مناحرات متواصلة بين شرقها وغربها.. كيف تقصم أزمة الهجرة ظهر أوروبا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت إذاعة أميركية الضوء على المناحرات السياسية الدائرة بشأن أزمة الهجرة غير النظامية بين دول شرق أوروبا المتشددة من جهة ودول غرب وشمال القارة العجوز الليبرالية من جهة أخرى.

وأكدت إذاعة صوت أميركا أن هذه المعركة المحتدمة منذ سنوات تقابل بإصرار آلاف اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط ووسط آسيا، على استعادة حياتهم في القارة العجوز الثرية.

أداة صراع

وذكرت الإذاعة أن المهاجرين على الحدود المجرية ليسوا أداة للصراع بين شرق وغرب أوروبا وحسب، بل أصبحوا حطب معركة انتخابية حامية الوطيس هناك.

 وأضافت يتجمع مهاجرون هناك حول النار التي أوقدوها داخل مبنى مهجور في شمالي صربيا، في لحظات أخيرة من الدفء قبل أن ينطلقوا في الثلج باتجاه الأسلاك الشائكة والكاميرات وأجهزة الاستشعار في السياج الحدودي المكهرب على الحدود مع المجر.

وبعد بضع ساعات، يعودون، بعدما أحبطت جهودهم لعبور المجر باتجاه أوروبا الغربية بسبب السياج الذي يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار، ودوريات الشرطة المجرية الصارمة التي بعد اعتراضها لهم تصطحبهم للعودة عبر الحدود إلى صربيا.

 ويقول مختار أحمد، البالغ من العمر 26 عاما، القادم من مدينة حلب السورية، وهو جالس مع حوالي 35 مهاجرا آخر في المنطقة المؤقتة وهي معسكر خارج قرية مجدان الصربية، على بعد كيلومترين من الحدود المجرية: "أنا ذاهب إلى النمسا، سأذهب إلى ألمانيا، سأذهب إلى هولندا".

 وأضاف "أنا لا أقيم في المجر. ما المشكلة؟"

وبينما يشرع المهاجرون من سوريا وأفغانستان ودول أخرى في المرحلة الأخيرة من رحلاتهم الطويلة نحو الدول الأوروبية الأكثر ثراء، ويواصلون جهودهم للعبور بشكل غير نظامي إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر المجر.

تصر السلطات المجرية على إعادتهم إلى صربيا عندما يتم القبض عليهم وهو ما جعلهم جزءا من حملة سياسية يأمل فيها الزعيم القومي المجري الفوز في الانتخابات العامة في أبريل/ نيسان 2022.

استغلال سياسي

ويستند رئيس الوزراء فيكتور أوربان في حملته على السياسة الصارمة لمكافحة الهجرة ويحرص على استخدام احتمالية وجود موجة من المهاجرين تتكدس على حدود المجر كوسيلة حشد قاعدة ناخبيه المحافظين.

وزعم أوربان في تصريحات صحفية في ديسمبر / كانون الأول 2021 أنه تم "هذا العام فقط إيقاف واحتجاز أكثر من 100 ألف شخص، ولولا السياج المجري لكانوا في النمسا أولا، ثم لاحقا في ألمانيا".

ويزعم أوربان، أحد أكثر المعارضين صراحة للهجرة غير الشرعية في أوروبا، أن هذه الظاهرة تهدد باستبدال الثقافة المسيحية في القارة، وأن المهاجرين غير الشرعيين هم المسؤولون عن جلب عدوى مثل فيروس كورونا إلى بلاده.

ومع اقتراب انتخابات 3 أبريل، صوَّر ضغوط الهجرة الحالية على أنها أعلى مما كانت عليه في عام 2015، عندما جاء مئات الآلاف من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي هربا من الحرب والفقر في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، حين أمر ببناء  حاجز على حدود البلاد.

لكن الأرقام الصادرة عن المسؤولين الصرب ووكالة الحدود وخفر السواحل في الاتحاد الأوروبي تشير إلى أن عدد الأفراد الذين يحاولون دخول المجر أقل بكثير مما يدعي الزعيم اليميني.

وقال نيمانيا ماتيجيتش، كبير المسؤولين في مركز استقبال المهاجرين في مدينة سوبوتيتسا بشمال صربيا، إن ثمة ارتفاعا طفيفا في المستوى الحالي للمهاجرين على طول حدود المجر.

وأضاف "إنه رقم أكبر بقليل مما كان عليه قبل عامين.. لكن ليست أرقام كبيرة".

وبينما قدرت الشرطة المجرية عدد المهاجرين الذين اعترضتهم قواتها الأمنية بأكثر من 122 ألف مهاجر، أظهرت بيانات من وكالة الحدود الأوروبية فرونتكس أن هناك أكثر من 60 ألف محاولة عبور حدودية غير شرعية في 2021 على طريق الهجرة الغربي للبلقان، الذي يشمل الحدود بين المجر وصربيا.

وعلاوة على ذلك، نظرا لأن معظم المهاجرين يقومون بمحاولات متكررة للعبور، فإن عدد الأفراد المتورطين مازال أقل بكثير.

وضع مرير

وأفادت مفوضية صربيا للاجئين والهجرة أن هناك 4276 مهاجرا يقيمون في مراكز الاستقبال في صربيا وأن ألفا آخرين ينامون في ظروف قاسية.

ولجأ حكمد سيرات البالغ من العمر 20 عاما، القادم من إقليم ننجرهار بأفغانستان، إلى مبنى مهجور بالقرب من بلدة هورجوس الحدودية الصربية في يناير/ كانون الثاني 2022 حيث أدت موجة برد مفاجئة إلى انخفاض درجات الحرارة إلى 10 تحت الصفر.

وقال سيرات إنه يمكث في صربيا منذ 15 شهرا، وحاول مئات  المرات العبور إلى المجر لكن الشرطة  أعادته.

وأضاف سيرات: "حاولت مرات عديدة، 100 مر ، أكثر من 100 مرة.. في كل مرة، تعتقلني الشرطة وترحلني إلى صربيا".

وتُعرف هذه الممارسة، حيث تحرم الشرطة المهاجرين من الحق في التقدم بطلب للحصول على اللجوء ومرافقتهم عبر الحدود الوطنية، باسم "الصد".

وأعلنت المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي أنها غير قانونية وتنتهك معاهدات اللجوء الدولية.

وقال ماتيجيتش، رئيس مركز الاستقبال، إن المهاجرين يقومون بعشرات محاولات العبور .

وأضاف "أحيانا يحاول مهاجر العبور مرة واحدة وينجح ويكون محظوظ.. وأحيانا أخرى يحاول غيره أكثر من 50 مرة.. يحاولون ويحاولون مرة أخرى".

معاملة قاسية

وأبلغ عديد من المهاجرين عن تعرضهم لانتهاكات من قبل الشرطة بعد مغادرتهم الأراضي الصربية إلى المجر أو إلى كرواتيا أو رومانيا.

ويشمل ذلك تدمير الهواتف المحمولة أو سرقتها، والإجبار على الجلوس أو الركوع في الثلج لساعات، والضرب. وهي ادعاءات يصعب للغاية تأكيدها بشكل مستقل.

ولم ترد الشرطة الرومانية على أسئلة أسوشيتد برس لكن قيادة الشرطة الوطنية المجرية كتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني أنها "ترفض بشدة المزاعم التي لا أساس لها من الصحة" بشأن إساءة معاملة المهاجرين.

ومع ذلك، قال ماتيجيك إن مركز استقبال سوبوتيتسا سجل 150 حالة كسر في الأطراف في عام 2019.

وفي بعض الأحيان تكسر الشرطة هواتفهم. وفي بعض الأحيان تأخذ أموالهم. وفي بعض الأحيان تكسر أرجلهم وفق ماتيجيك  الذي أوضح "إنها تجربة مختلفة للجميع".

وطلب أوربان من الاتحاد الأوروبي أن يسدد للمجر ما لا يقل عن نصف التكاليف المتعلقة ببناء السياج الحدودي وصيانته وتسييره، الذي قال إنه بلغ نحو 1.9 مليار دولار على مدى السنوات الست الماضية.

وفيما يبقى الخلاف دائما بين أوربان مع الدول الأعضاء الأكثر ليبرالية في الاتحاد الأوروبي، فقد هدد أيضا بـ"فتح ممر يمكن للمهاجرين عبره أن يتقدموا إلى النمسا وألمانيا والسويد ومن يحتاجهم".

وعلى الرغم من المخاطر، قال فارس الإبراهيمي، وهو مهاجر مغربي في مركز استقبال سوبوتيتسا وينوي السفر إلى إسبانيا، إن صد الشرطة له 27 مرة لن يردعه عن المحاولة من جديد.

وقال: "سنحاول من جديد.. لن نستسلم أبدا سنحاول حتى ننجح. إنها مغامرة. نعبر، نذهب، يمسكون بنا، نعود، نذهب مرة أخرى. إنها مثل اللعبة بالنسبة لنا ".