الاتفاقيات العسكرية بين روسيا والهند.. ما الفوائد الخارجية العائدة على البلدين؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

ترى صحيفة إيطالية أن الاتفاقيات العسكرية بين الهند وروسيا، تفتح آفاقا مثيرة للاهتمام على رقعة الشطرنج الآسيوية.

وقالت "إيل كافي جيوبوليتيكو" إن الهند تعمل على زيادة مكانتها كقوة صاعدة، ليس فقط في المنطقة ولكن أيضا في الديناميكيات الدولية.

ووقع كل من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقيات عسكرية بمناسبة القمة الحادية والعشرين التي جمعت بين بلديهما في نيودلهي 6 ديسمبر/كانون الأول 2021.

مضمون الاتفاقية

أكدت الصحيفة أن المحور الهندي الروسي تعزز بشكل أكبر على أساس اتفاق ضخم نص على إنتاج وبيع صناعة الحرب الهندية لأكثر من 600 ألف بندقية كلاشينكوف AK-203.

بالإضافة إلى القيمة الدبلوماسية القوية للحوار الوزاري "2+2" بين الطرفين وهي صيغة للمشاورات بين وزراء الخارجية والدفاع لروسيا والهند، جرى خلال القمة توقيع 28 معاهدة مختلفة تنظم السوق الثنائية للمواد الخام مثل الفحم والحديد، تفيد الصحيفة.

أما في مجال الدفاع، ترى إيل كافي جيوبوليتيكو أن البلدين اتخذا خطوة إلى الأمام في تعزيز التعاون العسكري.

وأفادت بأنه في مقابل شراء شحنة كبيرة من البنادق الهجومية من الهند، ستسلم روسيا بعض بطاريات الصواريخ إس 400، بناءً على اتفاقية موقعة في عام 2018، وفق ما أكده وزير الخارجية الهندي هارش فاردان شرينغلا.

وبحسب دراسة أجراها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، لعبت روسيا دور أكبر مورد للأسلحة لشبه القارة الهندية بأكثر من 20 بالمئة من إجمالي صادراتها خلال فترة الخمس سنوات بين 2016 و2020.

وبالتالي، تعتبر الصحيفة الإيطالية أن هذه الاتفاقية تعزز الروابط الدبلوماسية التي بلغت نقطة تحول في أكتوبر/تشرين الأول 2000 بتوقيع البلدان الإعلان التاريخي للشراكة الإستراتيجية.

كما أدت الدوافع القومية المتجددة للبلدين، والتي أصبحت أقوى بعد صعود مودي زعيم حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي إلى السلطة، إلى تسارع وتيرة الشراكة والتحالف، تلاحظ الصحيفة.

تحالف واسع 

تشرح "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن القمة بين الزعيمين، بحضور وزيري الخارجية الهندي "شرينغلا" والروسي سيرغي لافروف، تأثرت بالتطورات الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة الآسيوية.

من جهته، قال بوتين "إننا قلقون بشأن تطور الوضع في أفغانستان". واعتبرت الصحيفة بأن عودة طالبان إلى كابول خلقت صداعا كبيرا لكلا البلدين، وخاصة الهند.

والهند تعتبر خصمها اللدود والحليف الرئيس للحركة الأفغانية، باكستان ملاذا آمنا محتملا لـ"مختلف الجماعات المتطرفة الأفغانية".

وهو ما يفسر تخصيص ميزانية إضافية إلى وزارة الدفاع الهندية، وفق تقدير الصحيفة الإيطالية.

بالإضافة إلى ذلك، أدت الزيادة في الإنفاق العسكري من قبل الصين التي بلغت مستوى قياسيا في حدود 200 مليار دولار في أوائل عام 2021، إلى رفع مستوى الحذر في نيودلهي.

في هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى أن الاحتكاكات التاريخية بين العملاقين لم تحل إلى الآن. وكانت قد بلغت ذروتها في نزاع مسلح كبير بالقرب من حدود الهيمالايا عام 1962.

وفي عام 2020، اندلعت الاشتباكات في منطقة لاداخ المتنازع عليها مما أدى إلى مقتل 20 جنديا هنديا فيما اتهمت الحكومة الهندية نظيرتها الصينية بتعمد تنفيذ تحركات استفزازية على الحدود.

على الرغم من العدوانية الصينية، ترى الصحيفة أنه من غير المحتمل أن تتكرر الحرب التي دارت قبل ستين عاما إلا أن مودي يجري استعدادات لذلك.

من جانبها، تواصل روسيا التسلح في ظل التصعيد المسجل في المسائل الأوكرانية والبيلاروسية، بالإضافة إلى الوضع الأفغاني والذي أعاد إلى الأذهان ذكريات مريرة للاحتلال السوفيتي عام 1979 والانسحاب اللاحق من كابول بعد عشر سنوات.

في خطته الواضحة للحفاظ على نوع من الهيمنة على الدول السوفيتية السابقة، لا يخفي بوتين مخاوفه من تسلل جماعات مسلحة من الأراضي الأفغانية بمساعدة المقاومة الشيشانية وهو ما قد يزعزع استقرار دولته التي أضعفها وباء كوفيد 19، وفق قول الصحيفة.

غموض مودي 

أوضحت أن البيان المشترك الصادر في نهاية القمة، تحت شعار "الشراكة من أجل السلام والتقدم والازدهار"، يخفي أضواء وظلالا عديدة ضمن ما يقرب من مائة نقطة.

على وجه الخصوص، تؤكد النقطة 66 على الحاجة إلى حوار متبادل في نزاعات منتدى الأمم المتحدة، بينما تنص النقطة 75 على اعتراف إيجابي للصيغة الحالية لمجموعة العشرين.

في حين تؤكد النقطة 91 على الدعم الهندي الروسي لخطة العمل الشاملة المشتركة بشأن الملف النووي الإيراني تأكيدا "لجهود مودي وبوتين في إطار التعددية على الساحة الدولية".

في المقابل، يمكن قراءة نقاط مثل النقطة 80 عن القلق المتصاعد بشأن الاستخدام المتزايد لأسلحة الفضاء على أنها تحدٍ خاصة من قبل روسيا تجاه الولايات المتحدة والصين. 

أردفت الصحيفة بأن قمة ديسمبر/كانون الأول كانت بمثابة إعلان خروج الهند من الانعزالية التي دامت عدة سنوات، والمرتبطة بالحاجة إلى إعادة تشكيل بيروقراطية مرهقة موروثة عن الاستعمار البريطاني ومن الامتداد الإقليمي الهائل.

لذلك، لفتت بالقول "على الرغم من أن برنامج مودي السياسي الداخلي غارق في النزعة القومية العدوانية، فإنه تمكن في وقت قصير من نسج شبكة علاقات يحسد عليها لم يكن من الممكن تصورها حتى سنوات قليلة مضت".

وتستدرك الصحيفة بأن دبلوماسية مودي تؤسس لتعددية غامضة من بعض النواحي ومفتوحة لجميع القوى الكبرى، دون عوائق على غرار ما عرفته المجموعة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا من تعزيز والذي لم يعرقل التوصل إلى اتفاق مع بوتين.

في الختام، ترى الصحيفة الإيطالية أنه سيكون من المثير للاهتمام ملاحظة التطورات متوسطة وطويلة المدى لهذه الإستراتيجية، خاصة إذا جرى دعوة الهند إلى تنحية حيادها الظاهر جانبا.

في الوقت الحالي، تجني الهند فوائد الدبلوماسية الصبورة دون أن تنسى التوسع الاقتصادي الذي يضعها في المركز الخامس على مستوى العالم مع إمكانية احتلال المراكز الثلاثة الأولى في غضون عشر سنوات.