عراقيل تصدهم.. ما مصير 7 مليون سوري بعد تقارب عربي مع الأسد؟

منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في ظل حديث متزايد عن قرب عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، لا يزال مصير نحو 7 مليون لاجئ سوري في الخارج مجهولا في ظل عقبات كبيرة وضعها النظام أمام عودتهم.

ولعل من أبرز هذه العقبات، هي لوائح الإرهاب التي أصدرتها سلطات النظام، والتي تشمل عشرات الآلاف ممن أسماهم بـ"المطلوبين"، والخدمة في جيش النظام، إضافة إلى قانون رقم (10) الذي يتعلق بأملاك السوريين.

هل عودة دمشق مشروطة؟

وتبرز تساؤلات حول مصير ملايين اللاجئين السوريين؟ بعد حديث نائب وزير الخارجية السوري عن وجود شروط عربية (لم تعرف) لقاء القبول بعودة دمشق إلى الجامعة العربية.

وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إن "محاولات لفرض شروط على دمشق لإنهاء تعليق عضويتها بالجامعة العربية لن تنجح"، حسبما نشرت الخارجية السورية على "فيسبوك".

وأضاف المقداد، أن "ما يهم سوريا هو موقعها بالمنطقة ومشاركتها في كل ما يتعلق بالقضايا المصيرية للأمة العربية"، مشددا على أن "سوريا لا يمكن أن تخضع للابتزاز ولا للتهاون فيما يتعلق بقضاياها الداخلية والعادلة".

ولفت إلى أن "ما أثير حول عودة سورية إلى الجامعة العربية وعودة السفارات كل ذلك نتابعه ونعمل على تحقيقه، لكن الضغوط التي تمارس إقليميا ودوليا تحول دون ذلك".

وفي مقال سابق، رأى الكاتب عبد الوهاب بدر خان نشرها بصحيفة "العرب" القطرية أن "مصلحة النظام كانت سابقا في طرد السوريين، والآن أصبحت المصلحة في أن يعودوا، كما لو أن شيئا لم يكن، واقعيا لا أحد يريد -أو يستطيع- منع أي لاجئ من العودة".

ومما ذكره الكاتب، هو أن "النظام يعتبر أن دولا غربية تخوّفهم وتعرقل عودتهم، بغية استخدام هذا الملف الإنساني في ربط عودة اللاجئين بالعملية السياسية، لكن دولا مثل تركيا تحاول إعادة من يرغب إلى مناطق تحت إشرافها".

وأضاف: "أما تسييس الملف فحاصل أيضا من جانب النظام، فهو يريد عودتهم لتعويم نفسه، وإذ حاولت روسيا دعمه بعرضها رزمة (عودة اللاجئين + تمويل إعادة الإعمار)، فإنها أجهضت عرضها، عندما أغفلت أية إشارة إلى الحل السياسي".

تصفيات جسدية للعائدين

من جهته، حذّر رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" عبد الرحمن مصطفى، اللاجئين السوريين من "العودة إلى مناطق سيطرة قوات النظام"، واصفا ذلك بمثابة "إرسالهم إلى حتفهم".

وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة "العربي الجديد" أن "الائتلاف الوطني كان قد حذّر المجتمع الدولي من خطورة إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، قبل اتخاذ الخطوات التي نصت عليها القرارات الدولية لتوفير البيئة الآمنة والمحايدة".

وأشار إلى أن "التصريحات الأخيرة لوزير الدولة لشؤون النازحين اللبناني معين المرعبي، بشأن مقتل عدد من اللاجئين بعد عودتهم إلى سورية، تثبت صحة مخاوفنا وتجربتنا مع النظام والمليشيات الإيرانية الإرهابية".

وشدد مصطفى على أن "إعادة المزيد من اللاجئين تتحمل مسؤوليته الحكومة اللبنانية". وتابع: "نحن نعلم أن النظام لن يغير من أسلوبه الإجرامي"، مبديا استغرابه من مواقف الدول التي "خُدعت وتريد إقناع الآخرين بتعويم نظام الأسد والتعامل معه من جديد". وطالب بـ"فتح تحقيقات دولية بشأن مقتل اللاجئين السوريين العائدين من لبنان".

وكان  وزير الدولة اللباني معين المرعبي لشؤون اللاجئين، قد أكد لوكالة "الأناضول"، أن لديه "معلومات عن مقتل بعض اللاجئين السوريين الذين عادوا إلى بلادهم منذ يونيو/ حزيران الماضي".

وأوضح أن "آخر جريمة ارتُكبت كانت بحق عائلة في بلدة الباروحة بريف حمص، عبر دخول مسؤول أمني في قوات النظام منزل العائلة وقتله الأب وابنه وابن أخ الأب". وبيّن أن "معظم أخبار التصفية والقتل تحصل بحق العائدين في المناطق التي يسيطر عليها النظام، خاصة في القرى والبلدات التي تقع على الحدود اللبنانية الشرقية والشمالية".

أعدادا اللاجئين السوريين

وفي آخر إحصائية للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في 11 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أكدت أن نحو 5.6 مليون لاجئ سوري ما زالوا في بلدان مجاورة تشمل تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق. 

وتحل تركيا العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، حيث أصدرت وزارة الداخلية التركية ودائرة الهجرة التابعة لها مؤخرا إحصائية جديدة لعدد اللاجئين السوريين على الأراضي التركية، قالت فيها إن عددهم تجاوز الثلاثة ملايين و424 ألف لاجئ سوري.

وأضافت إحصائية للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن الكثير من اللاجئين السوريين يواجهون مشاكل في الوثائق والملكية ويتعين على الحكومة السورية المساهمة في حلها.

لكن رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة (تابعة للنظام) محمد أكرم القش قال في وقت سابق، إن "التقديرات تشير أن عدد سكان سورية اليوم بلغ 28 مليونا منهم 21 مليونا داخل البلاد حاليا، وأن نحو 7 ملايين خارج البلاد".

العائدون إلى بلادهم

وأعلن الناطق الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، عودة 10.077 لاجئا سوريا خلال الفترة من 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 إلى 30 كانون الثاني/ يناير 2019 عبر معبر جابر/ نصيب الحدودي.

وتحرص تركيا التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين، على إعادة السكان في الشمال السوري بعد تأهيل البنى التحتية، وفرض الأمن فيها على يد "الجيش الحر" الذي توفر له الدعم العسكري والسياسي.

وشدد وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو، الأحد الماضي، على أهمية دعم اللاجئين السوريين الذين بدأوا بالعودة إلى بلادهم، وأن تركيا تتحدث مع جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، من أجل توفير الدعم المطلوب.

وكان أمين عوض مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية، قد توقع "في هذه المرحلة عودة ما يصل إلى 250 ألف سوري خلال 2019. هذا الرقم قابل للزيادة أو النقصان وفقا للوتيرة التي نعمل بها ونزيل العقبات التي تعرقل عودتهم".

وأعلنت الأمم المتحدة، أيضا في بيان عن إعداد خطة بقيمة 5.5 مليار دولار لدعم اللاجئين السوريين والبلدان الخمسة المستضيفة لهم وهي الأردن وتركيا ولبنان ومصر والعراق خلال العامين القادمين 2019-2020، بحسب الوكالة الألمانية.

وكشفت المنظمة الأممية في البيان إن "التعامل مع هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين لا يزال يشكل تحديا، حيث أن هناك حاليا حوالي 5.6 مليون لاجئ سوري مسجلين في المنطقة بالإضافة إلى ما يقرب من مليون طفل مولود حديثا خلال فترة النزوح".

وقبل ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في تموز/ يوليو 2017، أن حوالي 1.2 مليون مواطن سوري عادوا إلى منازلهم منذ بداية العملية الروسية في سوريا في أيلول/ سبتمبر 2015، وفقا لصحيفة "كراسنيا زفيزدا" التابعة لوزارة الدفاع الروسية.

عراقيل النظام تصدهم

ولا زالت عراقيل النظام السوري تشكل العقبة الأكبر أمام عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فقد أكدت علا بطرس، مستشارة وزير الخارجية اللبناني إن "الخدمة العسكرية والفرار من الجيش السوري من أهم المعوقات التي تحول دون عودة اللاجئين إلى بلدهم".

وأضافت منسقة لجنة النازحين بـ"التيار الوطني الحر" بلبنان في تصريحات للوكالة الألمانية، أن "مراسيم الرئاسية في سورية بالعفو عن المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية خطوة إيجابية تشجع على العودة".

ومن ضمن هذه العراقيل، قوائم أصدرها جهاز المخابرات تشمل أسماء 1.5 مطلوب لنظام السوري بينهم ممنوعون من السفر، جرى إعدادها بناء على الأحداث التي شهدتها البلاد بعد انطلاق الثورة عام 2011، بحسب صحيفة "زمان الوصل" المعارضة.

وفي سياق ذي صلة، فإن قانون رقم 10 الذي وقعه رئيس النظام السوري بشار الأسد في نيسان/أبريل الماضي، يسمح للحكومة بـ "إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر".

ويعني هذا إقامة مشاريع عمرانية في هذه المناطق، على أن يُعوَّض أصحاب الممتلكات بحصص في هذه المشاريع، إذا تمكنوا من إثبات ملكياتهم خلال 30 يوما من إعلان هذه المناطق.

ويجدر بأصحاب الممتلكات أن يتقدموا مباشرة، أو عبر وكيل بالوثائق التي تثبت ملكيتهم أو إثباتها عن طريق تحديد تفاصيل معينة في حال غابت المستندات المطلوبة. وفي حال لم يتمكنوا منذ ذلك، يفقدون ممتلكاتهم.

وأثار القانون قلق مسؤولين لبنانيين، حيث يوجد قرابة مليون ونصف لاجئ سوري، بسبب تأثيره على عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وبعث وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل رسالة إلى نظيره السوري أعرب فيها عن الخشية "من أن تعيق شروط تطبيق هذا القانون عودة عدد غير قليل من هؤلاء النازحين إلى مناطقهم".

وتسببت الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا، عقب انطلاق الثورة الشعبية ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد عام 2011، بموجة نزوح كبيرة لم تشهدها البلاد من قبل، حيث وصلت إلى نحو 7 مليون لاجئ في الخارج وأعداد ربما توازيها بالداخل.