هذه خارطة أبرز القوى الفاعلة بسوريا.. من يسد الفراغ الأمريكي؟

منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ما زالت تداعيات إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نهاية كانون أول/ ديسمبر الماضي، سحب قوات بلاده من سوريا، تشكل تحديا كبيرا لجميع القوى الفاعلة في البلد الذي مزقته الحرب طيلة 8 سنوات.

وأعلن الرئيس الأمريكي، الأحد، القضاء على تنظيم الدولة في سوريا بشكل كامل، مؤكدا في الوقت ذاته على قرار سحب قوات بلاده وطالب الدول الأوربية بتسلم 800 من عناصر تنظيم الدولة محتجرين لدى القوات الأمريكية.

وتضاربت الأنباء حول موعد محدد لانسحاب القوات بشكل كامل، فمؤخرا قرر ترامب تمديد الموعد النهائي من 30 يوما إلى أربعة أشهر، في حين صرح مسؤولون في إدارته أن القوات ستظل بسوريا إلى حين تحقيق مهمتها في المنطقة، وفقا لـ"نيويورك تايمز".

وعلى ضوء هذه المعطيات، تبرز تساؤلات ملحة حول الجهة التي تسد الفراغ بعد الانسحاب الأمريكي، وسط تواجد إقليمي ودولي كبير يتوزع في مساحات واسعة من الجغرافيا السورية؟ وما مصير حليف أمريكا "قوات سوريا الديمقراطية؟

خارطة القوى اللاعبة

وتسيطر أطرافا عدة على مساحات نفوذ عسكري في الداخل السوري، حيث تتركز قوات حزب الله اللبناني ومليشيات موالية لإيران على مناطق بجنوب غربي البلاد قرب لبنان والجولان، فيما تسيطر قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا على أجزاء من الشمال.

وشهد الشمال السوري في شهر أيار/ مايو 2018، قيام تركيا بنشر كامل نقاط المراقبة وفقا لاتفاق خفض التصعيد وأصبح عددها الكلي (12) نقطة. وبدورها أعلنت روسيا الانتهاء من نشر 17 نقطة مراقبة، 7 منها إيرانية و10 روسية.

وتخضع مدينة إدلب لسيطرة جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، بعدما أنهت أي تواجد لفصائل المعارضة، ولاسيما فصيل "نور الدين زنكي"، الذي توصلت معه لاتفاق، مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، يقضي بتسليم ريف إدلب الغربي بالكامل.

وفي 30 كانون الأول/ديسمبر الماضي بدأت اشتباكات في إدلب بين "حركة نور الدين الزنكي" أحد فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، و"هيئة تحرير الشام"، توسع نطاقها لاحقا إلى ريف حماة.

ويتقاسم كل من النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية المدعومة من واشنطن، محافظة الحسكة، إذ يسيطر الأول على مربع أمني بداخل مركز المدينة، إلى جانب احتفاظه بمقار أمنية وعسكرية في القامشلي والمطار، بينما تسيطر "قسد" على ما تبقى من المدينة وريفها.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية على محافظة دير الزور.

ويبسط النظام بشار الأسد سيطرته على أغلب مساحات سوريا، حيث يمتد من درعا جنوب البلاد وصولا إلى حلب، واللاذقية (شمال غرب) العاصمة دمشق، وغربا إلى الحدود العراقية.

من يسد الفراغ الأمريكي؟

في آخر اتصال للرئيس الأمريكي ترامب مع نظيره التركي أردوغان، الذي أعلن بعده ترامب نيته سحب قواته من سوريا، كشفت شبكة "سي أن أن" في 24 كانون أول/ ديسمبر الماضي، مقتطفات من المكالمة بين الجانبين، حيث قال ترامب: "سوريا كلها لك.. لقد انتهينا".

وقال الرئيس الأمريكي لنظيره التركي خلال مناقشة انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، إن الولايات المتحدة أنجزت مهمتها في سوريا، مؤكدا أن القوات الأمريكية سوف تغادر الأراضي السورية، وأن تركيا ستتولى مهمة القضاء على ما تبقى من تنظيم الدولة هناك.

ونشر رئيس الولايات المتحدة تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" قال فيها "إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبلغه بأنه سيقضي على ما تبقى من تنظيم الدولة في سوريا".

 

ما مصير "قسد"؟

يأتي ذلك، قبل أن يتراجع عن تصريحاته في 14 كانون الثاني/ يناير الماضي، بتوجيه تهديد عبر "تويتر" بـ "تدمير تركيا اقتصاديا" إذا شنت هجوما ضد الأكراد بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

وردت أنقرة على لسان المتحدث باسم رئاستها قائلة إن "مساواة الأكراد السوريين بالمسلحين الأكراد "خطأ فادح"، مؤكدة أنها ستواصل مكافحة المقاتلين الأكراد في سوريا.

Mr @realDonaldTrump It is a fatal mistake to equate Syrian Kurds with the PKK, which is on the US terrorists list, and its Syria branch PYD/YPG. Turkey fights against terrorists, not Kurds. We will protect Kurds and other Syrians against all terrorist threats. https://t.co/Yyzgyp9RQ4

— Ibrahim Kalin (@ikalin1) January 13, 2019

وفي رد فعل سريع، عبرت قوات "سوريا الديمقراطية" الحليف الذي سيكون الأكثر تأثر من الانسحاب الأمريكي، عن غضبها من القرار الأمريكي بسحب قواتها من سوريا.

وتعليقا على الموضوع، قال الكاتب سعيد الحاج في مقال له نشره على "فيسبوك" إنه "في الأصل، انسحاب القوات الأمريكية من سوريا لا يعني غياب دورها وانتهاء سياساتها تماما، أولا بسبب وجود قوات وقواعد عسكرية لها في المنطقة، إن كان في العراق أو تركيا أو غيرهما، وثانيا لأن الدور السياسي الأمريكي لا يعتمد حصرا على الوجود العسكري المباشر".

وأردف: "ثالثا لأن الولايات المتحدة تعمل على استدامة سياساتها وتحقيق أهدافها من خلال حلفائها وأصدقائها، بدءاً من قوات سوريا الديمقراطية، مرورا بتركيا، وليس انتهاء بالتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، فضلا عن بعض الدول العربية والكيان الصهيوني، وربما أيضا تفاهمات ضمنية غير معلنة مع روسيا".

من هذه الزاوية، رأى الحاج أنه "يمكن تقييم النشاط السياسي والدبلوماسي الأمريكي، من خلال جولتي بومبيو وبولتون في المنطقة، حيث تريد الولايات المتحدة تطمين بعض الأطراف المنزعجة من قرار انسحابها من سوريا، وتحذير بعض الأطراف الأخرى (النظام السوري مثلا) من أي تغييرات جذرية في المشهد السوري، وتحميل بعض أصدقائها مسؤوليات معينة بعد الانسحاب الأمريكي المفترض، في حال حصل".

وأضاف: "ورغم كل ذلك، لا يمكن بحال التقليل من شأن الانسحاب الأمريكي من سوريا على واقع ومستقبل قوات سوريا الديمقراطية؛ التي رهنت مشروعها بالقوات الأمريكية إلى حد كبير. ففي هذا الإطار، سيكشف الانسحاب المزمع ظهر هذه القوات، ويتركها أمام احتمالات عملية عسكرية تركية مباشرة ضدها. فهل تخلت واشنطن عن "حلفائها الأكراد"؟

"تحالف عربي"

ومن الجهات المقترحة لخلافة أمريكا في سوريا، هو "تحالف عربي"، فقد بحث الرئيس الأمريكي ترامب، استبدال قوات بلاده بأخرى عربية، تضمن الاستقرار لمناطق شمال شرقي سوريا، وهو ما أشار إليه ترامب سابقا، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن إدارة الرئيس ترامب، طلبت من دول الخليج المساهمة بمليارات الدولارات، وإرسال قواتها إلى سوريا لإعادة الاستقرار.

وفي الأثناء، حذر فريق عريض من النواب والساسة والعسكريين الأمريكيين ترامب من الانسحاب من سوريا؛ معتبرين أنه سيكون خطأ قد يزعزع استقرار المنطقة، ويخلق فراغا في الشمال السوري يمهّد للسيطرة الإيرانية أو عودة تنظيم الدولة".

وستكون مهمة القوة المقترحة العمل مع المقاتلين المحليين الذين تدعمهم الولايات المتحدة لضمان عدم قدرة تنظيم الدولة على العودة، ومنع القوات المدعومة من إيران من الانتقال إلى الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم، بحسب الصحيفة الأمريكية.

من جهته، رأى الخبير بالشؤون الروسية تيمور دويدار، في تصريحات صحفية، أن الوجود الأمريكي في سوريا كان رمزيا لا أكثر، وإن أغلب العمليات هناك كانت تتم من قواعد مجاورة، أو باستخدام الطيران.

ولفت إلى أن الانسحاب العسكري لن يترك فراغا على الأرض وكان متوقعا منذ العام الماضي، إذ أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وعد سابقا.

وأكد دويدار أن القوات الكردية المقاتلة الآن بين طرفين، تركيا والنظام السوري، متوقعا أن يقوم المقاتلون الأكراد بالتوجه نحو الحوار مع النظام السوري والخروج باتفاق إيجابي.

وتوقع الخبير الروسي أن الأزمة السورية في طريقها إلى الحل قريبا، وإن على المجتمع الدولي دعم جميع الأطراف في سوريا من أجل إعادة بناء البلاد.

ووصل عدد القوات الأمريكية، بحسب البنتاغون في العام 2017 إلى 2000 جندي، ويمتد وجودها من منبج (شمال غرب) حتى الحسكة (شمال شرق) مرورا بمحافظتي الرقة ودير الزور، إضافة لوجود قواعد لها على الحدود العراقية- الأردنية (جنوبي البلاد).