الأثمان السياسية للهيمنة الروسية على سوق الغاز الأوروبي والأثمان المالية للغاز الطبيعي المسال الأميركي، والتي قد تكون في نهاية الأمر أكثر تكلفة من العرض الروسي، هي المسألة الرئيسة على جدول أعمال سوق الطاقة الأوروبي".