قبل "إجبارها على ذلك".. مجلة فرنسية تطالب باريس بمغادرة مالي في أقرب وقت

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أنه يتوجب على باريس التفكير جديا في مغادرة منطقة غرب إفريقيا، لا سيما مالي، محذرة من تحركات شعبية قد تجبرها على ذلك.

وذكرت في مقال للكاتب فرانسوا سودون أن أسوأ سيناريو قد تواجهه فرنسا في المنطقة التي تعج فيها الانقلابات أن يتم إجبارها على الخروج عبر ضغط الشارع.

وشهدت منطقة غرب إفريقيا أربعة انقلابات خلال 18 شهرا، بينها اثنان في مالي وواحد في غينيا والأخير في بوركينا فاسو في 24 يناير/ كانون الثاني 2022.

وجود غير مرغوب

​​وقالت المجلة إن الماليين لا يفهمون حتى اليوم لماذا لم ينجح جنود أقوى الجيوش في أوروبا على مدى عقد تقريبا في القضاء على عصابات من الإرهابيين، أو حتى وقف صعود الانقلابيين إلى السلطة، وكل ذلك دون أي تأثير على صعيد التنمية؟

 وأوضحت سيتعين على الجنود الفرنسيين، على المدى القصير أو المتوسط، الانسحاب من مالي، حيث لم يعد وجودهم مرغوبا فيه.

ولفتت إلى أن ثمة زيادة ملحوظة في انعدام الثقة تجاه فرنسا بدول غرب إفريقيا المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" التي يُنظر إليها على أنها أداة تابعة لباريس.

وأشارت إلى أن قائد الانقلاب في مالي عاصيمي غويتا تجمعه عدة روابط مشتركة مع نظيره في غينيا مامادي دومبويا.

فغويتا ودومبويا جنرالان من نفس الجيل، من القوات الخاصة، أخذا على عاتقهما "إعادة تأسيس" انتقالات غير محددة المدة في بلديهما.

والأسباب الحقيقية التي من أجلها استولوا على السلطة تنبع على الأقل من طموحاتهم الشخصية بقدر ما تنبع من الذرائع التي قدموها لتبرير انقلابهم. 

وتتمثل هذه الذرائع في سوء الإدارة وهي التي سوف تدعم شعبيتهما وتشكل أساس شرعيتهما.

وفي مواجهة إملاءات "إيكواس" لا يوجد خيار آخر سوى التضامن أمام غويتا ودومبويا، في ظل عداء الحكومة الفرنسية لهما، بعدما أنهيا حقبة الرئيسين المالي إبراهيم بوبكر كايتا والغيني ألفا كوندي.

وكانت علاقات فرنسا مع هذين الرئيسين تشبه شهر العسل

ومع ذلك لم يمسك أحد من أصدقائهم الفرنسيين، الذين كان بعضهم مدينا لهما، القلم أو الهاتف للمطالبة بالإفراج عنهما، وعدد قليل من أقرانهم الأفارقة أظهروا فقط قلقهم.

وبقي الآخرون في موقع المتفرجين الصامتين.

علاقة غامضة

وعندما أُعلن عن وفاة إبراهيم بوبكر كايتا، بدت العلاقة بين باريس ومستعمرتيها السابقتين أكثر غموضا.

وقدمت السفارة الفرنسية في باماكو الحد الأدنى من المعاملة والتعزية، تمثل ذلك في منشور تعزية قصير على صفحتها بفيسبوك. 

تبع ذلك على الفور سيل من التعليقات الإفريقية من قبيل "اخرج"، "احزم حقائبك" ، "احتفظ بتعازيك لنفسك"، والتي كان لا بد من غربلتها من قبل المشرف على صفحة فيسبوك. 

وبعدما تم الترحيب بأذرع مفتوحة بالقوات الفرنسية قبل تسع سنوات، عندما كانت الكتائب الإرهابية على أبواب العاصمة المالية.

يُنظر اليوم إلى ذلك التدخل الفرنسي في مالي على أنه أعنف عملية عسكرية فرنسية منذ الحرب الجزائرية.

كذلك ينظر إليها على أنها كانت عديمة الجدوى، وحتى كعامل خطر، من قبل مجموعة كبيرة وربما أغلبية من الماليين.

ومهما كانت أسبابها، فقد أصبحت التفسيرات الفرنسية بشأن تدخلها في مالي غير مسموعة، لا سيما عندما يعزو تفاقم هذا الشعور إلى تلاعب المجلس العسكري الحاكم المدعوم بالدعاية الروسية.

من الواضح أن استغلال مجموعات من النشطاء المناهضين لفرنسا، وحتى دعمهم لأغراض سياسية، أمر لا يمكن إنكاره.

إن تدخل المرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية يشكل عاملا إضافيا لزعزعة الاستقرار ولتفاقم ظلال من الشك.

لكن يجب على فرنسا أيضا أن تقول لنفسها إن رؤية الماليين لوضعهم هي رؤية شرعية مثل رؤيتهم، على الأقل في نظرهم.

لكن الماليين ليس بالسذج، فهم يعلمون أنه إذا تدخل الجيش الفرنسي في بلادهم واستمر في البقاء هناك رغم تجاوز جميع الخطوط الصفراء، فهذا قبل كل شيء لأن الدولة الفرنسية ترى مصلحتها هناك. 

هي هناك للاهتمام بالدفاع عن مكانتها كقوة عالمية، وما هو أبعد من ذلك، الخوف من الضعف، من تأثر بلدان مثل السنغال أو كوت ديفوار بهذه التطورات، تخشى من تأثير الدومينو في كل غرب إفريقيا.

تصعيد لافت

ويأتي ذلك في ظل تطور الأوضاع على الأرض حيث طرد المجلس العسكري في مالي السفير الفرنسي جويل ماير، المقيم في باماكو منذ 2018، وذلك عبر بيان أصدره التلفزيون الرسمي في 31 يناير 2022.

وبررت السلطات المالية هذا القرار بتصريحات "معادية" للمسؤولين الفرنسيين ضدها. 

ويمثل هذا الطرد تصعيدا جديدا للتوترات بين مالي وفرنسا، المنخرطة عسكريا في مالي ومنطقة الساحل منذ عام 2013.

وأعلنت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي في 25 يناير أن المجلس العسكري يضاعف "الاستفزازات". 

ووصف وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان بعد يومين المجلس العسكري بأنه "غير شرعي" وقراراته "غير مسؤولة"، بعد أن دفعت السلطات المالية الدنمارك لسحب كتيبة قواتها الخاصة.

واتهم العقيد عبد الله مايغا، الوزير والمتحدث باسم ما يسمى بالحكومة الانتقالية، الوزيرة بارلي وفرنسا بالسعي إلى تقسيم الماليين، لاستغلال المنظمات دون الإقليمية والاحتفاظ بـ"ردود أفعالها الاستعمارية".

وقدم مايغا "نصيحة" إلى بارلي أن تصمت.

وحذر وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب من أن بلاده لا تستبعد "شيئا" في علاقاتها مع فرنسا.