وسط قلق روسي.. معهد عبري: فشل واشنطن بأزمة أوكرانيا يثبت ضعف إدارة بايدن

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدث معهد إسرائيلي عن تقلص فائدة استخدام القوى العسكرية في العلاقات الدولية، وهو ما تنبأ به قبل سنوات عديدة خبراء غربيون.

وحسب معهد "القدس للإستراتيجية والأمن"، فقد بشر هؤلاء الخبراء بـ"نهاية التاريخ" وسيادة النظام الليبرالي في العالم، ومع ذلك، على الرغم من "التقدم"، لم تتغير الطبيعة البشرية.

ومن ذلك، أشار المعهد إلى أن روسيا لا تزال تخشى على أمنها، ونشرت العديد من القوات على طول الحدود الأوكرانية للفت الانتباه الأميركي إلى مطالبها.

أهداف التهديد 

وجرى التهديد بغزو عسكري روسي لأوكرانيا، لدفع الولايات المتحدة إلى فتح حوار مع موسكو لتوضيح مخاوفها الأمنية.

ويقول المعهد: "روسيا غير راضية عن نهج حلف شمال الأطلسي (الناتو) تجاه حدودها، وتريد أن يعامل كما كان في العهد السوفييتي".

وينوه إلى أنه لا ينبغي أن يفاجئ مسار الأحداث أولئك الذين يتابعون السياسة الدولية، خاصة بعد أن ابتلعت روسيا شبه جزيرة القرم وشجعت على الانفصالية في شرق أوكرانيا.

ورأى أن "توسع الناتو والاتحاد الأوروبي شرقا وتشجيع الغرب للحركات الديمقراطية في أوكرانيا وبيلاروسيا وجورجيا لا يمكن أن يترك روسيا غير مبالية".

بل على العكس، أرعبت الحملة الأخيرة روسيا التي لم يجر دعوتها للانضمام إلى الناتو أو استشارتها في مصير الدول المجاورة لها، كما أن موسكو لم تتردد في إحياء مفاهيم واقعية، مثل الأماكن العازلة ومناطق النفوذ في الخطاب الدولي.

وهذا يشير إلى أنها قد تستخدم العنف لضمان هوامش أمنية أكبر من خلال مطالبة الدول الواقعة على طول حدودها، والتي تبدو مستقلة ظاهريًا، بالبقاء في مجالها الأمني.

ولفت المعهد إلى أنه بالنظر إلى الغزوات السابقة من الغرب، فإن المخاوف الروسية معقولة، وترى بأن الوجود العسكري الأجنبي في نصف الكرة الغربي يمثل تهديدا للولايات المتحدة.

وأشار رئيس المعهد العبري البروفيسور "إفرايم عنبار" إلى أن الأزمة في أوكرانيا تذكرنا بقيود الدبلوماسية، فلقد شجعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون روسيا من خلال إعادة تأكيد التزامها باستخدام الدبلوماسية فقط لحل الأزمة.

وأوكرانيا هي أول اختبار دولي جاد للولايات المتحدة بعد الانسحاب من أفغانستان، وحتى الآن اكتفت واشنطن، غير الراغبة في التدخل عسكريا، بالتحذير فقط من عواقب اقتصادية وخيمة، مع القليل من التأثير على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

إدارة ضعيفة

ويعتقد عنبار أن الجميع أصدقاء أميركا وأعداءها يراقبون واشنطن ويرونها إدارة ضعيفة، وتؤكد أزمة أوكرانيا الاتجاه الملحوظ لتراجع الولايات المتحدة في العالم.

فكما حدث في الماضي، تفاجئ الولايات المتحدة وتتصرف بالقوة، لكن العالم يرى مثل هذا السيناريو على أنه غير معقول، وتصوّرات الواقع تشير إلى أن هذا لن يحدث.

ويبدو أن واشنطن تضيع الفرصة لإعادة العلاقات مع موسكو وتغيير ميزان القوى العالمي بشكل كبير، بدلا من مواجهة روسيا.

وبين عنبار أن التحدي الدولي الحقيقي للولايات المتحدة هو إنهاء التوترات مع روسيا حول أوروبا الشرقية، والسماح لواشنطن بالتركيز على التحدي الرئيس وهو صد الصين عبر الحشد مع بوتين لا ضده.

ومن وجهة نظره، فإن على الولايات المتحدة إغراء روسيا للانضمام إلى الحضارة الغربية، التي تعتبر في نهاية المطاف جزءا منها بما في ذلك الأدب والموسيقى والباليه والتراث المسيحي.

بالإضافة إلى ذلك، ستكون الولايات المتحدة قادرة على الاعتراف بشبه جزيرة القرم كأراض روسية وإزالة العقوبات المفروضة على موسكو.

كما يمكن للغرب أن يقبل "بوضع اللمسات الأخيرة" على أوكرانيا لتهدئة مخاوف روسيا، حيث سمحت موسكو لفنلندا الديمقراطية بالوجود في المنطقة الأمنية الروسية خلال الحرب الباردة.

ولفت رئيس المعهد إلى أن الاحتجاج مع الولايات المتحدة قد يكون أفضل لموسكو من عناق الصين "القوة الصاعدة".

ويمكن أن يشير التبادل الجانبي إلى مركزية روسيا وجرأتها في الشؤون العالمية، أما بالنسبة لأوروبا، فإن الأزمة تفتح أعيننا إلى أن القارة العجوز لا تزال بحاجة إلى مظلة أمنية أميركية للتعامل مع موسكو الأكثر عدوانية، والتي تعد أيضا موردا رئيسيا للطاقة.

وهذا كله على الرغم من الحديث عن "جيش أوروبي" و"حكم ذاتي إستراتيجي" وغيرها من الأفكار. كما يؤثر السلوك الأميركي في الأزمة مع أوكرانيا أيضا على المحادثات النووية مع إيران في فيينا.

حرب في المنطقة؟

وبالنسبة لطهران التي تعتبر مقتنعة بالفعل بأن أميركا ضعيفة، فهي تعمل على توسيع نطاق عملها ويمكن أن تتأخر أكثر حتى تعرض عليها الاتفاقية التي تريدها.

ويرى عنبار أن إيران يمكن أن تدفع مبعوثيها في الشرق الأوسط بشكل أكبر ضد حلفاء الولايات المتحدة، وقد تستنتج إسرائيل أنه من الأفضل الامتناع عن تنسيق سياستها مع واشنطن قبل التصرف بالقوة.

فقد يؤدي انتصار روسيا في أوروبا إلى تسريع اندلاع الحرب في الشرق الأوسط، وبالمثل، يمكن للصين أن تعلم أن تصميم الولايات المتحدة يتلاشى، ويمكن تجاهل تهديداتها، لأن هجوم بكين للسيطرة على تايوان محتمل.

ويثبت الوضع في كييف مرة أخرى عدم جدوى الضمانات الدولية.

فمذكرة "بودابست لعام 1994" الموقعة من قبل الاتحاد الروسي وبريطانيا والولايات المتحدة قدّمت ضمانات ضد التهديدات أو استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية لأوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان مقابل التخلي عن أسلحتها النووية.

ولسوء الحظ، لم يعد يجرى احترام المذكرة عندما احتلت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، ومن الواضح هذه الأيام مرة أخرى أن هذه الضمانات أضحت غير صالحة.

فالمؤسسات الدولية فشلت بالمثل، حيث دعت الولايات المتحدة إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة نشر روسيا قواتها على حدودها مع أوكرانيا، رغم أنها كانت تعلم أن موسكو يمكن أن تستخدم حق النقض ضدها.

وانتهت ما تسمى بالدبلوماسية الوقائية في واشنطن دون جدوى ووسط اشتباكات عنيفة بين الدبلوماسيين الروس والأميركيين.

وخلص رئيس المعهد إلى القول: "ربما يفهم الأوكرانيون أنه على الرغم من الخطاب الليبرالي في الغرب، ما زلنا نعيش في عالم يقف فيه كل بلد بمفرده وتكون الحياة في الغالب كما وصفها الفيلسوف توماس هوبز: وحيدا، فقيرا، مقرفا، قاسيا وقصيرا".