رغم أوجه الشبه.. الإندبندنت: لقاءات طالبان ستكون أسوأ من اتفاق أوسلو الفلسطيني

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة الإندبندنت البريطانية الضوء على أوجه الشبه بين اتفاقية أوسلو الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والحوار الخاص بين الغرب وحركة "طالبان" بشأن مستقبل أفغانستان.

وتساءل الكاتب أمير طاهري في مقال نشرته النسخة الفارسية من الصحيفة: "هل من قبيل الصدفة أن يكون فندق (صوريا موريا) مضيف المباحثات السرية بين إسرائيل و(الرئيس الفلسطيني الراحل) ياسر عرفات، والآن تعقد فيه محادثات بين وفد طالبان وأميركا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي؟".

وانطلقت، في 24 يناير/كانون الثاني 2022، محادثات في العاصمة النرويجية أوسلو بين وفد من حركة طالبان، وممثلين عن المجتمع المدني الأفغاني بحضور نرويجي رسمي ومسؤولين من المجتمع الدولي.

وفي اليوم الأول من المحادثات، التي استمرت 3 أيام، عقد وفد حكومة طالبان المؤقتة بقيادة القائم بأعمال وزير الخارجية أمير خان متقي اجتماعا مغلقا مع ممثلين عن المجتمع المدني الأفغاني.

صدفة أم مخطط؟

وتعد هذه المرة الأولى، منذ سيطرة طالبان على البلاد في أغسطس/ آب 2021، التي تعقد فيها الحركة اجتماعات في أوروبا، حيث عقد ممثلوها، في وقت سابق، لقاءات في كل من روسيا وإيران وقطر وباكستان.

وتحدث الكاتب بشيء من التفصيل عن هذه المباحثات، وعن علاقة الأمر بالاعتراف الرسمي بطالبان كحكومة رسمية ومدى تشابه هذا الأمر باتفاقية أوسلو الشهيرة، والعديد من القضايا "المهمة الأخرى".

وقال: "تريد مجموعة من دول الغرب أن تهيئ المجال رويدا رويدا للاعتراف الرسمي بطالبان باعتبارها الحاكم الأفغاني الجديد، بدون قبولها كحكومة قانونية".

تابع: منذ عدة عقود، جرى التوصل إلى اتفاقية أوسلو (1993) بعد أن كانت النرويج مضيفا للمفاوضات السرية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. 

ويبدو أن الهدف من هذه الطريقة الدبلوماسية تجميد الأمور غير القابلة للحل من وجهة نظر المتنازعين عليها.

بالاستفادة من هذه الطريقة يجري التحول من وضع موجود غير مرغوب فيه إلى وضع مستحدث غير مرغوب فيه لكن بشكل أقل. 

فـ"اتفاقية أوسلو" لم تحقق المطالب الرئيسة لإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على الإطلاق، لكنها تمكن الطرفين من التقليل من هول الأزمة عن طريق تشكيل وضع مستحدث. 

وبين أن اتفاقية أوسلو لم تحقق السلام، بل نتج عنها تجميد تاريخي بين المجتمعين المجاورين لبعضهما في حدود السلم والحرب.

استخدام نفس الطريقة في أفغانستان من الممكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر تدهورا.

ويقول الكاتب: يطل الفندق على تل مغطى بالثلوج، ربما يذكر طالبان بالهندوكوش (سلسلة جبال في أفغانستان وشمال غرب باكستان). لكن الآفاق المرسومة خلال هذه المفاوضات تبدو كأنها بنفسج بلون الدم.

"أرض بلا حكومة"

وأردف الكاتب: خطة النفوذ الغربي بتغيير شكل قضية أفغانستان، تعرض بعض الحلول كأنها سمكة تغرق في الماء.

وتابع: "قضية أفغانستان اليوم تحولت إلى أرض بلا حكومة بعدما يقرب من أربعة عقود من الحروب والأزمات". ويرى أنه "لا يمكن حل هذه القضية بدون إعادة هيكلة للحكومة".

ويقول: "توماس ويست، الممثل الأميركي في مفاوضات صوريا موريا يعلم جيدا أن طالبان بشكلها الحالي، لا يمكنها حل هذا الأمر بتشكيل حكومة مقبولة في كابول، حتى وإن أرادت". 

برتران لورتولاري، الممثل الفرنسي يعتقد أنه يجب إمداد طالبان بوقت كي تتحرك في هذا الطريق.

لكن الحقيقة أن طالبان لا تمتلك الظروف اللازمة للمضي في هذا الطريق. أولا: هم محرومون من القاعدة الجماهيرية الواسعة، تلك القاعدة هي الشرط الأساسي لتشكيل حكومة وطنية، بحسب تقدير الكاتب.

ثانيا: طالبان من الممكن أن تكون محاربة جيدة، فبالرغم من أنهم لم ينتصروا في الحرب في التسعينيات وكذلك في أغسطس/ آب 2021، فإنهم وصلوا إلى السلطة، وفق تعبير الكاتب.

لكن المحارب الجيد، من المحتمل ألا يكون رجل دولة جيدا في أحسن الظروف. فعدد الكوادر السياسية، والإدارية، والقضائية وسط 75 ألف عضو في طالبان أقل من تلبية احتياجات حكومة قومية شاملة.

ثالثا: ليس لدى طالبان خطة سياسية واقتصادية، وتبين أن آفاق قادتها لا تتخطى حدود التمييز ضد المرأة، خلق جو من الاضطهاد الثقافي، والاجتماعي، والمعاملة مع الظواهر باسم الدين، كما قال.

وأردف: "بعد ما يقرب من ستة أشهر على فتح كابول كما يسمونه، لم تستطع طالبان حتى الآن تشغيل المطار أو على الأقل أن تنقل مكتبا حكوميا".

وفي الوقت الراهن عملوا على توظيف مستشارين من تركيا، وباكستان، وقطر في المجال نفسه. وجرى تجربة هذا الأسلوب في مواضع أخرى. 

في الصومال، وليبيا، وسوريا، ثلاثة دول أخرى مثل أفغانستان تعد "أراضي بلا حكومة"، جرى توظيف آلاف المستشارين والمعاونين الأجانب في الخدمات الإدارية والفنية على الأقل باسم الأشباح كما تسميهم الحكومة، وفقا لما ذكره الكاتب.

تلبية الاحتياجات

رابعا: لن تستطيع طالبان أن تعيد الاقتصاد الأفغاني الخارج عن الخط إلى نصابه، ويأملون من خلال "خطة أوسلو" على الأقل تضمن استمرار بقاء أفغانستان. 

ويعتقد الكاتب أنه لو نفذت "خطة أوسلو" في أفغانستان، احتياجات مثل المأكل والملبس، الصحة والعلاج، وحتى المسكن سيجري تأمينها عن طريق المساعدات المالية، والإنسانية، والمعونات السلعية بلا شك على أقل تقدير.

ستستطيع طالبان تخصيص المصادر المالية والإنسانية بشكل أكبر في الإنفاق على شراء الأسلحة والتجنيد لاستمرار حكومتها "بالاعتماد على العنف". 

بعبارة أخرى، ستكون المساعدات الدولية سبيلا لتقوية طالبان، وكلما شد عزمها، قل احتمال تشكيل حكومة وطنية بالمعنى الدولي المتعارف عليه. 

ويرى أن "تجربة المساعدات الدولية في المناطق التي يسيطر عليها حزب الشباب الإسلامي في الصومال توضح أن هذه المساعدات لا تسفر عن نتائج سوى تعزيز الجماعات الإرهابية".

ذكر الكاتب: من البديهي أن الاعتراف بطالبان باعتبارها حكومة شرعية من قبل الديمقراطيين الغرب ليس بالأمر السهل. 

في الغالب تعتبر طالبان من وجهة نظر أغلب الديمقراطيين، وفي الرأي العام "جماعة مكروهة ومحتقرة". 

ومن هذا المنطلق، اتخذ عرض صوريا موريا مضمون "الحيلولة دون فاجعة إنسانية". 

يقول الممثل البريطاني نايجل كيسي، إن هدف مفاوضات أوسلو إيجاد طريق للحيلولة دون القحط، وموت مئات الآلاف من الأفغان نتيجة للمجاعات.

لكنه ينسى أن وجود طالبان يقحم ملايين الأفغان في خطر القحط والمجاعات. ولم يكن مثل هذا الخطر محدقا قبل دخول الحركة إلى كابول بيوم واحد حتى، وفق وصف الكاتب.

واختتم مقالته قائلا: للأسف مفاوضات الأسبوع الأخير في أوسلو تشير إلى مسير خاطئ. هذا الخطر لا يزال موجودا حيث يتطور اعتراف ديمقراطيي الغرب بحكم الأمر الواقع لطالبان من ظاهرة مؤقتة إلى واقع مستمر.